الشهد في باريس والدموع في كتالونيا ..!

كتب: محمد العولقي

مشهدان متناقضان سيظلان أهم من أي اكتشاف أو اختراع في هذا القرن ..

الأحد .. بكى العالم عن بكرة أبيه وأمه مع ليونيل ميسي.. بكاء الوداع عن عالمه الكتالوني المهووس بألوان البلوجرانا..

الثلاثاء .. فرح العالم مع باريس .. فنور ميسي غطى على كل أنوارها .. وتجاوز شهرة موضتها وعطورها .. وتاريخية برج إيفل .. يجوز لمتحف اللوفر أن يتخلى عن وقاره و يفاخر أنه التقط صورة مع ميسي..

وبين دموع الأحد وشهد الثلاثاء ..و قف العالم يترقب هذه الدراما بكل فصولها وتقلباتها العاصفة..

إنه ليو وحيد عصره .. شغل العالم مرتين .. مرة عندما توقف نبض تاريخه مع برشلونة فجأة .. ومرة عندما منح حياة أخرى لباريس التي فتنها هذا الساحر الأرجنتيني وأفقدها صوابها .. أمسى ميسي بين عشية وضحاها أهم من سياسة ماكرون .. وأشهر من أولمبياد باريس .. الوحيد الذي يتحكم ببورصة باريس العالمية..

النادي الباريسي الذي ينفق على صفقاته من ذهب المعز ونفطه .. سيربح جراء هذه الصفقة .. ستنتعش مداخيل النادي .. ستبلغ مبيعات قميص ميسي رقما عالميا مخيفا..

ستدور في فلكه إعلانات خيالية .. وسيلتهم ميسي كل ترندات السوشال ميديا .. ميسي سيقبض ملايين فلكية وهذا حقه .. وباريس سان جرمان سيكسب الكثير .. سينعش اقتصاده .. ويزيد من نسبة السياحة في زمن كورونا .. ويرفع من قيمته عالميا .. يكفي أن باريس ستفرض نفسها محورا للكون حتى إشعار آخر .. الحكاية هنا (بزنس) .. سياسة .. و مال .. ترويج جذاب .. رفع القيمة التسويقية للدوري الفرنسي .. وجود ميسي في باريس ليس نهاية الخدمة كما تظنون .. إنها عملية مدروسة .. أرقامها ومكاسبها محسوبة بدقة متناهية ..

كان خيار مغادرة برشلونة صعبا .. لكن المحامي خوان لابورتا كان مخيرا بين الانتصار للحاضر القصير أو الانتصار للمستقبل الطويل ..فداس هذا الكتالوني على قلوب محبي وعشاق برشلونة .. المستقبل أهم من ميسي .. حتما سينتهي ميسي يوما ما .. وستبقى برشلونة للأبد..

الحداد في برشلونة سيطول فمن الصعب أن تغلق حنفية التاريخ وتغير مجراه دون مرحلة انتقالية .. و هذا قدر برشلونة .. وقدر ميسي الذي جاهد للبقاء في مملكته .. فلقي أبواب ناديه مغلقة بالشمع الأحمر..

حتما ستطول أفراح وليالي ملاح باريس .. سيزينها هذا (العفريت) .. سيكتب بدموعه هناك رواية أخرى تخرج بؤساء فيكتور هوجو من فقرهم..

في كتالونيا ستتوقف عجلة الاقتصاد .. ستتباطأ سرعة المداخيل .. لم يعد الملهم يبيض لبرشلونة الذهب .. لن يجد البرشلونيين وسط أحزانهم وحدادهم سوى شاربي الرسام الكتالوني الشهير سلفادور دالي يعلقون على مشجبيه معلقات القهر ..

ميسي عندما حاول أن يشرح مأساته للعالم .. وقف حائرا .. مثل متحف للتاريخ يفتش عن تحفة وداع .. كان أول لاعب في تاريخ كرة القدم يحكي للعالم حكاية العشرين عاما بالدموع، ومن غير ليونيل ميسي يمكنه أن ينتزع تصفيق العالم بدموعه ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى