ثعلب خرج من الجحيم

كنبت- ترياء البنا

من أفضل لاعبي كأس العرب المقامة حاليا في قطر، بالنسخة الاستثنائية للبطولة التي عانت كثيرا لكنها عادت بقوة فارضة نفسها على الساحة الكروية، لتخطف أنظار العالم حتى قبل انطلاقها باعتبارها بروفة مصغرة للمونديال العالمي الذي تستضيفه قطر بعد أقل من عام.

لاعب من طراز فريد، صنع الفارق مع منتخب الجزائر مسجلا اسمه منقوشا بعقول وقلوب العرب أجمع، لم أعرف يوسف بلايلي خلال هذه البطولة فقط، ولكنني منذ وقت طويل أدرك قيمته وقدراته الكروية حين تقاتل على ضمه قطبا الكرة المصرية، خاصة وأن اهتمام الأندية المصرية دائما يتجه نحو تونس والمغرب والجزائر، تمنيت أن ينضم للزمالك لما يتمتع به من قوة وجرأة في وسط الملعب وهو ما كان بنقص الملكي المصري، إلا أنه خرج إلى آسيا.

لا يعرف الكثيرون أن بلايلي عوقب من قبل الاتحاد الأفريقي بالإيقاف لمدة 4 سنوات، خففت في النهاية إلى عامين، على خلفية قضية تعاطي مخدرات، وكادت حياته الرياضية تنتهي حيث كان الاتحاد الجزائري ينوي سجنه لعامين، ورغم تلك المحنة القاسية أثبت محمد يوسف بلايلي أنه ثعلب يمتلك الإرادة التي ذهبت به إلى حيث تمنى، إلى منصات التتويج.

خلال عامي التوقف اجتهد محارب الصحراء واشتغل على نفسه ولم يتوقف عن التدريبات منفردا واللعب مع فرق الهواة، حتى انتهت العقوبة في 2007 وانتشله الجزائري سعيد شعبان رئيس نادي أنجيه الفرنسي، لينضم للفريق ويتألق، لكنه لم يستمر في فرنسا، وكأنه عقد العزم على العودة ليثبت للجميع قدراته رافعا رأسه للسماء.

عاد بلايلي من بوابة الترجي التونسي الذي صنع معه مجدا لا ينسى، بالحصول على لقب الدوري، ولقبين في دوري أبطال أفريفيا 2018، 2019، ومنه انتقل إلى الأهلي السعودي، ثم قطر القطري، كما تحقق حلمه بالعودة لمنتخب الجزائر حين ضمه المدرب الوطني القدير جمال بلماضي قبيل كأس الأمم الأفريقية 2019.

وانتظرنا بطولة الأمم الأفريقية التي استضافتها مصر 2019، لنستمتع بأداء بلايلي رفقة عمالقة محاربي الصحراء رياض محرز، بغداد بونجاح، عيسى ماندي، بن سبعيني، وياسين إبراهيمي، ولم يخيب بلايلي الظن فيه، فتألق في البطولة ونجح مع زملائه في حصد لقبها للمرة الثانية في تاريخ بلد المليون شهيد.

وعاد بلايلي في 2021 للتألق ثانية، ومن منا سينسى هدفه من منتصف الملعب أمام منتخب المغرب في دور الثمانية، وهو أجمل أهداف البطولة، (هذا الهدف ليس الأول لبلايلي بهذا الشكل فقد أحرز نسخة منه في مواجهة الغرافة بالدوري القطري)، كما أنه صاحب هدف بطاقة تأهل الجزائر إلى النهائي العربي أمام قطر في الدور قبل النهائي، ولازلت أراهن على بلايلي بأنه ربما يكون صاحب الكلمة الفصل في خطف محاربي الصحراء للقب كأس العرب حين يلتقون تونس في النهائي الأفريقي الخالص.

واليوم، يبدأ بلايلي مسيرة جديدة هي بنسبة كبيرة بأحد الأندية الأوروبية الكبرى بعدما فسخ تعاقده بالتراضي مع نادي قطر، في تحد جديد للثعلب الساحر، إنها تفاصيل صغيرة من قصة محارب أصبح نجما عربيا، تجسد معنى التحدي والإرادة الفولاذية لمن يؤمن بقدراته، ليكون مثالا يحتذى لكل من يواجه ضغوطات في مشوار حلم الوصول إلى العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى