ما بعد السوبر الأوروبي.. أسئلة بلا إجابات بين الأتليتي والريال

تحليل- أحمد مختار

حقق أتليتكو مدريد السوبر الأوروبي، بعد مباراة ملحمية أمام ريال مدريد، انتهت بفوز “الروخيبلانكوس” بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين، ليخسر الملكي أول نهائي قاري منذ عام 2000. ونجح فريق سيميوني في فرض شخصيته بدقائق الحسم، ليعود في النتيجة قبل النهاية، ويتفوق تماما على لوبيتيجي وكتيبته في الأشواط الإضافية، ليلعلن الأتليتي نفسه بطلا للقارة العجوز، مع انطلاق الموسم الكروي الجديد في إسبانيا وأوروبا.

استحق الأتليتي الفوز، لكنه لم يقدم نفسه كبطل بلا أخطاء، فالفريق عانى من نفس المشاكل السابقة حتى إدراكه التعادل قبل النهايات، بينما واصل الريال فصوله الباردة مؤخرا، بعد التضحية برونالدو، ورحيل زيدان، وغموض مستقبل مودريتش، والسقوط أمام الخصم اللدود، بلا أي مبرر.

بدأت المباراة بتقدم سريع للأتليتي، بعد استغلال كوستا أخطاء دفاع الريال، ونجاحه في تسديد كرة قوية سكنت شباك نافاس، مع دخول سيميوني بخطته المفضلة، 4-4-2 دون تغيير في التمركز، لكن بتغييرات محورية في التشكيلة الأساسية، بدخول ليمار وكوكي على الأطراف، مع ساؤول ورودري بعمق الارتكاز، أمام رباعي الدفاع، لوكاس، سافيتش، جودين، وفران، وفي المقدمة كلا من جريزمان ودييجو.

أما لوبيتيجي فتحول من 4-3-3 إلى 4-2-3-1، بتواجد كروس وكاسيميرو في محور الارتكاز، أمام راموس، فاران، كارفخال، ومارسيلو، مع وضع مودريتش على الدكة، ليبدأ أسينسيو وبيل على الأطراف، وفي المركز 10 إيسكو، على مقربة من رأس الحربة بنزيما.
نتيجة للتقدم السريع لأتليتكو، قرر سيميوني ترك الكرة لخصمه، والارتداد كعادته للخلف، ليسيطر الريال على الشوط الأول كاملا، من خلال فتح الأطراف بثنائي على كل جانب، مع دخول إيسكو كمهاجم إضافي بجوار بنزيما. واعتمدت خطة لوبيتيجي الهجومية على خلق التفوق العددي في جانب من الملعب، لفتح المساحات أمام المرمى بالعمق، هكذا سجل بنزيما هدف التعادل، وأضاع هجوم الريال أكثر من فرصة حتى الاستراحة.

نجحت خطة لوبيتيجي في الشوط الأول، لكنها توقفت تماما بعد ذلك، حتى بعد تقدم فريقه بالنتيجة عن طريق راموس، لضعف اللياقة البدنية للاعبيه، خصوصا أسينسيو وبيل، واستمرار توهان إيسكو تحت الضغط، نتيجة احتفاظه المبالغ فيه بالكرة، ليفقد الفريق رونه بالثلث الهجومي الأخير، ويتضح بشدة تأثير رحيل رونالدو على صفوفه. لذلك تدخل المدرب سريعا ليشرك لوكا مودريتش مكان أسينسيو، ويعود إلى 4-3-3، لكن دون جدوى على مستوى الأداء.

أتليتكو نفسه لم يكن أفضل حالا، استحوذ على الكرة دون خطورة، وبعد تأخره في النتيجة، فشل الفريق في صناعة فرص حقيقية طوال الشوط الثاني، رغم دخول كوريا وفيتولو، حيث جاء هدف التعادل نتيجة خطأ لا يغتفر من مارسيلو، بعد أن استهان بالمباراة، وحاول الاستعراض على حساب مجهود زملائه.

انقلبت المباراة تماما في الأشواط الإضافية، بسبب الأخطاء الغريبة من دفاعات الريال خصوصا فاران، وتفوق الأتليتي بدنيا ولياقيا على جاره، ليسجل ساؤول وكوكي هدفين متتاليين، ويقلب الشولو الطاولة على الجميع، مع إعلان واضح وصريح، حذاري من أتليتكو مدريد هذا الموسم.

أصبح أتليتكو مدريد أقوى عناصريا، وزادت خبرته بشكل واضح، مع وجود أكثر من مصدر للخطورة عكس السابق، فجريزمان كان سيئا بالسوبر، لكن فريقه فاز بالأربعة، لأن دييجو كوستا في الخدمة. كذلك صارت أسماء أخرى ذات ثقل واضح داخل الملعب، مثل كوكي وساؤول، دون نسيان تحسين مستوى دكة البدلاء، بأسماء مثل فيتولو، كالينتش، كوريا، والغاني توماس بارتي.

كل هذا التغيير يجعل فريق سيميوني مرشحا قويا في مباريات خروج المغلوب، ويحميه من الآفة السلبية التي دمرته بالمواسم الأخيرة، نتيجة صعوبة تعامله مع الفرق التي تدافع مثله وتعتمد على المرتدات، كما حدث في نهائي 2016، والدور الأول بمسابقة 2018، وبالتالي جاء السوبر كبشرة خير تعكس التطلعات الإيجابية لجمهور وإدارة أتليتكو مدريد.
لكن مع المديح المستحق، توجد نقاط ضعف أيضا، لأن أتليتكو مدريد استمر ضعيفا بالكرة، رغم فوزه، حيث جاءت الأهداف من أخطاء واضحة لدفاعات الريال، أكثر منها لعب منظم ومدروس، لذلك قد تستمر المشاكل حاضرة في بطولة الليجا الإسبانية، لأن سيميوني يواجه فرق متنوعة، تعرف نقاط ضعفه جيدا، وتواجهه بدفاع متحفظ ومساحات ضيقة، مما يجعله مجبرا على الابتكار، الذي لا يزال عاجزا عن فك طلاسمه، حتى بعد التفوق على الريال بالأربعة!

في المقابل لوبيتيجي يحتاج إلى عمل مضاعف، صحيح أنه يملك عقل تكتيكي جيد، لكن هذا ليس كافيا بالمرة، لأن التطبيق العملي داخل الملعب أهم من أي نظرية على الورق، فالمدرب الجديد لحامل لقب دوري الأبطال وقف عاجزا عن التعامل مع مجربات المباراة، وجاءت تغييرات ضعيفة بلا مضمون، مع إدارته السيئة للأشواط الأربعة، من خلال الاندفاع غير المبرر في أول 60 دقيقة، وانتهاء أوراقه ومفاتيحه وأفكاره خلال بقية اللقاء، لينعكس بالسلب على نجومه، ويجد نفسه مطالبا بالرد السريع في مباريات الدوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى