
(د ب أ) – توووفه
عزز فوز نادي أتلتيكو مدريد الإسباني لكرة القدم بلقب بطولة الدوري الأوروبي من أسطورية مدربه، الأرجنتيني دييجو سيميوني، صانع الحقبة الزمنية الأكثر نجاحا في تاريخ هذا النادي.
وقال سيميوني/47 عاما/ بعد فوز أتلتيكو مدريد أمس الأربعاء 3 / صفر على أولمبيك مارسيليا الفرنسي في نهائي الدوري الأوروبي: “أشعر بالحزن”.
ولا يبدو هذا التصريح مناسبا لشخص توج بطلا لتوه أو لشخص حقق إنجازا أسطوريا مثله في ذلك مثل المدرب الإسباني الراحل لويس أراجونيس.
ويعد سيميوني وأراجونيس المدربان الأكثر تحقيقا للألقاب في تاريخ أتلتيكو مدريد، فقد نجح المدرب الأرجنتيني في الفوز بالدوري الإسباني مرة واحدة والدوري الأوروبي مرتين ولقب واحد في كأس ملك إسبانيا ولقب في كأس السوبر الإسباني ولقب في كأس السوبر الأوروبي.
وأحدث رد سيميوني صدمة لجميع الذين حضروا مؤتمره الصحفي أمس عقب المباراة، ولكنه أكمل قائلا: “من الصعب الوصول إلى هذا المستوى، حمل جميع اللاعبين على الالتزام بتحقيق بطولة أمر صعب للغاية”.
وتابع: ” في الوقت الذي تحققه (الإنجاز) فيه تبدأ في التفكير: غدا يجب أن أبدأ من جديد والعودة إلى حمل اللاعبين على الوصول إلى هذه الحالة الاستثنائية”.
وكان الشيء الأكثر تميزا الذي دأب سيميوني على القيام به طوال ستة أعوام ونصف قضاها على مقعد المدير الفني لأتلتيكو مدريد هو استخراج الفاعلية القصوى لكل لاعب وسط المجموع الذي يتيح للاعبين فرصة لتطوير أنفسهم على المستوى الفردي ويجعلهم قادرين على اتباع إرشادات مدربهم بانضباط يشبه مثيله في الحياة العسكرية.
ولكن الصعوبة في هذا الأمر تكمن في الإبقاء على هذا الإخلاص لأفكار المدرب لفترة طويلة.
وهذا هو عين ما يؤرق سيميوني ويحدث في نفسه ولو القليل من الضيق، حيث يتعين عليه في اليوم التالي للتتويج أن يستمر في إقناع لاعبيه بالحفاظ على همتهم العالية بدون تراجع أو كما قال هو في عبارته الشهيرة: “إلى الموت، اللاعبون يموتون”.
وترجع أحاسيس ومشاعر سيميوني السلبية إلى أمر أخر وهو: الطريق لم يكن سهلا على الإطلاق، فقد اصطدم أتلتيكو مدريد مع سيميوني بخيبة أمل تكررت مرتين في مدة زمنية قصيرة، عندما تجرع مرارة الهزيمة أمام منافسه التقليدي وجاره ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا عامي 2014 و2016.
وقال سيميوني آنذاك: “خسارة مباراتين نهائيتين يعد فشلا ولكن الوصول إلى نهائيين في ثلاث سنوات يعد نتيجة رائعة”.
ولكن بفضل فوزه أمس على مارسيليا، يمكن لأتلتيكو مدريد أن يتخلص من مرارة هزائم الماضي ومن غصة الحلق تلك التي أصابته بعد السقوط مرتين في نهائي البطولة القارية الأكبر للفريق في العالم.
ومنذ أن تولى سيميوني مهمة الإدارة الفنية لأتلتيكو مدريد، لم يتمكن سوى فريقين فقط في التغلب عليه سواء في المباريات النهائية أو الأدوار الإقصائية للبطولات الأوروبية.
وكان هذان الفريقان ريال مدريد الذي بالإضافة إلى تغلبه عليه في النهائي مرتين، أقصاه من المربع الذهبي لدوري الأبطال في الموسم السابق، وروبن كازان الروسي في الدوري الأوروبي 2012/2013.
سيميوني مدرب يعيش مع كرة القدم بنفس الشغف الذي كان يكتنفه عندما كان لاعبا، وهو لم يتورع أن يعلن لمرات عدة أن هناك علاقة خاصة تجمعه بأتلتيكو مدريد والتي وصفها بأنها تتخطى حدود علاقات العمل.
وأضاف سيميوني خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاء أمس، قائلا: “أتلتيكو بالنسبة لي مكان مهم للغاية في حياتي بعيدا عن الجانب الرياضي ولكن من الناحية الإنسانية، لقد قدر لي أن ألعب هنا لسنوات رائعة”.
وأعرب سيميوني عن امتنانه للاعبيه بعد أن استمروا تحت قيادته بدون كلل طوال تلك لسنوات.
واستطرد قائلا: “عندما ذهبت إلى راسينج للعب لبضع سنوات كان ذلك بالنسبة لي من أجل أن أعود مدربا لأتلتيكو، أثمن هذه الفرصة، نحن جهاز فني محظوظ بملاقاة رجال في المقام الأول ثم رياضيين يمنحوك حياتهم في الملعب”.
ولذلك، فإن الانتصار الذي تحقق أمس في مدينة ليون الفرنسية هو أكثر من مجرد كأس جديد أضيف إلى خزائن بطولات أتلتيكو مدريد ولكن هو كما قال سيميوني أمس: “إنها قيمة العمل والمثابرة والجهد والإصرار، كل هذه الأشياء تعد أساسية في الحياة من أجل التقدم للأمام”.
وهذه القيم ذاتها هي شفرات خاصة بالأسطورة سيميوني والسبب الرئيسي وراء الحقبة التاريخية الأكثر ازدهارا في تاريخ أتلتيكو مدريد.