حكايات مونديالية.. الليلة التي غطى فيها الخزي والعار راقصي السامبا

 

 

(د ب أ)-توووفه

 

قبل أيام قليلة من المواجهة مع المنتخب الألماني في الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل ، ساد احتفال ضخم في كل أنحاء البرازيل.
وساد التفاؤل أنصار السامبا في كل مكان مع تأهل المنتخب البرازيلي إلى الدور قبل النهائي للبطولة حيث راود الأمل الجميع في أن يستغل فريقهم فرصة إقامة البطولة على ملعبه لينتزع اللقب العالمي السادس.

وبدأ المشجعون في التفكير بشعور حمل الكأس العالمية على استاد “ماراكانا” بعد أن جانب التوفيق الفريق قبل أكثر من ستة عقود عندما سقط أمام منتخب أوروجواي في “ماراكانا” بالمباراة الختامية لمونديال 1950 .
ولكن هذه الأيام السعيدة ، التي عاشها أنصار السامبا خلال الأدوار الأولى لمونديال 2014 ، تبخرت تماما من خلال الهزيمة القاسية 1 / 7 أمام نظيره الألماني (مانشافت) في المربع الذهبي للبطولة.

وفي الثامن من يوليو 2014 ، حالف الحظ المانشافت وأدار ظهره للسامبا حيث عانى المنتخب البرازيلي الأمرين ومني بأسوأ هزيمة في تاريخ مشاركاته ببطولات كأس العالم حيث كانت حتى أسوأ من فضيحة “ماراكانازو” في 1950 .
وكانت هذه الهزيمة على استاد “مينيراو” بمدينة بيلو هوريزونتي ، والتي اشتهرت بعدها بفضيحة “مينيرازو” بمثابة نقطة تحول في تاريخ كرة القدم.

وذكرت إحدى الصحف البرازيلية ، في عنوان صفحتها الأولى ، : “هنا يرقد الحلم” مع خلفية سوداء كما كتبت عنوانا آخر أسفله ذكرت فيه : “مات من الخزي”.
وقال نجم كرة القدم الإنجليزي السابق جاري لينيكر ، في تغريدة نشرها آنذاك على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي عبر الانترنت : “في غضون نحو نصف قرن من مشاهدة كرة القدم ، كانت هذه هي أكثر مباراة مربكة ومحيرة وغير عادية رأيتها في حياتي”.

وقال لويز فيليبي سكولاري المدير الفني للمنتخب البرازيلي في هذه البطولة : “سيتذكرونني بأسوأ هزيمة في تاريخ الفريق”.
وكانت هذه الهزيمة 1 / 7 كارثية للدرجة التي أصبحت معها جزءا من ثقافة هذا البلد منذ ذلك الحين.
وفي الثامن من يوليو من كل عام ، يتحدث كثيرون في البرازيل عن “يوم الخزي” مع نشر بعض الصور التي التقطت في المباراة مثل تلك الصورة التي يظهر فيها المدافع ديفيد لويز باكيا بعد اللقاء ويقول إنه يشعر بالحزن والأسى.

 

[c

 

وحتى الآن ، ورغم مرور أربعة أعوام ، ومع اقتراب فعاليات بطولة كأس العالم 2018 بروسيا ، لا يزال شبح الهزيمة 1 / 7 يطارد المنتخب البرازيلي ولا تزال ذكريات هذه السقطة الكارثية حاضرة في أذهان المشجعين البرازيليين.
يتذكر كل البرازيليين أين كانوا في ذلك اليوم وكيف عانوا من انهيار منتخب بلادهم.

وقبل هذه المباراة ، كان المنتخب البرازيلي اجتاز فعاليات الدور الأول (دور المجموعات) دون عناء كما تغلب على منتخب تشيلي بركلات الترجيح في الدور الثاني (دور الستة عشر) ثم تغلب على المنتخب الكولومبي في دور الثمانية.
وكانت المباراة أمام المنتخب الكولومبي بمثابة الإعداد أو التمهيد للكابوس البرازيلي حيث شهدت إصابة المهاجم نيما ردا سيلفا نجم المنتخب البرازيلي ليغيب بعدها عن المباراة أمام ألمانيا في المربع الذهبي وكذلك عن المباراة أمام هولندا على المركز الثالث والتي خسرها المنتخب البرازيلي صفر / 3 .

وعلى الجانب الآخر ، سحق المنتخب الألماني نظيره البرتغالي 4 / صفر في مجموعتهما بالدور الأول للبطولة ولكنه احتاج بعدها لوقت إضافي من أجل اجتياز عقبة المنتخب الجزائري في دور الستة عشر ثم فاز على المنتخب الفرنسي 1 / صفر في دور الثمانية.

وبلغ المنتخب الألماني (مانشافت) بقيادة مديره الفني يواخيم لوف المربع الذهبي بحال رائعة ، ولكن قليلين فقط من اعتقدوا في أن تسير المباراة بهذه الهيمنة الألمانية.

وبعد 23 دقيقة من بداية اللقاء ، تقدم المانشافت 1 / صفر بفضل الهدف الذي سجله توماس مولر.
وربما كانت الدقائق الست التالية هي أصعب وأغرب درس في تاريخ كرة القدم حيث سجل المانشافت أربعة أهداف في غضون 360 ثانية ليدهش الفريق العالم كله.
وبدا المنتخب البرازيلي منهارا على أرضه ، ولم يكن أحد يصدق ما يراه.
وبالنظر إلى مسيرة اثنين من اللاعبين الأساسيين بالمنتخب البرازيلي في هذه المباراة ، يمكن للمتابعين أن يتعرفوا على أثر هذه الهزيمة على كرة القدم البرازيلية علما بأن اللاعبين كانا من أبرز النجوم الواعدة آنذاك.
الأول هو أوسكار /26 عاما/ الذي ترك تشيلسي الإنجليزي ويلعب حاليا في الدوري الصيني ، والثاني هو برنارد الذي يلعب في الدوري الأوكراني ولم يستدعى لصفوف المنتخب البرازيلي منذ ذلك الحين.

ورغم فوزه سابقا مع المنتخب البرازيلي بلقب كأس العالم 2002 في فترة ولايته الأولى مع الفريق ، عانى سكولاري من الضغوط الهائلة واستقال في نهاية البطولة. ولكنه بلا عمل حاليا.

 

وواصل المنتخب البرازيلي ترنحه وتراجعه ولكنه لم يصطدم بالقاع حتى يونيو 2016 .
ولم يستطع كارلوس دونجا المدير الفني الجديد للفريق أن يعيد بناء الفريق حيث خسر أمام باراجواي في دور الثمانية بكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) 2015 في تشيلي.
وبعدها بعام واحد فقط ، لم يستطع الفريق حتى اجتياز الدور الأول للبطولة رغم خوض الفريق فعاليات هذا الدور ضمن مجموعة تضم معه منتخبات بيرو والإكوادور وهايتي.

ولحسن الحظ ، وجد الفريق المدرب المنقذ في ذلك الوقت وهو تيتي الذي ترك بصمة جيدة مع فريق كورينثيانز البرازيلي.
ومع توليه مسؤولية تدريب المنتخب البرازيلي ، لجأ تيتي لتغيير كل شيء بالفريق.

وكان الفريق وقتها مهددا بالغياب عن نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا نتيجة البداية المهتزة له بالتصفيات تحت قيادة دونجا.
ولكن تيتي قاد الفريق للفوز في تسع مباريات متتالية بالتصفيات ليعدل وضعه في صراع التأهل للمونديال ويصالح جماهيره.
وفي غضون عامين قضاهما مع الفريق ، منح تيتي الفريق أسلوبا رائعا في التنظيم الدفاعي يعتمد على القوة والقدرة على استعادة الكرة من المنافس كما منحه أسلوبا رائعا في التحول السريع للهجوم والضغط بقوة على المنافسين.

ولم يكن بالإمكان أن يحقق الفريق نتائج أفضل من هذه النتائج التي حققها تحت قيادة تيتي الذي قاد الفريق ليكون أول المتأهلين إلى المونديال الروسي عبر التصفيات.

كما قاده للفوز 1 / صفر على المنتخب الألماني 1 / صفر في برلين وديا أواخر آذار/مارس الماضي.
وبالطبع ، لا يمكن لهذا الفوز أن يمحو آذار الهزيمة الثقيلة 1 / 7 أمام المانشافت والتي لا يرجح أن تمحى من التاريخ.
ولكن المنتخب البرازيلي أعاد اكتشاف نفسه ويتطلع بطموحات كبيرة للمونديال الروسي بعد أربع سنوات من أحلك ساعة في تاريخه.
والوقت وحده هو ما سيظهر ما إذا كان الحلم ، الذي مات في 2014 ، سيعود للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى