ميسي.. رحيل أسطورة

(إفي)-توووفه

سيكون من الصعب على المرء تخيل فريق برشلونة بدون نجمه الأبرز وهدافه الأسطوري والتاريخي، الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي رحل عن النادي بشكل غير متوقع بعد نهاية عقده وإزاء فشل إدارة الفريق الكتالوني في توفير راتب له امتثالا للوائح رابطة الدوري الإسباني (لاليجا)، ليستعد البلاوجرانا لخوض أول موسم له بدون أبرز لاعبيه والمهاجم الذي بسببه سطع اسم النادي خلال عقد ونصف ليصبح في مصاف أكبر أندية أوروبا.

فبرشلونة أصبح الآن “يتيما” بدون لاعب كان يسجل له 30 هدفا على الأقل في الموسم الواحد ويصنع له نصفها، لاعب كانت تصنع له كل الأندية المنافسة ألف حساب، لاعب كان حضوره يمثل ثقلا ويمنح الفريق الكتالوني أفضلية من الناحية المعنوية أمام أي فريق يواجهه، لاعب ساهم بموهبته وأخلاقه في الملعب وخارجه في إعلاء رمز نادي برشلونة في جميع أنحاء العالم.

ففجأة وبعد أن كانت مفاوضات التجديد تسير في الطريق الصحيح، وبعد أن هيأت جماهير برشلونة نفسها على مواصلة الاستمتاع بالنجم الأرجنتيني المخضرم صاحب الـ34 عاما والذي عاش أفضل صيف له بعد التتويج مع بلاده بأول لقب كبير (كوبا أمريكا) على حساب البرازيل، تغير كل شيء إلى النقيض.

فبعد وصول ميسي إلى مدينة برشلونة لتوقيع العقد الجديد مع إدارة الرئيس الجديد للنادي، جوان لابورتا، الذي تم انتخابه في حقبة ثانية بعدما تعهد بالإبقاء على (البرغوث) بعد موسم انتهى فيه عقده مع النادي، فوجيء اللاعب الذي كان قد وصل لبرشلونة طفلا وهو في الـ13 من عمره، باستحالة تسجيل عقده بسبب تحديد رابطة الليجا الإسبانية لسقف للرواتب، رغم موافقته على خفض راتبه بواقع 50%.

وظهر ميسي بعد إعلان رئيس النادي استحالة استمراره، وسط بكاء هيستيري، في مؤتمر صحفي لوداع النادي وأنصاره في برشلونة، وهو يؤكد أنه كان يرغب في الاستمرار لولا تلك العوائق الصادرة من لاليجا “أعيش أصعب أوقاتي، فعلت كل شيء من أجل البقاء. لابورتا أخبرني أن كل شيء جاهز، بعدما لم تسر الأمور على ما يرام بسبب لوائح لاليجا. قمت بكل شيء ممكن من أجل البقاء، لكن لا أعلم إذا كان البرسا قام بنفس الشيء أم لا. لم أكن أتخيل أنني سأشهد هذه اللحظات والوداع على هذا النحو، كنت أتطلع للوداع في الملعب، حرمتني الجائحة من توديع الجمهور بالطريقة المناسبة. بالتأكيد سأعود إلى هنا قريبا، لقد عاهدت أسرتي على ذلك”.

وبهذا الشكل يرحل الأسطورة الحية الذي لطالما سطر أحرف من ذهب في تاريخ نادي برشلونة، محققا إنجازات لم يستطع أي لاعب آخر الوصول إليها، ليستحوذ على معظم الأرقام الفردية ويقود ناديه للمجد من ناحية الألقاب.

فقد توج ميسي مع برشلونة بـ35 لقبا، منها عشرة ألقاب للدوري الإسباني، وأربعة لدوري أبطال أوروبا (من أصل 5 توج بها النادي في المجمل)، إضافة لفوزه بكأس الملك سبع مرات والسوبر الإسباني ثماني مرات ومونديال الأندية ثلاث مرات والسوبر الأوروبي ثلاث مرات.

وميسي أيضا هو أكثر من ارتدى قميص برشلونة (778 مرة) وهو هدافه التاريخي (672)، كما أنه الهداف التاريخي لليجا (474 هدفا في 520 مباراة) والأكثر تتويجا في العالم بالكرة الذهبية لأفضل لاعبي العالم وكذلك جائزة الحذاء الذهبي (6 مرات في الحالتين).

كما يعد ميسي هو أكثر من سجل أهدافا في موسم واحد بالليجا (50 هدفا) في موسم 2011-2012.

وسيمثل رحيل ميسي عقبة كبيرة أمام الكتيبة الكتالونية بقيادة المدرب الهولندي رونالد كومان الذي يتعين عليه بدء حقبة جديدة بدون “الماكينة الأرجنتينية”، حيث ينتظر أن يعاني الفريق تهديفيا لفترة ما قد يؤثر على مشواره نحو الألقاب، حيث لم يتوج سوى بلقب وحيد خلال آخر موسمين.

ولم يحسم صاحب القميص رقم 10 بعد وجهته القادمة التي سيختتم بها على الأرجح مشواره الرياضي، لكنه وكما أفصح خلال المؤتمر الصحفي، سيرحل إلى ناد يستطيع من خلاله مواصلة البحث عن الانتصارات والتتويج، خاصة وأنه يشتاق للفوز مجددا بدوري أبطال أوروبا، وهو ما يعني استحالة عودته إلى بلاده أو تجربته الآن للاحتراف بالدوري الأمريكي للمحترفين، كما أشيع.

وتشير كل التقارير إلى أن الوجهة القادمة لميسي هو نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، الذي يضم كوكبة من نجوم كرة القدم ويتطلع للبحث عن أول ألقابه في التشامبيونز ليج.

وأقر “البرغوث” بوجود مفاوضات مع إدارة النادي الباريسي القطرية حاليا، وحال تأكيد انضمامه إليه، سيلعب إلى جوار العديد من أصدقائه الحاليين وزملاءه السابقين، تحت قيادة مواطنه ماوريسيو بوكيتينو.

وحال انتقاله سيعود ميسي للعب إلى جوار صديقه البرازيلي وزميله السابق في البرسا، نيمار دا سيلفا، ومواطنيه ماورو إيكاردي، لياندرو باريديس وأنخل دي ماريا، بكتيبة تضم نجوما كبارا أمثال كيليان مبابي في الهجوم وجيورجينيو فاينالدوم ورافينيا ألكانتارا، زميله السابق أيضا في برشلونة، بمنتصف الملعب، وسرخيو راموس وأشرف حكيمي في الدفاع وجيانلويجي دوناروما وكيلور نافاس في حراسة المرمى.

وتقترب أقدام ميسي من باريس في الوقت الذي نفى فيه مدرب النجم الأرجنتيني السابق، بيب جوارديولا، والذي لطالما حلم بقيادته مجددا بعد مجد السداسية التاريخية في 2009، امكانية تعاقد مانشستر سيتي معه “لا نفكر الآن في التعاقد مع ميسي” بعدما أشاد بموهبة النجم الأرجنتيني وأنه “كتب تاريخا فريدا من نوعه ونقل البرسا لمستوى آخر، وقاد الفريق للسيطرة على العالم على مدار عقد من الزمان رفقة زملائه”.

كما استبعدت إدارة بايرن ميونخ الألماني أيضا امكانية التعاقد مع اللاعب الأرجنتيني، حيث صرح المدير الرياضي للنادي، حسن صالح حميديتش “انضمام ميسي للبايرن غير ممكن للأسف، لم نتفاوض مع ليونيل، هذه أرقام لا يمكن تصورها في بايرن ميونخ”.

وفي الوقت نفسه أكدت العديد من وسائل الإعلام الفرنسية أن موعد وصول ميسي للعاصمة باريس قد اقترب وأن العقد الجديد سيكون جاهزا خلال الساعات القادمة، حيث يتوقع أن يلعب ميسي بصفوف بي إس جي لعامين مقابل راتب سنوي يبلغ نحو 25 مليون يورو، وفقا للتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى