روما .. هل تحترق بنيران محمد صلاح؟

 

  • توووفه- محمد العولقي

 

(نيرون) تعرفونه بلا شك .. إنه الدكتاتور الدموي الذي التهم السباجيتي والبيتزا.. قبل أن يرمي عودا من الثقاب على أرض موحلة بالبنزين، ثم راح يعزف على الجيتار ويغني غناء هستيريا، و(روما) تحترق عن بكرة أبيها وأمها أمام عينيه.

غدا الأربعاء وعلى ملعب (الأولمبيكو) سيستخدم جيش روما كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة لمنع الفرعون المصري محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي من تكرار المشهد الدامي الذي خلفه (نيرون)، ويدرك لاعبو روما أن لا أحد يستطيع أن يتجرأ على إحراق روما مرة أخرى سوى هذا الفرعون الذي تربى وترعرع وتألق في روما، قبل أن يتنازل عنه برخص التراب لمصلحة ليفربول الإنجليزي.


اقرأ أيضا: واقعية زيدان..ثعلبية العجوز هاينكس.. ولعبة (كش ملك)

ووضع مدرب روما كتيبة انتحارية كاملة لمراقبة صلاح، لقد تحول الأمر عند مدرب روما الإيطالي دي فرانشيسكو إلى لقطة من أحد أفلام رعاة البقر عنوانه: “مطلوب القبض على الفرعون المصري حيا أو ميتا”. ويتحسر لاعبو روما على أنهم تركوا للفرعون الحبل على الغارب، حين أفرطوا في الرومانسية، وتجاهلوا أن تدمير كل قلاع (الليفر) يمر عبر إخراج صلاح عن الخدمة، كانوا كرماء مع صلاح في لقاء الذهاب على ملعب (أنفيلد)، تركوا له مساحات شاسعة تغرد فيها كل العصافير، ولم يحسنوا تكبيل صلاح كما فعل مدافعو ستوك سيتي في آخر جولات (البريمر ليج)، والنتيجة أن الفرعون الناري صال وجال، سجل هدفين بديعين، وأهدى مثلهما لمساعديه فرمينيو وماني، وفعل بدفاع روما البطيء ما فعله المشيب برأس ذلك الشاعر الذي تمنى عودة الشباب يوما.

لا أحد ينكر أن ليفربول يملك مجموعة رائعة، مندمجة ومصاغة بكل ذكاء من طرف المدرب يورغن كلوب، الألماني الذي درس الفيزياء، وجعلها حجر الرحى في مفكرته وحساباته التكتيكية، لكن كلوب نفسه يدرك أن فريقه بدون الفرعون محمد صلاح يفقد ثلاثة أرباع قوته الهجومية، بدليل ذلك الشلل الرعاش الذي انتاب خطوط الفريق الأحمر عند استبداله دون سبب مقبول أو مبرر معقول.

حقيقة.. فريق روما أدهش العالم عندما أطفأ قناديل برشلونة في إياب ربع النهائي، دون أن يكون مالكا لديون شعر، أو لنقل دون أن يكون مالكا لخصوصية (الريمونتادا)، لكنه قلب كل المعطيات، ونسف كل المعادلات، عندما حنط قدرات ليونيل ميسي الخارقة، وحوله مراقبوه إلى رميم تذروه الرياح.

لا يرغب مدرب روما أن تهتز شعرة واحدة في رأس خط الدفاع أمام صلاح، هو يرغب أن يجعل من صلاح طلسما في إطار خطة لعب تستهدف تهميش صلاح وحرمانه من التحليق في الميمنة وحتى في العمق، في الغالب سيستعين بذات الوصفة التي حنطت ميسي، وألغت كل امتيازات الفريق الكاتالوني الرهيبة.

لا شك أن كلوب منح روما قبلة الحياة في مباراة الذهاب، وتحديدا في آخر ربع ساعة من اللقاء العاصف، حينما نزع من (عود) الفريق وتر (زرياب) (أقصد محمد صلاح طبعا)، فبحت (الأوركسترا) الهجومية، وتعطلت (الجوقة) التناغمية، الأمر الذي سمح لفريق روما التنفس هجوميا، فسجل هدفين جعلا باب مباراة الإياب مفتوحا على مصراعيه أمام (ريمونتادا) جديدة، قد يدفع ثمنها ليفربول باهظا، ما لم يحسن الفرعون المصري محمد صلاح ترويض دفاع روما، وتحويل مراقبيه إلى مومياوات لا تسكن غير بيت الأشباح

حتى إذا كان روما مطالبا بتدمير كل الحس التكتيكي عند ليفربول، فإن تحويل دفاع ليفربول إلى شوارع يسرح فيه (دزيكو) وعصابته بلا حسيب ولا رقيب، يتطلب أمرين في غاية الأهمية، الأول، دفن قدرات وانطلاقات الفاتح محمد صلاح، ومحاصرة فرمينيو وسيدو ماني لمنع أي إمداد في العمق. والثاني، الضغط على دفاع ليفربول الذي يفقد هويته عند ممارسة التمرير (بليسنج) خلف لوفران وفان دايك.

ولمنع مرور لاعبي روما نحو الممرات الهجومية يتعين على كلوب تعديل معادلة خط الوسط، واللعب بمحوري لعب دفاعيين حتى يتسنى له منع كوارث عمق الدفاع، والأهم أن يبحث كلوب عن طعم أو وسيلة تبقي شباك روما في مرمى نيران محمد صلاح. وتبدو للمراقبين شاكلة ليفربول مغرية للأنظار، لكن عند التدقيق والتمحيص في أدوات التنفيذ نكتشف نشازات في العمق الدفاعي، سببها تلك الهوة الواضحة بين لاعب الارتكاز الوسطي وقلب الدفاع المتأخر

ويمثل محمد صلاح حلم مدينة إنجليزية جانبها الفرح طويلا، وهو أثبت أن اللعب الفردي ما زال يقاوم أساليب اللعب الجماعي، ولأن لاعبي روما متخوفون من سرعة إعصاره، فإنهم يتمنون أن تدفنه نوبة زكام مفاجئة تغيبه عن اللقاء، أو أن يدس أحدهم في إنائه منوما يمنعه من تفريخ الخوارق في مباراة يبدو فيها التأهل في متناول فريق ليفربول، ما لم تحدث معجزة أخرى تقلب الأمور رأسا على عقب

ويبقى السؤال الأهم هل يستطيع لاعبو روما إبطال مفعول صلاح لتسعين دقيقة كاملة؟ أم أن التاريخ سيتكرر بعد قرون ونشاهد (روما) وهي تحترق هذه المرة بقدم الساحر المصري محمد صلاح؟

قال مدرب روما ضاحكا: “حسنا إذا كانت روما تخشى حريق محمد صلاح، فإنني أعددت فرقة كاملة لإطفاء الحريق في مهده”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى