الكثيري.. ماسة عمانية أطفأت الحرب بريقها

كتبت- ترياء البنا

في لقاء عمان وفيتنام ضمن الجولة الرابعة بالتصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لمونديال قطر 2022، سجل النجم محسن جوهر هدفا عبقريا، حين سدد الكرة من الركلة الركنية مباشرة بالمرمى، هدف أعاد للأذهان العمانية تلك الماسة التي انطفأ بريقها سريعا، ليذكر الجميع بلاعب مر من هنا كان أعجوبة زمانه، لاعب من كوكب آخر، اعتبره الكثيرون الأفضل في تاربخ الكرة العمانية.

محمد عامر الكثيري، لاعب النصر ومرباط، صانع ألعاب من طراز فريد، تميز بتمريراته الدقيقة، والسرعة والمهارة، وأهم مميزاته كان التسجيل من الركلات الثابتة، خاصة الركنيات، فهو الذي سجل 5 أهداف من أصل 6 ركنيات في كأس العالم للناشئين بالإكوادور 1995.

وقصة الكثيري مع كرة القدم تعد مأساة حقيقية، فرغم أن تلك الموهبة كان من المنطقي والبديهي أن تصل للعالمية، ولم لا وهو أفضل لاعب على وجه الكرة الأرضية بعد تألقه بمونديال الناشئين بالإكوادور 1995، وثاني هدافي البطولة، وصاحب الحذاء الفضي، وكان السبب الأبرز في تحقيق الأحمر إنجازا عالميا لأول مرة في التاريخ، بتحقيق المركز الرابع بالمونديال العالمي، كما أنه أفضل لاعب في آسيا، والوطن العربي 1996، وأفضل لاعب عربي صاعد في نفس العام، ورياضي العام في عمان 1996، وأول لاعب عربي يشارك بسحب قرعة مونديال فرنسا 1998، وهو يدين بالفضل فيما حققه للمدير الفني البرازيلي هوفمان، الذي كان يصر يوميا بعد انتهاء التدريبات على تسديده 50 ركلة ركنية بقدمه اليمنى ومثلها باليسرى، ولكن الحظ العثر للكثيري حال دون تحقيق حلمه، فأصبح بين ليلة وضحاها من ضحايا التجاهل والإهمال.

وما يدعو للحسرة أنه بعد مونديال الإكوادور وتألق الكثيري، انهالت عليه العروض من الأندية الكبرى، برشلونة، ومانشستر يونايتد، وبايرن ميونخ، وأتلتيكو مدريد، لكن الاتحاد العماني تسبب في إفشال أي من تلك الصفقات، حين وضع شرطا بأن يشمل العرض 4 لاعبين آخرين، الأمر الذي أحبط الكثيري وجعله يترك كرة القدم، حيث صرح: “رفضت الأمر برمته، أرفض الاحتراف بالتنزيلات والجملة، تم تهديدي بالسجن، فكرهت كرة القدم، فهل يعقل أن يتحول حلمي من الاحتراف بأوروبا إلى السجن؟، كما اعتذرت عن المشاركة في خليجي 13 التي استضافتها مسقط 1996، أمقت ذلك اليوم الذي مارست به كرة القدم، ولو عاد الزمان بي لما ركلتها بقدماي نهائيا، بسبب الظلم الذي عايشته”.

ولم يتوقف الأمر بالكثيري عند ذلك الحد، حيث عاش لفترة طويلة لايمتلك وظيفة أو سيارة، حتى خدمته الظروف عن طريق أحد أصدقائه والذي يعمل بالديوان، ليقابل السلطان قابوس- طيب الله ثراه-، لينهي مأساته بمنحه قطعة أرض وسيارة ووظيفة بوزارة الرياضة.

إن مسيرة الكثيري القصيرة تدعو للحسرة والدهشة، ففي الوقت الذي تنشر فيه الدول كشافيها لالتقاط المواهب وتنميتها وتصديرها ليكونوا سفراء لبلادهم، تواجه مواهبنا التجاهل والمحاربة، وفي النهاية نتساءل، لماذا لا نحقق تقدما وتطورا على المستويين الإقليمي والدولي!!!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى