من مدريد إلى تورينو.. الوجه التكتيكي لصفقة رونالدو

 

تحليل – أحمد مختار

 

تؤكد الإحصاءات أن عدد الدقائق التي يحصل اللاعب فيها على الكرة تقترب من ثلاث دقائق، وبالنسبة لأعظم اللاعبين الذين يجيدون المراوغة، تتراوح ما بين أربع إلى خمس دقائق، أما المدافعين فتصل المدة إلى دقيقتين فقط. نتيجة لذلك، يجب أن يكون السؤال، ماذا ستفعل خلال الـ 86-87 دقيقة الباقية من دون الكرة، والإجابة ستخبرك حتما إذا كنت لاعب جيد أم لا، لأن المباراة تشمل الكرة وغيرها، ابحث عن صناعة القرار، عن الفراغ، عن التمركز، وهذا ما عرف طريقه رونالدو في السنوات الأخيرة مع المستديرة.

لا يلمس رونالدو الكرة كثيرا، يقف بالقرب من مرمى الخصم، يعتمد على زملائه. يقول البعض هذا الكلام للتقليل من كريستيانو، لكن بلغة الكرة هذه العبارات لا تحسب أبدا ضده، بل تتجه لإنصافه لأنه يملك نسبة ذكاء تؤهله للبقاء طويلا ضمن أباطرة اللعبة. لم يعد البرتغالي قادرا على لعب دور الجناح المتكامل، الذي يعود للخلف ويراوغ وينطلق ويصنع ويسجل، هو يعرف ذلك جيدا لذلك تحول إلى رأس حربة لا يشق له غبار، مهاجم استثنائي بالكرة ومن دونها، لا يرحم أمام الشباك.

يجيد اللعب بالقدمين، الرأس، قوي وصعب تراقبه، مميز في اللعب بظهره ومن لمسة واحدة، يستطيع التسجيل بالاستحواذ أو المرتدات، وحاسم للغاية في المباريات الكبيرة، لذلك فاز يوفنتوس بأكثر مهاجم حاسم في العالم، وبلاعب سيفيده حتما في مباريات خروج المغلوب بدوري الأبطال، ذات الأذنين التي لا زالت عصية على السيدة العجوز.

يحقق يوفنتوس بطولتي الدوري والكأس بسهولة، ولا يجد منافسة كبيرة على الصعيد المحلي، بسبب تراجع مستوى الفرق الإيطالية بشكل واضح، لكن زعيم تورينو يعاني بشدة في دوري الأبطال، لدرجة خسارته نهائيين أمام برشلونة وريال مدريد في أقل من ثلاث سنوات، بالإضافة لخروجه أمام الريال في الموسم الماضي بفارق هدف. وبالعودة إلى مشوار بطل إيطاليا، سنجد بأنه ينقصه عوامل بسيطة للوصول إلى الكمال القاري، ربما مهاجم هداف ذو خبرة كبيرة يكون الحل، ورونالدو لديه الجواب لفك هذه المعضلة.

 

هناك خطط عديدة يعتمد عليها أليجري، هو مدرب معروف بمرونته التكتيكية، من خلال اللعب بأكثر من رسم، سواء 4-3-3 أو 4-4-2 أو حتى 3-5-2، بالاعتماد على ثنائي هجومي أو مهاجم واحد، مع ملأ المنتصف بأكبر عدد من اللاعبين، أو اللجوء إلى فتح الأطراف بثنائي على كل خط، المهم أن ماسيمليانو يعرف من أين تؤكل الكتف، خصوصا على مستوى الدفاع والوسط.

دوري الأبطال مسابقة أصعب من الكالتشيو، بطولة إذا ركزت في 6-7 مباريات قد تحسمها، ولنا بالريال خير دليل، فريق زيدان قدم موسم كارثي على الصعيد المحلي، لكن بالخبرات والشخصية وبعض العوامل الأخرى كالتوفيق والجدل التحكيمي، عرف الميرينجي طريقه نحو الثالثة على التوالي. يختلف الأمر بعض الشيء مع يوفنتوس، لأنه يحتاج إلى نظام تكتيكي قائم على التحفظ، حتى يطيح بالكبار في الأدوار الإقصائية، لذلك يناسبه مشوار فرنسا بكأس العالم أكتر من مسار ريال زيزو.

فازت فرنسا بكأس العالم بعد لجوء ديشامب إلى الدفاع، تحول من 4-3-3 إلى 4-1-3-2، بعودة مبابي وجريزمان بالقرب من لاعبي الوسط، وقيام بوجبا بواجبات دفاعية صريحة رفقة كانتي، وتكفل ماتويدي بمراقبة نجم الفريق المنافس، بالإضافة للتسجيل عن طريق المرتدات والكرات الثابتة، وكأن رسم 4-4-2 ومشتقاته هو الأساس على خطى أتليتكو مدريد رفقة الشولو دييجو سيميوني.

ربما تنجح الخلطة مع يوفنتوس الأوروبي، بالمزج بين خطتي 4-2-3-1 و 4-4-2، بتواجد رباعي دفاعي صريح، ثم بيانيتش وإيمري كان بالمنتصف، رفقة ماتويدي كنصف جناح ونصف ارتكاز إضافي كما فعل مع فرنسا، مع جناح آخر على الجهة المقابلة، وفي الهجوم رونالدو ولاعب آخر على مقربة منه.

سجل كريستيانو أهدافا غزيرة مع الريال، لأنه محاط بكوكبة من النجوم، مع خبراته وشخصيته وحسمه بالتأكيد، فكريم بنزيما يتحرك أمامه لجذب الأنظار، ومارسيلو يصعد لخلق الفرص، ومودريتش يربط مع كروس لجعل الاستحواذ إيجابيا، دون نسيان مهارات إيسكو بين الخطوط، وبالتالي يحتاج أليجري إلى الحفاظ على ماندزوكيتش، بيانيتش، ديبالا، كوستا أو كوادرادو، مع تطوير قدرات ساندرو الهجومية، وإعطاء كانسيلو الحرية الكاملة للتقدم، حتى يحصل من الدون على أفضل نسخة ممكنة.

هذا فيما يخص يوفنتوس، لكن ماذا عن ريال مدريد؟ الحقيقة أن الملكي يفكر في إيدين هازارد، وفق التقارير الصحافية الأخيرة. ويعتبر البلجيكي نقلة نوعية في طريقة لعب الفريق، لأنه لاعب مهاري وذكي ولديه مستقبل واعد، بالإضافة لكونه إيجابيا في خلق الفرص وتسجيل الأهداف، بالإضافة لجماعيته الواضحة في اللعب، والتي تجعل زملائه في وضعية أفضل، كما أثر على دي بروين ولوكاكو في كأس العالم.

إذا كان إيسكو لاعب من طراز فريد على المستوى الفردي فقط، فإن هازارد يملك نفس القدرة الفردية العالية، لكن مع صبغة جماعية واضحة، مما يجعل لوبيتيجي في حالة أفضل، عند التحول من الدفاع إلى الهجوم. ورغم مستوى هازارد المرتفع، إلا أنه ليس بالتعويض الحقيقي لرونالدو، حيث أن البرتغالي مؤخرا مهاجم صريح أو حتى متحرك، بينما إيدين أقرب إلى الجناح الحر، النسخة القديمة من الدون عند وصوله إلى إسبانيا عام 2009.

في حالة الحفاظ على رسم 4-3-3 الذي يتحول إلى 4-4-2 هجوميا، فإن هازارد سيكون خطر حقيقي على إيسكو، كلاعب حر بين العمق والأطراف، جناح في بعض الأحيان، وصانع لعب رقم 10 أمام كروس ومودريتش في أوقات أخرى، مع إعطاء وظيفة تسجيل الأهداف لجاريث بيل. النجم الذي ينتظر منه الكثير بعد رحيل الرقم 7، مع تسجيله هدف كل 112 دقيقة بالليجا مؤخرا، وفي حالة ابتعاده عن الإصابة سيكون أفضل خلف ممكن، بالتعاون مع بنزيما، الفرنسي من أصل جزائري يتحرك، والويلزي يسجل ويتعملق.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. بداية موفقة.. أول مرة أتابع الموقع وبالتأكيد لن تكون الأخيرة

    الربط بين فرنسا ديشامب ويوفنتوس عظيم.. ملاحظة تكتيكية مهمة.. فعلا كرة ديشامب الدفاعية تناسب إيطاليا أكثر من نجوم مدريد.
    كل الشكر

اترك رداً على احمد زيد إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى