إستاد الثمامة .. عبق الزمان وأصالة المكان

 

توووفه – وليـد العبـري

يعدّ إستاد الثمامة سادس الملاعب التي يتم الإعلان عنها من أجل استضافة نهائيات كأس العالم “قطر 2022” وقد أعلنت عنه اللجنة العليا للمشاريع والإرث 20 أغسطس من العام والماضي وسيتسع لـ 40 ألف متفرج ويقع على بعد 12 كيلو متر من قلب مدينة الدوحة، الثمامة كان الملعب الأكثر تأثيرا في الثفافة والمجتمع القطري لأن الاسم مستوحى من رمز من رموز ثقافة الشاب القطري والعربي بشكل عام المتمثل في “القحفية” التي يلبسها الصغير والكبار على حد سواء.

تصميم أخّاذ ووجه برّاق

استوحي تصميم إستاد الثمامة من القحفية التقليدية في الوطن العربي، وقد سُمّيت بذلك لأنها القبعة التي تُغطي “قحف” الرأس أيْ قشرته. يرتدي الرجال القحفية تحت الغترة العقال في قطر والبلدان المجاورة، وبالرغم من اختلاف مسميات وتصاميم القحفية بين العرب، إلا أنهم يجتمعون على ارتدائها كقاسم ثقافي مشترك بينهم، سيتميز إستاد الثمامة كأيقونة ساحرة ملفتة للأنظار من الجو أو من الأرض، تضاف إلى لوحات الفن المعماري المنتشرة في أرجاء قطر، وذلك بفضل تصميمه الدائري الأخاذ، وسقفه ذي الملامح العصرية، وسيتكامل هذا المشهد الجوي للمنشأة المقترحة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢ مع ما سيعيشه أهل قطر وضيوفها على الأرض في هذا الإستاد والمنطقة المحيطة به، قاد مشروع تصميم إستاد الثمامة كبير معماريي المكتب الهندسي العربي إبراهيم محمد الجيدة والذي يعد أحد أشهر معماريي المنطقة، وتشهد على تميزه وإبداعه أعماله السابقة التي تتضمن مبنى وزارة الداخلية القطرية وقرية ومنتجع شرق ريتز كارلتون، ويعتبر المكتب الهندسي العربي أحد أكثر شركات الهندسة المعمارية عراقة في قطر وقد حصل على العديد من الجوائز المحلية والعالمية في مجال الهندسة المعمارية لأسلوبه الذي يعكس الثقافة القطرية والعربية والإسلاميـة.

استدامة وفق معايير عالميـة

استخدمت المنطقة المحيطة بإستاد الثمامة أثناء فترة تقديم ملف قطر لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢، لتشييد نموذج ثوري مصغر لإستاد كرة قدم، وقد لعب هذا النموذج المصغر البالغة سعته ٥٠٠ مقعد، والمحايد كربونياً، دوراً هاماً في استعراض قطر للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قدرتها والتزامها تجاه الابتكار والاستدامة خلال البطولة وما بعدها. لقد كان هذا الإنجاز نجاحاً عظيماً للوطن العربي بأسره حيث برهن على حرص المنطقة على مواجهة التحديات والتغلب عليها.

أصبح النموذج المصغّر الآن مركزاً للأبحاث، حيث ستستخدمه المنظمة الخليجية للبحث والتطوير حتى عام ٢٠٢٢ لإثبات القدرة على استخدام الطاقة الشمسية لتبريد الإستادات، وذلك بواسطة تقنيتها الهجينة الجديدة فائقة الكفاءة. واستناداً إلى الفكرة الرئيسية التي أسس عليها النموذج المصغر عند بنائه، سيبقى التزام قطر باستضافة نسخة مستدامة من بطولة كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠٢٢ متيناً وثابتاً، فمن خلال تقصير مسافات وزمن التنقل بين الإستادات، ستكون البصمة الكربونية لبطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢ أقل من النسخ السابقة بكثير .

يسعى فريق العمل القائم على المشروع الحصول على شهادة نظام تقييم الاستدامة العالمي من فئة الأربع نجوم وذلك في جانبي التصميم والبناء، يعتبر نظام تقييم الاستدامة العالمي أول نظام محايد للتحقق من المباني الخضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد تأسس بهدف الوصول إلى مستقبل أكثر استدامة، ويعد اليوم المعيار الأكثر شهرةً واعترافاً في قطر والمنطقة، يركّز القائمون على مشروع الإستاد على الكفاءة في استخدام المياه والطاقة، والالتزام بالحفاظ على التراث المعماري والثقافي للمنطقة، مما يعني أن إستاد الثمامة سيجسد تاريخ قطر العريق، متبنياً في الوقت ذاته أحدث وأرقى الممارسات ليصبح أيقونة رياضية في المستقبل، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

 

إرث من أجل مستقبل أكثر إشراقا

يتواصل العمل بوتيرة متسارعة في إستاد الثمامة والبنية التحتية المحيطة به، مع إنشاء شبكة طرق جديدة وبناء محطات مترو الدوحة بالقرب من الموقع، ما يتيح سهولة وصول الجماهير إلى هذا الإستاد المبهر، وبعد انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، سيتم تخفيض الطاقة الاستيعابية لإستاد الثمامة من ٤٠,٠٠٠ إلى ٢٠,٠٠٠ مقعد، وسيتم التبرع بالمقاعد المفككة من الإستاد للدول التي تحتاج إلى بنية تحتية رياضية.

 

وسيشهد الإستاد بطاقته الاستيعابية الجديدة أنشطة مختلفة، كاستضافة مباريات كرة القدم وفعاليات رياضية أخرى ليجمع أبناء الوطن العربي والمنطقة معاً، كما سيضم عيادة تابعة لمستشفى سبيتار المعتمد من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كمركز متميز في الطب الرياضي، وستقدم العيادة الخدمات اللازمة لعلاج الرياضيين المحترفين من داخل قطر وخارجها. وستصبح المنطقة المحيطة بالإستاد مركزاً مجتمعياً يضم منشآت ومرافق لرياضات متعددة مثل كرة اليد، والكرة الطائرة، وكرة السلة، والسباحة. وستحتوي المنطقة المحيطة مسارات للركض، وركوب الدراجات الهوائية، بحيث توفر متنفساً للرياضيين من الرجال والنساء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى