سر القفاز الذهبي

كتبت- ترياء البنا

منذ انطلاق بطولة كأس العرب قطر 2021، والتي انتهت سريعة على عشاق ومتابعي كرة القدم، بفوز منتخب الجزائر المستحق بكل جدارة باللقب، منصفة المدرب الوطني، حيث وصل للقاء الختامي المنتخبان اللذان يدربهما مدربان وطنيان، مجيد بوقرة( الجزائر)، والمنذر الكبير( تونس) دون أن ننسى حسين عموتة مدرب المنتخب المغربي الذي كان طرفا بأفضل مواجهات البطولة أمام الجزائر في دور الـ8.

تألق محاربو الصحراء في جميع مواجهاتهم التي لم يخسروا خلالها سوى نقطتين من تعادل في دور المجموعات أمام المنتخب المصري، وتحدث البعض عن خشونة لاعبي الجزائر خلال المواجهات، ولكن من وجهة نظري هي جدية، خاصة وأن جل الالتحامات مع المنافسين كانت على الكرة، وامتدت تلك الجدية إلى المدير الفني مجيد بوقرة، حيث كان المدرب الوحيد الذي لم بجلس على مقعده طيلة مباريات البطولة.

لم تأت تلك الجدية من فراغ، إنما وإلى جانب طبيعة الرجل الجزائري الجاد، وراء كل لاعب من هؤلاء قصة خلقت منه محاربا، وكما ذكرت من قبل قصة يوسف بلايلي وكيف واجه أصعب محنة قد تواجه لاعبا، أتحدث اليوم عن الرجل الذي غابت الابتسامة عن وجهه، ريس مبولحي، صاحب القفاز الذهبي في البطولة العربية، وهو لقب ليس بجديد عليه، فهو صاحب جائزة القفاز الذهبي لأفضل حارس جزائري 2010، 2011، 2012، 2014.

ما يلفت في قصة مبولحي أنها أقرب إلى الدراما منها إلى الواقع، فهو ابن لأم جزائرية وأب كونغولي تنكر للطفل الذي ولد في باريس عام 1986، ليكمل حياته مع والدته التي منحته كل شيء، لذا فقد برر عدم ابتسامته برحيل والدته، والتي أخذت معها كل معاني السعادة في الحياة، وهو يسعى دائما ليثبت نجاحه في كل خطوة ليبرهن لها أنها صنعت رجلا ناجحا ولم تضيع سنوات عمرها هباء، كما يقول مبولحي.

خاض مبولحي مشوارا ليس سهلا في عالم الكرة، بين فرنسا، التي بدأ بها 2002، رفقة مرسيليا وهو ابن الـ18، لكنه لم يدخل المستطيل الأخضر طيلة فترة تعاقده والتي امتدت لـ4 سنوات، ورحل إلى أسكتلندا، عبر بوابة هارتس أوف ميدلوثيان، واستمر معه لـ6 أشهر دون أن يشارك أيضا، ثم شد الرحال إلى اليونان حيث انضم لنادي إثنيكوس بيريوس، وخاض معه 5 مباريات، كما لعب لبانيتوليكوس اليوناني أيضا، بعدها اتجه إلى اليابان مع نادي ريوكيو الذي خاض معه 22 لقاء، ثم قرر العودة إلى أوروبا عبر سلافيا صوفيا البلغاري، والذي شارك معه في 25 مباراة.

وفي 2014، وبعد تألقه في مونديال البرازيل، انضم لفلادلفيا يونيون الأمريكي، ثم أخيرا إلى السعودية مع نادي الإتفاق، كما لعب من 2010 إلى 2013 مع كرييلا سوفيتوف- سامارا الروسي، وفي 2013 انضم لنادي جازيليك أولمبيك أجاكسيو الفرنسي، في رواية هي قمة الغرابة، حيث كان حينها رافضا اللعب بالدوري الجزائري، رغم أنه لم يكن يلعب، فما كان من روراوة إلا أن تواصل مع كل أصدقائه ومعارفه في فرنسا للحصول له على ناد، وانضم للفريق مع اتفاق غريب جدا وهو أن تتكفل الاتحادية بدفع راتب مبولحي شهريا، ولكي يصبح الأمر قانونيا، طلب روراوة من بعض الشركات التي تمول الاتحاد، التكفل بدفع رواتبه، وبعد عام تألق مبولحي في البرازيل، ومن 2015 إلى 2017 لعب رفقة أنطاليا سبور التركي، ثم ستاد رين الفرنسي في 2017 قبل الانتقال للإتفاق.

مسيرة طويلة للحارس الذي راهن عليه في 2010 المدير الفني للمنتخب الجزائري رابح سعدان، وهو بدوره لم يتردد في الانضمام لمحاربي الصحراء، رغم أنه لعب لمنتخبي فرنسا تحت 16، 17 سنة، وكان من الممكن أن يرفض نداء بلد عربي ليصنع مجدا في أوروبا، وهو حلم كل لاعب، ليكافئه الله بتحقيق مجد رفقة محاربي الصحراء ضمن فريق يضم أفضل العناصر، حقق اللقب القاري في 2019، وكان أفضل حارس بالبطولة، ثم العربي 2021، وفاز بالقفاز الذهبي، وهو على موعد جديد مع كأس العالم، وبطولة أمم أفريقيا الشهر القادم، ليدخل تحديا جديدا بالبطولة التي يحمل لقبها الأخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى