
كتبت- ترياء البنا
خرج منتخبنا الأولمبي من سباق تصفيات كأس آسيا المؤهلة إلى أولمبياد باربس، ليفشل الأحمر في التأهل للنهائيات للمرة الثالثة تواليا، في حين صعدت السعودية، العراق، الإمارات، وقطر المضيف، والكويت كأحد أفضل الحاصلين على المركز الثاني، لنظل ندور في نفس دائرة الإخفاقات الخارجية لمنتخباتنا.
المثير في الأمر، أن الجميع يحملون المدرب أكرم حبريش مسؤولية الإخفاق وأنه أخطأ في وضع التشكيل وخطة اللعب واختيار العناصر التي تستحق الانضمام للمنتخب واللعب أساسيين، فجأة أصبحنا جميعا مديرين فنيين ونقاد ومحللين، نرمي بسهام الاتهام المباشر نحو المدرب( كما جرت العادة)، وأنا هنا لا أعفي المدرب أبدا من تحمل الجزء الأكبر من أسباب الإخفاق، وربما الجزء الأساسي.
لكننا مع ذلك، إذا ما أردنا تجاوز سلسلة الإخفاقات التي تلاحقنا منذ سنوات، علينا أن نقف أمام أنفسنا ونواجهها بكل وضوح، لأن الخلل ليس فقط جهازا فنيا وخطة لعب، فخطة حبريش مثلا في لقاء بروناي آتت ثمارها خلال 10 دقائق فقط، بتسجيل 3 أهداف، لذا فالخلل ليس فقط إدارة فنية، وإن كانت هي من تتحمل المسؤولية الأكبر، ولكن هل وفرنا لحبريش عوامل النجاح ولم يستغلها؟، هل توفر لديه لاعبون جاهزون لهكذا مباريات، وهنا لا أعني الخامات، لأن معظم الخامات في المنتخب جيدة جدا، ولكن أي لاعب يرتدي قميص منتخب بلاده عليه أولا أن يمتلك خبرات ولياقة مثل هذه التصفيات التي تلعب مبارياتها كل 48 ساعة، فحتى لاعبينا الدوليين في المنتخب الأول لم ينجحوا في ذلك، لأن لاعبينا غير مؤهلين للعب أكثر من مباراة تحت ضغط ضرورة تحقيق الفوز، ذلك يحتاج لتأسيس مسبق لفترات طويلة، وخوض اللاعب الصغير لمباريات رسمية كثيرة على المستوى المحلي، لأنه كما قلت سابقا: الرغبة وحدها لا تكفي.
نعم لدينا عناصر جيدة ظهرت بشكل مرض في أول لقاء، ولكن اللياقة والثقة والخبرة فقدت مع اللقاء الثاني أمام الأردن ( الذي أهدرنا خلاله فرصة تحقيق الفوز في الشوط الأول الذي كنا الأفضل فيه)، كنا نحتاج قليلا من الخبرة في إنهاء الهجمات مع قليل من الحظ الذي عاند اللاعبين واهتزت ثقتهم في أنفسهم في الشوط الثاني الذي أداره بحنكة مدرب الأردن والذي كان يقف على الخط متأكدا أنه سيخطف هدفا وهو ما تحقق في الوقت القاتل، نتيجة غياب الخبرة لدى لاعبينا في كيفية تنظيم الدفاع والتمركز وتضييق المساحات على الخصم في مواجهة المرمى وعدم إعطائه أية فرصة من الوقت والمساحة للاستلام والتسليم بأريحية، ورغم أنها كلها أمور معروفة لدى الجميع إلا أنها في الملعب تحتاج خبرات تراكمية سابقة لمثل تلك المواقف في المواجهات الحاسمة.
لقد تركنا أهم عوامل الخسارة وعلقنا الفشل على شماعة المدرب الذي ظل يعمل لوقت طويل جدا مع المنتخب دون أن يكون مدربا بشكل رسمي( لمن أراد أن يتذكر).
على الجانب الآخر وفي ذات التوقيت، أبى منتخبنا الأول إلا أن يكمل قهرنا الكروي، وخسر ودية أمريكا برباعية نظيفة، بالطبع نتيجة قاسية، ولكن الأدهى والأمر ليس الخسارة، والتي كانت متوقعة بشكل أكيد ( نحن نواجه الـ11 عالميا)، ولكن علامات الاستفهام كلها توجهت نحو الأداء وهبوط مستوى العناصر المؤثرة، وخطة برانكو الدفاعية، ونسي الجميع رحلة السفر الشاقة للمنتخب والتي استمرت ليوم كامل مع ترانزيت، وأننا في بداية الموسم الكروي محليا، وأن اللاعبين بدأوا الاستعداد للموسم متأخرا، وبعضهم ظل بلا ناد لما قبل انطلاق الدوري بأيام، إضافة إلى غياب أسماء أساسية لم يظهر من يعوضها بنفس الكفاءة.
الآن، الغالبية تلقي باللوم على برانكو، ويطالبون بتغييره، رغم أنه هو أيضا من واجه ألمانيا( 11 عالميا)، قبل مونديال قطر ونجح الأحمر تحت قيادته في زعزعة ثقة المانشافت قبل كأس العالم وأدوا مباراة رائعة افتقدنا خلالها فقط للحنكة والحظ للتسجيل أمام أحد المنتخبات الكبرى، وخسرنا بهدف متأخر.
من وجهة نظر شخصية بحتة، أرى أن رحلة الولايات المتحدة لم تكن موفقة، ليس فيما حدث خلالها ولكن في قبولها، نحن نعلم أننا ذاهبون لخسارة، لكننا أغفلنا أننا نرهق لاعبينا أقصى درجات الإرهاق، فبدأوا المباراة وهم منهكون، مع خوض لاعبي النهضة الإثنين القادم مباراة العهد اللبناني في كأس الاتحاد الآسيوي، ومن البديهي أن يعتمد برانكو في مثل تلك الظروف خطة دفاعية حتى لا تكون النتيجة كارثية، في مواجهة منتخب متوسط أعمار لاعبيه أقل من لاعبينا، كما أنهم ينشطون في دوريات محترفة على العكس تماما من لاعبينا.
خسر المنتخبان، الأولمبي في تصفيات آسيا والأولمبياد، والأول في أمريكا، ولكن ليس علينا ذبح المدربين، بقدر ما يتوجب علينا الآن مواجهة أنفسنا بوضوح، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته، والأهم دراسة الإخفاق من جميع الجهات، والوقوف على الأسباب ووضع الحلول غير المؤقتة مبكرا، قبل أن نواجه إخفاقا آخر نفقد معه كل أمل في إحداث أية نقلة كروية.