سواريز أمام بنزيما.. عودة آكل لحوم البشر!

 

تحليل – أحمد مختار

حقق برشلونة فوزا عريضا على ريال مدريد في الكلاسيكو الأخير، بعد الفوز بخماسية مقابل هدف، ليسيطر الكتلان على أجواء اللعبة في إسبانيا، ويؤكد فالفيردي أنه بمقدوره فعل الكثير، إذا تخلى عن خوفه وتحفظه، وفرض أسلوبه الجماعي على اللاعبين، كما حدث في القمة الأخيرة ضد الريال، باستثناء الربع ساعة الأولى من عمر الشوط الثاني.

استحق لويس سواريز نجومية المباراة، بعد تسجيله ثلاثة أهداف في شباك كورتوا، وحمله برشلونة على عاتقه في ظل غياب ميسي، ليقدم اللاعب اللاتيني المعروف في الأوساط الجماهيرية بـ “العضاض” قمة مثالية، ليحصل على أعلى تقييم ممكن، 9.7 وفق معظم نتائج مواقع الإحصاءات..

بينما لم يقدم بنزيما شيء كبير، ليفشل في تسجيل أي هدف، ويحصل على تقييم ضعيف جدا في المقابل، وكأن هجوم الفريقين عبارة عن أفضل/ أسوأ لاعبي الكلاسيكو.

لم يعد هناك جيرد موللر، المهاجم الهداف الذي يقف داخل منطقة الجزاء لكي يحصل علي الكرة ويسجل هدف، جاري لينكر في انجلترا، فيليبو انزاجي مع إيطاليا، فان نيستلروي والطواحين الهولندية، حسام حسن ماكينة التهديف المصرية.

اختفي مهاجم الصندوق بعيدا عن الأضواء، ولم نعد نشاهد لاعبين من طينة هؤلاء، وفق تحليل قديم للكاتب جوناثان ويلسون.

ومع تطور خطط الدفاع خلال السنوات الأخيرة، أصبح الخط الدفاعي مقسم بين أكثر من لاعب، مع ضغط غير طبيعي يتم تطبيقه من لاعبي الوسط.

لذلك قلّ عدد الأهداف التي يتم إحرازها من داخل منطقة الجزاء، بسبب التكتلات الدفاعية التي أجبرت المهاجمين علي الإبتعاد والنزول إلى الخلف من أجل التسديد والتمرير.

وتحول دور المهاجم التقليدي إلى مرحلة ما بعد الهدف الاول حيث تُفتح دفاعات الخصوم بسبب الرغبة في التعويض، فتظهر المساحات التي يستفيد منها الهداف المتمركز داخل الصندوق.

كان هذا هو السبب المنطقي لما يعرف بظاهرة كريم بنزيما وأقرانه، المهاجم الذي يتفنن في إضاعة الفرص السهلة، لكنه يفيد زملائه على مستوى الضغط، البناء، التحركات بالكرة ومن دونها، ليحافظ على مكانته في ريال مدريد، مع عدة مدربين كمورينيو، أنشيلوتي، زيدان، وحتى لوبيتيجي.

بنزيما ملك هذه المهارة، يتحرك باستمرار في الاتجاه الصحيح، ليس بالضرورة أن يكون تحركه من أجل التسجيل أو الأسيست، أحيانا تزيد قيمة الحركة لخلق الفراغ للآخرين، وهذا ما يحدث كثيرا في علاقة المهاجم بزملائه في هجوم الملكي..

فرونالدو كمثال يجد فراغ أكبر للتحرك عندما يلعب أمامه كريم، لأن الفرنسي مهاجم متحرك غير ثابت، يحجز المدافع لصالح رفيقه، ويقطع من العمق إلى الطرف أو العكس، في سبيل استلام كريستيانو للكرات في مناطق خطيرة بالقرب من المرمى.

الحقيقة أن أدوار بنزيما بقت كما هي، لكن بعد رحيل رونالدو، أصبح مطلوبا منه شيء أكبر، التسجيل وترجمة الفرص إلى أهداف، رفقة بيل وإيسكو وغيرهم.

وخلال الكلاسيكو ضد برشلونة، قامت فكرة لوبيتيجي هجوميا على الاستفادة من قدرات مارسيلو، بتحول بنزيما إلى الطرف الأيسر، ودخول إيسكو في أنصاف المسافات، مع صعود مارسيلو كمهاجم إضافي، أو قلب اللعب من اليسار إلى اليمين، كما حدث في الهدف الأول، بعد تمرير بنزيما من العمق إلى اليمين، قبل وصولها إلى فاسكيز.

خدم بنزيما تكتيك ريال مدريد في فترات سابقة، لكن مؤخرا لم يعد هذا كافيا، لذلك أضاع فرصا سهلة ضد برشلونة، ووضعه جمهور الريال كأحد أسباب الهزيمة في الكلاسيكو، خصوصا بعد رأسيته التي علت العارضة، قبل هدف سواريز الثالث، الذي أنهى كل شيء تماما.

في المقابل، تحسن مستوى سواريز كثيرا مؤخرا، وقدم الأوروجوائي مباراة رائعة ضد إنتر ميلان، بعد تواجده في المركز 10، على مقربة من لاعبي الوسط، وتحركاته يمينا ويسارا، للربط مع رافينيا وكوتينيو..

إنها المهام الرئيسية للمهاجم في رسم 4-3-2-1، الذي ينتهجه فالفيردي منذ فترة. المهاجم العنيف في تدخلاته، والذي تشعر عندما تشاهده أنك في حضرة “هانبيال”، ذلك العمل الفني الذي جسد دور القاتل المتسلسل آكل لحوم البشر، ومع الاختلاف الكبير بين الفن والرياضة، إلا أن سواريز قام بشيء قريب، لكن داخل الملعب في كامب نو هذا الأسبوع.

لم يعد دور سواريز تسجيل الأهداف فقط، بل المشاركة في صناعة اللعب، وهذا ما جعله عرضة للانتقادات، نتيجة سوء لمسته الأولى والثانية، بالإضافة لرعونته في بعض المواقف التي كلفت فريقه ضياع الهجمة..

لكن منذ مباراة إشبيلية بالتحديد، عاد لويس إلى القمة كما عهده الجميع سابقا، من خلال تحركات مدروسة، ولمسة أولى جيدة، والأهم من كل شيء، الحسم أمام المرمى.

مهما تطورت خطط اللعبة وصار للمهاجم وظائف أخرى تخدم التكتيك، يبقى تسجيل الأهداف بمثابة “حبة الكرز” بالنسبة لأصحاب الرقم 9، لذلك يعتبر هاتريك سواريز أمام الريال أقرب إلى شهادة الجودة لمستوى اللاعب بالفترة الحالية، حيث أنه لم يكتف بالصناعة والضغط والحركة، بل كان قاتلا ضد منافسه، بتسجيله ضربة جزاء، ورأسية، وكرة أرضية، ليكون نجم القمة دون منازع.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى