
كتب: محمد بن عبدات*
المهتمون والمتابعون للدوري المصري والسعودي هم وحدهم من يدركون مسبقا كيف ستكون معطيات لقاء القمة العربي الكبير بين الهلال والزمالك على كأس بطولة سوبر لوسيل، وبالتالي قراءتهم المسبقة ستكون دقيقة وواضحة تظهر على الورق كفة من هي الأرجح؛ إذ إن الواقع هو من يفرض نفسه دائما بعيدا عن العاطفه والميول لهذا الفريق أو ذاك.
لكل المتابعين الهلال كان واضحا أنه الأكثر جاهزية وحضورا من الزمالك، إذ أتى من انطلاقة دوري لعب خلاله ثلاث مباريات كسبها جميعا، بعد أن استعد جيدا قبل ذلك وعزز صفوفه بلاعبين يصنعون الفارق، إضافة إلى نجومه الكبار أمثال سالم الدوسري وسلمان الفرج وياسر الشهراني ومحترفين دوليين مع منتخباتهم، أي إن شاكلته الأساسية والاحتياطية تعج بالنجوم.
وهذا لا يعطي مؤشرا إلى أن الزمالك غير قادر أن يلعب بصوره قوية ويتفوق على الهلال، فهو يملك كل العناصر القادرة على فعل ذلك، ولكن ما حصل أن الفريق الزملكاوي أتى إلى الدوحة بعد إنهاء مشوار مارثوني كروي أنهك كل قواه، توج خلاله ببطولة الدوري المصري، وذهب جل نجومه الأساسيين عقب ذلك لراحة سلبية إجبارية قبل نهاية مسابقة الدوري بجولتين بعد أن حسم الزمالك البطولة.
وهذا يعني أن لاعبي الزمالك دخلوا أرضية استاد لوسيل المونديالي وهم بعيدون كل البعد عن فورمة المباريات، ولم يدخلوا في أي استعداد لدخول منافسات الموسم الجديد وبطولة أفريقيا، لهذا كان واضحا أن السيناريو سيكون كما شاهدناه، وهذا منطق من يفهم كرة القدم.
ولكن مع يقيني التام أن تلك العوامل كلها تنصب في مصلحة الهلال، وهي من أوصلته لمبتغاه، وإن كان بضربات الترجيح بعد تفوق صريح في أغلب فترات المباراة؛ إلا أن الزمالك كان بمقدروه ورغم كل الظروف المشار لها أن يقدم أفضل من ذلك، حيث أرى أن فيريرا كان حذرا فوق اللازم، ومع هذا الحذر أخفق من وجهة نظري في ترتيب وضعية خط المنتصف والدفاع الذي تجاوز جزئية منها في شوط المباراة الثاني من خلال الدفع بالوردي وروقه.
إضافة إلى أن مثل هكذا لقاءات كبيرة لا تحتاج سوى الزج بأكثر من لاعب خبرة وإن كان في فترات مختلفة من عمر المباراة، كنت أتمنى أن يلعب الخبير عبدالشافي، والمدافع القوى محمود علاء، ومعهم المبدع يوسف إبراهيم أوباما الذي كان واحدا من عوامل تفوق الزمالك على الهلال في الرياض في السوبر الماضي بتحركاته ومشاكسته، إضافة إلى الغائبين أو الراحلين عن القلعة البيضاء طارق حامد وفرجاني ساسي وعلاء والنقاز ومعهم جنش الذين كانوا نجوم تلك المباراة.
وأعتقد أنه لو فعل ذلك العجوز فيريرا ربما نرى صورة في الأداء أفضل مما شاهدناه ليلة الأمس، لكن فيريرا كان فكره بعيدا نوعا ما عن البحث عن خطف المباراة، ورجح لديه أكثر فكرة أن يصل بها إلى ضربات الترجيح.
على كل حال الهلال استغل كل العوامل التي تصب في صالحه، وقدم مباراة كبيرة، وكان قادرا أن يخرج من خلالها فائزا في وقتها الأصلي لولا يقضة الحارس عواد ومدافعي الزمالك.
لذلك المباراة لم تكن متكافئة بين الفريقين من النواحي البدنية والفنيةوالحضور الذهني ومعها حساسية المباريات التي تنصب كلها في خانة الهلال، ولو تذكرنا مباراة سوبر الرياض السابق كان الزمالك والهلال في قمة حضورهم وجاهزيتهم، فالزمالك كان متصدرا للدوري المصري حينها والهلال يعيش انتصارات متتاليةفي الدوري السعودي، ولهذا كانت المباراة قوية ومثيرة تفوق فيها في الأخير الزمالك على الهلال وسط ملعبه وبين جماهيره.
ولهذا لم تعط معطيات مباراة الأمس وما رافق مجرياتها أي أمل في أن يقدم الزمالك أكثر مما شاهده كل محبي وعشاق كرة القدم في جميع أنحاء العالم. في حين أن ما قدمه الهلال هو الواقع الافتراضي الذي يعطي لنجومه أن يظهروا بتلك الصوره الرائعة طيلة التسعين دقيقة، وإن خرج متعادلا إلا أن ضربات الترجيح أنصفته، والهلال بدون مجاملة يستحق أن يذهب بكأس لوسيل إلى معقله في العاصمة السعودية الرياض.
*كاتب وناقد رياضي يمني