* ريال مدريد .. كيف يخرج من عنق زجاجة مارسيلو ..؟

 

تحليل – محمد العولقي

* لماذا تراجعت اكتساحية نجوم ريال مدريد في (لاليغا)..؟ هل أرهقوا ..؟ هل تراكم عليهم الضغط النفسي برحيل رونالدو ؟ أم أن ما يحدث للريال مجرد زوبعة في فنجان ..؟

اختلفت الآراء الفنية حول هوية ريال مدريد مع مدربه الجديد لوبيتيجي ، هناك من يضع يده على جرح الجهة اليسرى حيث يتموضع الظهير البرازيلي مارسيلو ، وهناك من يعزو التذبذب في المستوى لطريقة لعب لوبيتيجي المكشوفة ..

طرف ثالث يرجع اهتزاز المستوى لحالة الإعياء الذهنية للاعبين بلغوا مراحل متقدمة مع منتخباتهم في كأس العالم ، أبرزهم فاران المتوج بالذهب ، ومودريتش الحاصل على الفضية ، ثم الموسم الطويل والمتعب  للاعبي الريال مقارنة بالآخرين ..

يبدو أن ريال مدريد يدفع ضريبة الإرهاق بالفعل ، فنجومه لم يحصلوا على القسط الوافر من الراحة ، ولعل الانحدار البياني في مستوى أهم أعمدة الفريق مرده الإرهاق دون سواه ، وبالتأكيد سيتوقف هذا الخط ليعود البريق والاكتساح للاعبي الريال عندما يسترد الفريق طراوته البدنية ، ويسد المدرب ثغرة مارسيلو.

لبس فنيو الريال قفازات الطوارئ مبكرا جدا ، بالنسبة للريال لم يألف من قبل خسارة السوبر الأوروبي أمام الجار أتلتيكو مدريد ، ولم يهضم فنيوه الهبوط الحاد في شهية اللاعبين بعد خسارة موجعة في الدوري من إشبيلية ، وتعادلين بطعم العلقم أمام أتلتيك بلباو في (سان ماميس) ، وآخر أمام الجار الصعب أتلتيكو مدريد في (سانتياغو برنابيو)..

أصبح ريال مدريد يجد صعوبة في الحفاظ على شباكه نظيفة ، فالأهداف الذكية والغبية التي تسكن مرماه ولدت ضغطا نفسيا على اللاعبين ، وهو عامل جعل الريال يتأرجح على مستوى رد الفعل ، ضف إلى ذلك حالة الاختناق التي تعصف بعمق الفريق هجوميا  دون حلول تذكر ..

وبعيدا عن الاجتهادات الفردية المبنية على العاطفة ، وبعيدا أيضا عن تعليق ذلك التأرجح على شماعة مغادرة كريستيانو رونالدو للريال ، يدرك الفنيون أن ذلك التأرجح سببه اثنان ، المدرب ، والظهير الأيسر للفريق الملكي ..

حتى الآن فشل لوبتيجي في الاختبارات الأهم أمام الفرق ذات الطراز شبه العالي ، لم يفز في الدوري إلا على فرق ضعيفة ومتوسطة ، عانى أمام بعضها قبل أن يكسبها بفارق الخبرة والرهبة فقط ..

لا يبدو أن لوبتيجي وضع يده على نقاط ضعف الريال رغم أنها قليلة ولكنها واضحة ومؤثرة ، لعل أخطرها أن الجهة اليسرى تمثل عملية عنق الزجاجة التي تخنق الفريق على مستوى ارتداد الريال وامتداد الخصوم ، لقد تحول مارسيلو إلى نقطة ضعف دفاعية بالغة الخطورة ، فالبرازيلي يتوه دفاعيا ويترك خاصرته عرضة لغزوات الهجوم، دون أن يضع المدرب استراتيجية تكتيكية تمكن الفريق من تجاوز عنق الزجاجة المارسيلوية ..

 

يستئثر البرازيلي مارسيلو في الجهة اليسرى للريال بكل أنواع النقد المتناقض ، فهو على حد زعم كل الفنيين في العالم (الملاك الشرير) ، يبدو الجمع بين صفات الملاك واضدادها يمثل منهجية تتمايز بها  الأشياء ، لكن لماذ استأثر مارسيلو بهذين النقيضين ..؟

كيف أصبح سلاحا رهيبا ذا حدين ..؟

للإجابة على هذا السؤال، يجب الوضع في الاعتبار أن منهجية لوبتيجي تحمل بعض الغرابة ، فالمدرب الجديد للميرنجي يركز بصورة واضحة على مواقع اللاعبين دون وضع في الاعتبار نقطتين تكتيكيتين :

الأولى: إهمال لوبتيجي للحالة التي يكون عليها اللاعبون عندما يفقد الفريق الكرة ، دون وضع آلية تكتيكية ممنهجة لاسترجاع الكرة، هنا يفتضح دور مارسيلو الدفاعي بصورة مستفزة ..

الثانية: يتجاهل لوبتيجي تماما تموضع لاعبيه وتمركزهم عند فقدان الكرة في ملعبه ، هنا تتضارب المهام في الوسط ، فلا يجد مارسيلو العون من كروس البطئ عند الارتداد ، في وقت لا يستطيع مارسيلو العودة بنفس سرعة الامتداد ، هذا عمل خارق يصعب على ابن الحادية والثلاثين عاما القيام به ..

من أبرز عيوب لوبتيجي التكتيكية أنه يؤمن تماما أن نظام اللعب هو الذي ينجز مهام اللعب الفردي ، في حين أن المتعمقين في قراءة الشاكلات يرون أن تقنية اللاعبين المهارية هي التي تحدد نجاح أي نظام من عدمه ..

أظن أن أي رجل فني يتابع نظام لعب لوبتيجي مع الريال ، سيكتشف أن لوبتيجي يدير الريال بنفس نظام إدارته لمنتخب إسبانيا ، يتناسى نقطة ضعف الجهة اليسرى دفاعيا ،لأنه يتجاهل هذه الحقيقة : القدرات التقنية للاعبين و وعيهم التكتيكي وأدائهم الجماعي هجوما ودفاعا مع توزيع المهام بدقة، كلها عوامل تساهم في تجسيد المرونة التكتيكية عند تنفيذ الواجبات والتحول من طريقة إلى أخرى أثناء اللعب ، وطبقا لمتطلبات المواقف المختلفة التي تمر بها المباريات الصعبة ..

يبرز مارسيلو ملاكا في الحالة الهجومية ، فهو حل تقني مهم وفاعل، لأنه يمتلك مبادئ اللعب الهجومي ، ولأنه يقوم بالوظائف التالية :

– المساندة الهجومية ..

– الانتشار العرضي النموذجي .

– الاختراق الفردي المهاري ..

– التحرك الإيجابي طولا وعرضا ..

– المجازفة الفردية ..

غير أن مارسيلو يبدو شريرا ، لأنه لا يقوم بواجباته الدفاعية، باختصار يفتقد مارسيلو رغم علو كعبه مهاريا لمبادئ اللعب الدفاعي، لأنه:

– يتأخر في رد الفعل ..

– ضعيف غالبا في المساندة الدفاعية ..

– قليل التركيز في الناحية الدفاعية ..

– لا يجيد التغطية عند فقدان الكرة ..

– ضعيف جدا في عملية الاتزان الدفاعي ..

رغم أن مارسيلو يبدو بوجهين متناقضين ، أحدهما مليح ، والآخر قبيح ، إلا أن المشكلة تكمن في لوبتيجي ونظامه الذي جعل ريال مدريد أسيرا لعنق زجاجة مارسيلو..

 

يستطيع لوبتيجي أن يتفادى الفأس قبل أن يقع على الرأس ، لو أعاد النظر في ترميم الحالة الدفاعية ومن ثم تحصين الجهة اليسرى دون أن يضر بتحليقات مارسيلو الهجومية التي تصنع الفارق في كثير من المباريات الصعبة محليا وأوروبيا ..

وقبل تحرير الشاكلة من اللعب السلبي ، عليه أولا أن يبحث عن معول وسط طرفي يكون عونا لمارسيلو في الحالة الهجومية ، فقد أثبتت التجارب أن الألماني توني كروس ليس الآلة الطرفية التي تحمي ظهر مارسيلو ، يمكن للمدرب تحويل مارسيلو إلى لاعب وسط طرفي، واللعب بظهير أيسر ثابت في الحالة الدفاعية ..

وهناك خيار آخر يبدو مجازفة تكتيكية لم يألفها الريال ، وتكمن في تغيير الشاكلة نفسها من 4/3/3  الى شاكلة 3/5/2 ، بحيث يكون هناك ليبرو ولاعبين مساكين لسد الرواقين ، هذا النظام يضمن تحرير مارسيلو من أي واجبات دفاعية ، لكنها بالمقابل شاكلة قد تحنط الكثير من فرديات لاعبين طرفيين مثل أسينسيو و فاسكيز وبيل ..

بقليل من التأني يستطيع لوبتيجي وضع الحل الناجع للريال ، ربما كان التكاتف الجماعي والتموضع التكتيكي المدروس خيارا ملحا كي يخرج ريال مدريد من عنق زجاجة مارسيلو ، كما تخرج الشعرة من العجين ..!


اقرأ أيضا: أيام الصيام والشك في مدريد.. لوبيتيجي ظالما ومظلوما

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى