مناطحة الثيران.. رياضة تضاهي جماهيرية كرة القدم وقد تكون رافدا للسياحة في سلطنة عمان

تقرير- محمد مبارك 

تصوير- أحمد عبدالقوي 

مصارعة الحيوانات لا يقتصر على بلد دون آخر فهذه العادة ممتدة لسنوات طويلة فمنها من تلاشى أو تقلص ومنها مازال صامدا عبر الزمن.. فنجد في المكسيك صراع الديكة وفي إسبانيا والبرتغال مصارعة الثور وفي بعض بلدان المغرب المغربي مناطحة الكباش وغيرها الكثير وكلها تتمتع بشعبية وجماهيرية جارفة.. هناك من يراها رياضة وهناك من يعتبرها مجرد عادة أو هواية شعبية.. أما هنا في سلطنة عمان تبرز مصارعة الثيران أو “مناطحة الثيران” كواحدة من العادات الشعبية التي لا غنى عنها.

هذه العادة المميزة في المحيط الخليجي لعمان يتوارثها الأبناء عن الأجداد وهي رياضة ذات طابع يختلف عن بقية الرياضات المألوفة والمعروفة في العالم.

 مع كل نهاية أسبوع وغالبا ما يكون ذلك في الشتاء، يحتشد المئات في ساحات مفتوحة بعدة مناطق، لمتابعة هذه الهواية أو الرياضة حيث تجذب العمانيين والمقيمين والزوار على حد السوى ولها قواعد وشروط كمعظم الرياضات الأخرى.

هي رياضة لا يكتسب من ورائها المال الكثير كما اعتدنا في مجال الرياضة لكن يستطيع الفائز في نزال المناطحة أن يفوز بالشهرة واكتساب سمعة كبيرة بالاضافة إلى ارتفاع أسهم ثوره والاستمتاع بروح اللعبة. 

ربما هي رياضة تكون غريبة على من لا يعرفها، لكن في سلطنة عمان مناطحة الثيران من الرياضات والهوايات التي اشتهرت بها ولايات ساحل الباطنة الواقعة على خليج عمان منذ القدم حيث يبذل المهتمون بهذه اللعبة الجهد الكبير من أجل الحفاظ عليها واستمراريتها.

ذهب الكثيرون إلى أن هذه الرياضة نشأت بالتزامن مع استعمال الثيران وتسخيرها لحراثة الأرض واستخراج المياه من الآبار لري المحاصيل، حيث جاءت الفكرة ربما للتسلية والترويح عن النفس في بادئ الأمر، ثم تطورت إلى رياضة تستقطب المتابعين ولها قاعدة جماهيرية عريضة.

فيما تذهب بعض المصادر الأخرى إلى القول بأن تاريخ المناطحة موغل في القدم وهناك من ربط بينها وبين مصارعة الثيران في إسبانيا والبرتغال حيث يعتقد أن البرتغاليين كان لهم دور في نقلها إلى شبه الجزيرة الايبيرية مع بعض التعديلات التي تميز هذه عن تلك.

وتعتبر ولايات السيب وبركاء والمصنعة والسويق والخابورة الأكثر ممارسة لهذه الرياضة التي لها قواعد تحكمها مثل وجود لجنة تحكيم برئاسة ما يعرف بالعقيد أو رئيس اللجنة بالإضافة إلى عدم المناطحة بين ثوران لا يملكان نفس الوزن والعمر وأن يكونا من نفس الفصيلة لضمان الحياد وتتم المناطحة في الحلبة أو المكان المخصص للنزال، وهي قطعة أرض تتراوح مساحتها بين 500 و1000 متر مربع.

يمتد عمر المنازلة ما بين خمس إلى عشر دقايق وأحيانا يصل إلى نصف ساعة وفي حال استسلام أحدهما يتدخل ما يعرف بالكوماندوز أو الحاجزين للفصل بينهم حتى لا يؤذي أحدهما الآخر.

تكمن أهمية “العقيد” أو رئيس لجنة التحكيم في تنظيم المباريات وتحديد عدد الجولات وتصنيف الثيران وفق الفصيلة والوزن والحجم مع شرط موافقة ملاك الثيران على برنامج المناطحة بالإضافة إلى مراقبة المباراة ومنع كل من يتسبب في خروج الأمور عن السيطرة واختيار الحاجزين وإصدار العقوبات وقبول الشكاوي إلى آخره.

ومن الشروط التي لابد أن تتوفر في الثور ألا يتجاوز الثلاث سنوات وألا تكون قرونه حادة ولا يحق لصاحب الثور  الانسحاب بعد الموافقة المسبقة وكل منافس جديد عليه المرور بثور رئيس اللجنة.

وتنقسم أنواع الثيران إلى ثلاثة وهي العمانية، وتكثر في ولايات شمال ووسط سلطنة عمان والظفارية وهي القادمة من محافظة ظفار والبحرية والتي تأتي من خارج البلاد.

وفيما يتعلق بكيفية المناطحة توضع الثيران بشكل دائري حول الحلبة ويتم إدخال فقط اثنين مع وجود لجنة التحكيم ورئيسها والحاجزين ويبدأ النزال من خلال فك الحبل من قبل الشخص المكلف بإدارة المباراة مع صيحات المتفرجين والتصفيق والتفاعل وكأنك إزاء أداء مسرحي أو غنائي.

يطلق أصحاب الثيران العديد من الأسماء على الثيران من وحي البيئة العمانية منها على سبيل المثال الغول وعند اقتنائها يتخيرون السلالة الجيدة والمشهورة والتي تصل أسعارها إلى آلاف الريالات.

ومنذ ولادتها يتم الاعتناء جيدا بها واتباع برنامج للراحة والأكل والتنظيف وتخصيص مكان يكون بعيدا عن بقية الحيوانات ويخرص أصاحبها على تغذيتها بالعسل والسمن والأسماك الجافة والتمر والحليب والشعير، ولها ميزانية شهرية تقدر بمئات الريالات ويبدأ تدريبه الأول في المناطحة عند بلوغ الستة أشهر.

من جهة أخرى تحاول الحكومة الى تطوير هذه الرياضة بما يتوافق وقوانين الرفق بالحيوان وخصصت منذ سنوات أماكن لهذه الرياضية في العديد من الولايات تحتوي على مدرجات للمشاهدين ولعل أبرزها حلبة بركاء وصحار.

مناطحة الثيران رياضة فاقت شهرتها حدود سلطنة عمان وتصارع هي بدورها للبقاء وسط تغير الحياة وسرعتها وتراجع الاهتمام بتربية الثيران ولكنها حتما رغم شراستها قد تدر عائدا كبيرا في السياحة على غرار نظيرتها في إسبانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى