العلاقة بين الهرم المقلوب والاتحاد العماني لكرة القدم

نقرير- المر بن محمد الهاشمي

(1)

قدر لي كمتابع أن أطلع على جدول مباريات دوري تحت (17) سنة ودوري تحت (19) سنة اللذين ينظمهما الاتحاد العماني شكليا حتى يقال هناك دوري مراحل سنية بعيدا عن المستوى الفني والمأمول من الفئات السنية- رغم ابتعادي عن العمل الرياضي- دوري تحت (17) سنة يشارك به (24) ناديا مواليد(2006/2007)، ودوري تحت(19) سنة أيضا يشارك به(24) ناديا مواليد (2003/2004/2005)

ولك أن تتخيل أن الدول المتقدمة كرويا والتي تنشد التطور تنظم دوريات لكل فئة عمرية (وربما قلة الإمكانيات هنا هي السبب) ولكن دمج ثلاث فئات بفئة واحدة لم أجد له مبررا، وبمشاركة (24) ناديا فقط بكل فئة هذا يعني أن الفرصة متاحة لحوالي (840) لاعبا لتسجيلهم كلاعبين للتدريب وللمنافسة وبلا شك ليس جميعهم سوف يلعبون بمباريات البطولة، وأيضا عدم مشاركة(20) ناديا بالفئتين.

وهذا يعني أن هناك حوالي (700) ناشئ وشاب بكل فئة قد حرموا من فرصة التدريب والمنافسة، وبالتالي حرمان العديد من المواهب من التمتع بصحة جيدة واكتشاف موهبته، والدوري يلعب خلال مدة لا تتجاوز الشهرين يلعب به كل نادي بالدور الأول (9) مباريات فقط، تزداد في حال تأهل النادي للمرحلة الثانية، وقسم بنظام المجموعات كل (4) اندية بمجموعة وهو أيضا ما لم أجد له مبررا، وهو بلا شك دوري شكلي ضعيف بعيدا عن ما يجب أن يكون، وبلا شك واضعوه لم يستشيروا الفنيين المختصين بكرة القدم، وهذا يعني أن مدة التدريب والمنافسة التي يقضيها اللاعب الشاب والناشئ بأقصى احتمال لن تتجاوز ثلاثة أشهر إلى ثلاثة أشهر ونصف.

السيب وعمان – دوري الناشئين

ومن المعروف والثابت أن العمر الذي يبدأ به الأطفال ممارسة الرياضة مهم جدا في أن يصبحوا أبطالا فعدد الساعات التي يقضيها الطفل الرياضي بالتدريب بالأسبوع مهم والدراسات والتجارب السابقة تشير إلى أنه يجب أن يتراكم عدد ساعات الممارسة والتدريب أكثر من عشر سنوات أي 10000 ساعة من التدريب في الرياضة.

ومن المعروف أيضا أن خبرة المباريات تأتي على رأس قائمة العوامل المساعدة على رفع قدرات اللاعب وكلما زاد عدد المباريات وتحسنت نوعيتها كلما حقق اللاعب تطورا أفضل في قدراته الحالية، واقترب من الوصول إلى أقصى مستويات قدراته المحتملة.

فكيف سيقدم اللاعب العماني الشاب والناشئ بدوري شكلي ضعيف مستويات كبيرة عندما يصل للمنتخب ونحن بعيدون كل البعد عن العلم والتجارب السابقة؟ وما هي الخبرة التي يمتلكونها لمقارعة كبار القارة الآسيوية والعالم؟ بل حتى اللاعبين في منطقتنا الخليجية التي تشهد كرة القدم بمختلف دولها تقدما ملحوظا وخصوصا (السعودية وقطر والإمارات)، في مقابل اتحاد كرة قدم لدينا تركيزه فقط على المنتخب الأول، لا يعطي الاهتمام المطلوب لقطاع الفئات السنية من أجل إعداد اللاعبين بشكل جيد لصقل موهبتهم بوقت مبكر.

(2)

إن أي تطوير منشود لكرة القدم العمانية لا يعطي أولوية واهتماما كبيرا للفئات السنية هو تطوير واهم، والرئيس الراحل أنور السادات يقول “إن التمني بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض عقل أي إنسان محب لوطنه أن يقع في سرابه أو ضبابه، وما دامت القاعدة بخير فإن كل شيء بخير”.

وهذا الأمر السلبي في الاهتمام بالفئات السنية انعكس على ضعف المنتخب الأولمبي وغياب كامل لباقي المنتخبات السنية (براعم / ناشئين / شباب) وبالتالي نتائجه كانت وستكون حاضرة بلا شك في المنتخب الأول.

(3)

رؤية الاتحاد العماني لكرة القدم يجب أن تتسم بشفافية أعلى مما هي عليه الآن، وأن تتقبل الرأي والرأي الآخر إذا ما أرادت أن تحقق تقدما في كرة القدم العمانية، فيجب أن يعلن لجماهير ومحبي وعشاق كرة القدم بعمان ما هي الرؤى الواقعية المستقبلية للنهوض بكرة القدم وأن تكون هناك خطة منهجية واضحة معلنة للجميع على الأقل للأربع سنوات القادمة، وأن نرتفع بمستوى الشفافية عملا لا قولا، لتنطلق كرة القدم العمانية للمرحلة المقبلة من نهضتنا المتجددة ورؤية عمان 2040 بخطى واثقة لتكون على أفضل وجه ومتوافقة مع التطلعات والآمال.

(4)

وعودة للفئات السنية التي هي القاعدة والأساس التي يبنى عليها نجاح ومستقبل أي رياضة بالعالم وكرة القدم العمانية فمن باب الشفافية أيضا التي يتخذها الاتحاد شعارا له أن يعلن عن المشاريع التي أعدها ضمن خططه والتي يمكن أن تسهم في تطور قاعدة اللعبة بما يحقق الطموحات لنهضة كروية قادمة بعمان، وإن كانت غير موجودة فأقترح على الاتحاد حسب الإمكانيات الحالية تبني المشاريع الآتية وتوفير سبل النحاح لها وهي:

  • إنشاء أكاديميات تعليم كرة القدم مع مدرسة لحراس المرمى بالأندية بالتعاون مع الوزارة واللجنة الأولمبية والاتحاد المدرسي.
  • استحداث مسابقات جديدة للفئات (11/12) سنة وفئة (13 /14) سنة.
  • تنظيم عمل الأكاديميات الخاصة القائمة ووضع منهج تدريب موحد لها.
  • الاهتمام بمدربي المراحل السنية والأكاديميات وتوفير دورات تدريبية لهم على مستوى عالي.
  • إنشاء صندوق (دعم الفئات السنية بكرة القدم) بالتنسيق مع الوزارة واللجنة الأولمبية وغرفة تجارة وصناعة عمان يوفر دخلا ماليا لتمويل فرق المراحل السنية بالأندية.
  • إلزامية جميع الأندية الرياضية بالمشاركة بدوري الفئات السنية.

(5)

إن التدخل من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب واللجنة الأولمبية العمانية والجمعية العمومية والقيادات الرياضية والإعلام الرياضي بالسلطنة لتقوم بما عليها لتصحيح مسار كرة القدم العمانية أصبح ضرورة ملحة وأمرا عاجلا، وبناء منظومة متعاونة لتوفير سبل الدعم للفئات السنية، وهذا بلا شك سيساعد الأندية كثيرا في توجيه الاهتمام بهذا القطاع من خلال الحوافز المقدمة، وسيكون مردوده إيجابيا بإذن الله في السنوات المقبلة للأندية وللمنتخبات الوطنية في اكتشاف وإبراز عدد من اللاعبين يتمتعون بصحة جيدة وإمكانيات عالية للمنافسة خليجيا وعربيا وآسيويا وعالميا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى