ألكسندر إيزاك.. تحديات بحجم المخاوف!

تقرير / محمد العولقي

لم يكد المهاجم السويدي ألكسندر إيزاك يقيس أول خطوة في مشواره الاحترافي مع فريق ريال سوسيداد الإسباني، حتى تبينت له وعورة المسالك، فكان عليه أن يقبل تحديين في وقت واحد ، الأول : إثبات الوجود مع فريق ينتمي إلى فرق الظل في أوروبا ، و الثاني : الانقضاض السريع على مركز قلب الهجوم مع المنتخب السويدي، لتعويض اعتزال النجم الذهبي و أسطورة القرن في السويد المهاجم زالاتان إبراهيموفيتش ..

لطالما راهن إيزاك على موهبته الكبيرة لخطف أنظار الأندية الكبيرة في العالم ، و لطالما تحلى بالصبر في مشواره الاحترافي، لأنه يرى أن مغامرة خوضه تجربة مع فريق متوسط مثل ريال سوسيداد فرصة إثبات الوجود، و فرصة للفت الأنظار نحو مييزاته العالية و قدراته الهائلة كمهاجم متحرك يستلهم الكثير من فنيات إبراهيموفيتش .. دون سابق إنذار وجد الواعد الكسندر إيزاك نفسه في مقارنة صعبة مع ملهمه زلاتان إبراهيموفيتش، كان اعتزال السلطان الدولي قد ترك فجوة هائلة في الهجوم، وفي ظل محاولات ترميم الواجهة التكتيكية للمنتخب بزغت نجومية الواعد إيزاك بشكل مباغت ، ففي لحظة فارقة طيرت وكالات الأنباء نبأ تعاقد بروسيا دورتموند الألماني مع لاعب سويدي واعد قادما من النادي اليوناني أيك سولنا عام 2017 ، و سرعان ما تم وضع هذا الواعد تحت مجهر الرقابة قبل الاعتماد عليه في قلب الهجوم لتعويض العملاق إبراهيموفيتش ..

وبينما كان ألكسندر إيزاك يحلم بريال مدريد أو برشلونة بعد مساهمته الكبيرة في قيادة بروسيا دورتموند للفوز بلقب كأس ألمانيا، كان القدر يهيئ للصغير رحلة احترافية أخرى على عكس ما كانت تشتهي سفينته ..استوت سفينة ألكسندر إيزاك على جودي ريال سوسيداد صيف 2019 ، ولم يكن الصغير ليتأخر عن تسجيل اعترافه بعد توقيع العقد : ” لا بأس أنا هنا في ريال سوسيداد ، تحدي جديد مع فريق ينتفض ليضع له قدما بين فرق الصفوة في إسبانيا و أوروبا ، تبدو رحلة شائكة لكنها مثيرة، فمثل هذه الأندية تجعلك على المحك، وسوف أكافح لأن أكون شيئا يذكر مع سوسيداد”

مباراة لا تنسى ..

لطالما كان ألكسندر إيزاك ينظر إلى ريال مدريد على أنه الحلم، و لطالما ظلت نصيحة أستاذه و قدوته زلاتان إبراهيموفيتش ترن في رأسه : ” إيزاك .. لا تذهب إلى برشلونة مثلما فعلت ، فهناك لن تجد نفسك على الإطلاق ، ستكون مجرد هامش أو مرفأ ترسو عليه سفن غيرك ، ريال مدريد سيكون الخيار المناسب الذي سيتيح لك فرصة دخول التاريخ ..” وعندما خططت قرعة كأس ملك إسبانيا لتضع ريال سوسيداد وجها لوجه مع ريال مدريد على ملعب سانتياغو برنابيو في ربع نهائي الموسم الماضي ، لم يكن لدى ألكسندر إيزاك أية فكرة عما ينتظره في تلك الموقعة التي ليس لوقعتها كاذبة ..


كان المشهد بالنسبة لإيزاك مثل الحلم ، إنه الآن في معقل الفريق الذي طالما سعى أن يكون عضوا في منظومته الكروية ذات يوم ، كان يصوب نظرة نحو مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان ، ثم قال لنفسه : ” يا لها من لحظة ، هذا زيدان أمامي ، وكتيبة الميرنجي بكل عتادها على مرمى من بصري ، فلنأمل أن أترك هنا ذكرى خالدة لا تسقط بالتقادم ..”

أول ما تبادر إلى ذهن إيزاك طيف إبراهيموفيتش ، كان عليه أن يطرد علامات الذهول من رأسه ، و أن يصب تفكيره و تركيزه على مساعدة فريقه ، لم يلعب إيزاك لنفسه في اللقاء ، و لم يسع إلى لفت نظر زيدان ولاعبي الريال ، لقد قام بواجبه كلاعب ضمن منظومة فريق متعطش لإحداث الفارق في ليلة البرنابيو التاريخية ..تدفقت طاقة هائلة في دماء ألكسندر إيزاك ، بدأ للاعبي الريال وكأن هذا الطويل السويدي قد تعاطى كل مشروبات الطاقة ، كان يتحرر من الرقابة و يوقع على الهدف تلو الآخر .. فاز ريال سوسيداد على ريال مدريد بأربعة أهداف مقابل ثلاثة ، وتمت مهمة إقصاء الريال أمام جماهيره بصورة تتوارى أمامها مشاهد مخرج الإثارة ألفريد هتشكوك خجلا و كسوفا ..

لعب صاحب الرقم 9 الدور الأبرز في ليلة إقصاء ريال مدريد من ربع نهائي كأس ملك إسبانيا ، كان صداعا مزمنا لدفاع ريال مدريد ، فإيزاك لم يكتف بتسجيله لثلاثة أهداف رائعة ، بل كان عطاؤه مثيرا للدهشة و ملفتا للانظار ..لم يكن إيزاك مؤثرا على فريقه في بطولة الكأس التي بلغ نهايتها بنجاح فقط ، لكنه أيضا كان عاملا حاسما في كثير من مباريات لاليجا ، وعن طريق أهدافه و تمريراته الحاسمة قاد فريقه الموسم الماضي إلى المركز السادس ، وهو مركز مؤهل للدوري الأوروبي ..

لا لبرشلونة ..

يحمل ألكسندر إيزاك خلف ظهره الرقم 9 ، كما لو أن هذا الرقم تميمة حظه ، فهو رقم يتناسب تماما مع قدرات و مؤهلات هذا السويدي الذي يكافح هذا الموسم للتوقيع على موسم كبير يقوده نحو الفرق الأوروبية الكبيرة ..يتمتع إيزاك بقوام ممشوق و مرونة جسدية رائعة ، تخول له أن يكون ممتازا في الكرات الهوائية ، كما يمتلك طاقة بدنية عالية تمنحه سرعة البديهة داخل منطقة الجزاء ..

يراقب إيزاك الوضع في ريال مدريد ، يدرك تماما أنه القطعة الناقصة التي يحتاجها ريال مدريد في عمق الهجوم، لكن ريال مدريد لا يضعه أولوية، وهذا ما يجعل إيزاك يصوب تفكيره نحو مانشستر يونايتد كخيار مثالي يتناسب مع مؤهلاته البدنية بالذات.. ” ريال مدريد كما يبدو لي يركض خلف كليان مبابي و هالاند، ربما أكون خيارا ثالثا، لكن هذا يتطلب مني نقلة هائلة في الدوري الإسباني و الدوري الأوروبي ، لست هنا أعتبر خياري للريال حياة أو موت ، لأن فريقا مثل مانشستر يونايتد يستحق التفكير للانتقال إليه إذا سارت الأمور حسب ما يخطط لها ..”هناك برشلونة إيزاك يحتاج إلى تعويض هدافه لويس سواريز ..؟ ” بالطبع أنا خارج اهتمامات برشلونة، لأنني لاعب صندوق ولست مهاجما مزورا ، يريدون مارتينيز من الإنتر أو ديباي من ليون ، برشلونة بالنسبة لي لا ..”

الخلف لا يشبه السلف ..

يتشابه ألكسندر إيزاك في بعض الصفات مع زلاتان إبراهيموفيتش ، منها الطول و القوة الجسدية و الطاقة البدنية ، لكن زلاتان أكثر مهارة من إيزاك، و أكثر قدرة على التحمل، و هو أيضا لاعب شامل يستطيع أن يلعب في كل مراكز الهجوم بنفس الكفاءة ، على عكس إيزاك الذي يجد نفسه من مواليد منطقة الجزاء .. يقول مدرب منتخب السويد عن مقارنة إيزاك بإبراهيموفيتش : ” زلاتان لاعب يساوي شاكلة كاملة، لأنه يتحرك بزئبقية في مختلف مراكز الهجوم، وهو هداف وقت الشدة، و صانع ألعاب عند الحاجة، لازلنا نفتقده في المنتخب، لو كان معنا في مونديال روسيا لبلغنا فوق ما بلغناه هناك، لهذا السبب أتمنى أن يعدل زلاتان عن اعتزاله الدولي، و يعود لقيادة المنتخب في نهائيات الأمم الأوروبية صيف هذا العام ..”


وعن ألكسندر إيزاك يقول مدرب منتخب السويد : ” إيزاك مهاجم رائع للغاية، له أسلوب مختلف في بلوغ الهدف ، إنه دائما ينقض من الخلف للأمام لمضايقة الدفاع ، وهو بالنسبة لنا مهاجم لا غنى عنه ، نأمل أن يتطور مستقبلا ويكون خليفة إبراهيموفيتش بحق و حقيقة ..” يعلق ألكسندر إيزاك آمالا عريضة على هذا العام ، فهو بالنسبة العام الذي يراهن عليه للانتقال إلى فريق أوروبي كبير يشارك في دوري الأبطال ، و أمامه ثلاث جبهات لبلوغ حلمه الكبير ، تبدو للوهلة الأولى تحديات صعبة بحجم المخاوف ..


الأول : إنهاء الموسم مع ريال سوسيداد في مركز يؤهل لدوري الأبطال الموسم القادم ، لكن هذا الحلم يبدو صعبا لأن الفريق يترنح في الدوري على خلفية أنه سجل بداية سيئة انعكست على معنويات زملائه ..الثاني : ترك بصمة في الدوري الأوروبي، و الوصول إلى أبعد مدى في المسابقة التي تحتكرها الفرق الإسبانية على أساس أن كعبها في المسابقة مرتفع جدا .. الثالث : القفز دوليا مع منتخب السويد إلى مرتبة مرموقة في نهائيات الأمم الأوروبية الصيف القادم ، و إيزاك يحلم أن يكون هداف البطولة، و أن يكون نجما من نجومها .. والسؤال : هل يعيد زيدان النظر في التعاقد مع هالاند و ييمم وجهه شطر السويدي ألكسندر إيزاك..؟ أم أن هذا الهداف الخطير سيكتب ملحمة نجاحه كمهاجم قوي بعيدا عن قواعد الفريق الذي يعشقه ريال مدريد ..؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى