قطر والإرث الثقيل

كتبت- ترياء البنا

تنتهي اليوم أجمل الحكايا الكروية العربية على مدار التاريخ، بعد ليال رائعة لا تقل جمالا عن ليالي ألف ليلة وليلة، حيث عشنا جميعا حلما كان من درب المستحيل، بأن نعيش أحداث كأس العالم على أرض عربية.

مجرد استضافة البطولة كان حلما لم نصدقه حتى انطلقت صافرة البداية لأجمل قصة لنسخة مونديالية، فلم يتوقف الأمر عند التنظيم فقط، فقد أبدعت قطر في كل تفاصيل الحدث بجزئيات دقيقة وضعت أمريكا وكندا والمكسيك في مأزق كبير خلال النسخة القادمة، فهل تستطيع الثلاث دول مجتمعة تحقيق ما أنجزته قطر العربية؟، من الصعب ذلك.

شكك الغرب كثيرا في استضافة الدوحة للنهائيات، وشنت حرب ضروس بهدف وحيد وهو ألا تنظم قطر البطولة بحجة أنه كيف لدولة عربية صغيرة أن تنظم الحدث الأكبر عالميا؟، ولكن جاءتهم الإجابات صادمة الواحدة تلو الأخرى، فقد تفوقت الدوحة عن كل العواصم التي استضافت البطولة، فعملت حساب كل صغيرة وكبيرة، شاهدنا الجماهير من كل أنحاء العالم مبهورة بما تعيشه من أجواء في قطر، مبهورة بالثقافة العربية التي كانوا بمعزل مفتعل عنها، فقد تعاملوا مع العرب وجها لوجه، وهنا تفننت قطر في نقل كل الصور المشرفة عن الحضارة العربية والإسلامية في أجمل أطرها، ليذهب هؤلاء إلى بلادهم وفي أذهانهم فكرة أنهم لا بد وأن يعودوا إلى تلك الديار الآمنة التي احتضنتهم بكل ود ومحبة وسلام.

لن تتكرر تجربة مونديال قطر مرة أخرى لأي مشجع، فمن يستطيع خلال النسخة القادمة حضور أكثر من مباراة في يوم واحد؟، بل من يستطيع متابعة أكثر من مباراة أو اثنتين خلال النسخة كاملة والموزعة على 3 دول؟، والسؤال الأهم ماذا ستقدم تلك الدول مجتمعة بعد كل ما قدمته الدولة العربية الصغيرة التي حاربوها لسنوات، والتي تفوقت في اجتياز ماراثون الحواجز الطويل بكل ثقة واقتدار، مجبرة العالم كله على رفع القبعات لها مع كل يوم في البطولة، لقد أعجزت قطر كل من سينظم البطولة في السنوات القادمة.

أخيرا.. وجب على العالم كله الاعتراف بالشكر والتقدير والامتنان لدوحة العرب التي أضفت الحياة على بطولة كأس العالم، لتجعل منها دعوة للسلام حققت على أرض الواقع ما لا يمكن لأية دعوات كلامية أن تحققه، ووجب على العرب الاعتزاز بالصورة المشرفة التي نقلتها قطر عن حضارتنا وموروثاتنا وسلوكياتنا وعقائدنا فعلا وليس قولا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى