
كتب – محمد مبارك
صدعوا رؤوسنا وشنفوا آذاننا بحيادية الرياضة وأنها والسياسية لا يلتقيان فكل له واد ينساب فيه باعتبار أن الرياضة للجميع وأن ميدان الرياضة لا تلهو فيه السياسة أبدا.
هكذا كانت الاتحادات الدولية تتعامل مع كل من يحاول تسييس الرياضة والويل كل الويل لمن يفعل ذلك فكثير من الاتحادات المحلية خاصة في مجال كرة القدم عوقبت وحرمت من المشاركات الدولية بدعوى التدخل الحكومي في الرياضة، فالاتحاد الدولي لكرة القدم كان لهؤلاء الحاكم والقاضي معا.
لكل مجال وجه قبيح سيطل يوما ما مهما زينته مساحيق التجميل والكلام المنمق والشعارات الرنانة.. وكأن أي سلطة دولية حتى في الرياضة لا ترى لها سطوة إلا ضد من لا يتناسب مع الأهواء أو من لا حيلة له فالقيم عندهم وجدت لتكون متغيرة ولا وجه لها كالكرة.
يحق لأوكرانيا ما لا يحق لغيرها من المضطهدين، هكذا هو الحال خلال الأشهر الماضية في كل مجالات الرياضة ونحن “والله لا نرضى اضطهاد أي شعب على وجه الأرض”، ولكن لماذا هذا النفاق الذي شاب الرياضة ويبدو لنا أنها ولدت من رحم السياسة؟
كل الاتحادات الدولية وكل الدوريات الكروية والرياضيين على مختلف اختصاصاتهم كانوا عونا لأوكرانيا ليس فقط معنويا بل ماديا، حتى أن الأمر حرم الآلاف من الرياضيين الروس على مختلف أعمارهم من حقهم في الرياضة وهم لا ناقة لهم ولا جمل في الصراعات السياسية والعسكرية واخرها حرمانهم من المشاركة أولمبياد باريس 2024 الا فرادى، حتى أضحت الرياضة الروسية مغضوبا عليها ومنبوذة من الجميع.
الاتحادات الأوروبية ومن يتوافق معها كانت بالمرصاد لأي قرار يعيد هؤلاء للمشاركات الدولية، أليس هذا العقاب الجماعي لكل الرياضيين الروس شبيه بما نراه في عالم السياسية؟ لماذا تخلت الاتحادات عن الحياد هنا وكشرت عن أنيابها في أماكن أخرى؟
باختصار لأن ما يحق للعالم “المتمدن” كما هو جلي من مواقفهم لا يحق لغيره، مثل فلسطين التي هي سيدة الألم والمعاناة فيها مستمرة لعقود.. ورغم أن في هذه الضفة من العالم لا مثيل للإجرام المسلط على الشعب الفلسطيني حتى إن الرياضيين لا يسلمون من هذا التطهير العرقي والإبادة الجماعية، كان لسان حال هؤلاء دائما يقول “سكوت فلسطين تقتل”.
لا يجب أن يتضامن أخد مع معاناة الفلسطينيين فمن يجرؤ على ذلك، عليه أن يتحمل شتى أنواع العنصرية، فلا يحق له ما يحق لغيره ممن يساند الجلاد من أندية ونجوم الرياضة واتحادات رياضية وأن يكون ذلك على الملأ.
محمد أبو تريكة وعصام الشوالي وفريدريك عمر كانوتيه ومسعود أوزيل وغيرهم ممن كشفوا زيف ونفاق ساسة الرياضة وحدهم يعلمون أنه لن ترضى عنك الفيفا وأخواتها حتى تصمت عن الحق فبكل بساطة ما يحق لأوكرانيا لا يحق لفلسطين.