إنتر و نابولي.. يوم أحرق سباليتي أفلاطون الذي بداخله

 

تحليل: يوسف حمدي

لا لا، لن تشاهد ما اعتدت مشاهدته في كل حديث عن الإنتر، اليوم لا تلاعب بالألفاظ من أجل إهانة سباليتي، ولا حديث عن تبديلاته العجيبة التي أضاعت المباراة، ولا حديث سلبي عن الرجل أصلًا، اليوم سنضطر آسفين إلى رفع القبعة للوتشيانو على مباراة مثالية، في انتظار أن تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي مستقبلًا.

إنتر لعب بشكل جيد، بشكل جيد؟ بل لعب واحدة من أفضل مبارياته هذا الموسم على الإطلاق، لن أحدثك كثيرًا حول جودة الإنتر، سيكفي أن أخبرك بشيء بسيط وأنت ستستطيع بدورك إدراك البقية، دي أمبروزيو لعب بشكل جيد، لحظة قبل أن تندهش، كوادو أسامواه كان أحد نجوم الليلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قبل أن ندخل في التفاصيل أيضًا وجب الإشارة إلى شيء هام، ألا وهو أن نابولي لعب هذا الموسم أمام كل من يوفنتوس و ليفربول وباريس سان جيرمان، جميعهم لم يقدموا مباراة بهذه الجودة التي قدمها إنتر، وكل كلوب أو توخيل أو أليجري لم يستطع قراءة المباراة كما قرأها سباليتي، الآن يمكننا أن نبدأ.

مضطر أخاك، وبطلٌ أخاك الآخر

سباليتي سيدخل المواجهة فقط بدون ميراندا المصاب، وبدون ناينجولان الذي لا يريد ارتداء قميص الإنتر، والذي لم يرد ارتداءه منذ أول يوم بالمناسبة، عدا ذلك فجميع الخيارات متاحة أمامه، تلك التي سيختار منها هاندانوفيتش كالعادة، رباعي دفاعي مكون من دي أمبروزيو يمينًا وكوادو يسارًا وقلبي دفاع هما دي فري وسكرينيار كالعادة أيضًا، وسط ملعب مكون من بروزوفيتش وجواو ماريو وبورخا فاليرو، بوليتانو على اليمين، بيريزيتش على اليسار، وبينهما ماورو إيكاردي مهاجمًا وحيدًا، والرسم التكتيكي 4/3/3 كالعادة أيضًا.

على الجانب الآخر دخل أنشيلوتي المواجهة بدون السيد هيساي، فقرر اللجوء إلى حيلة غريبة بأن أدخل كاييخون كظهير أيمن، معه ماريو روي كظهير أيسر لعدم اكتمال جاهزية فوزي غلام، كوليبالي بجوار ألبيول في قلب الدفاع، ألان وهامشيك في عمق الوسط، فابيان رويز على اليسار، زيلنسكي على اليمين، خلف مهاجمين هما إنسيني وميليك، برسم تكتيكي 4/4/2.

في إنتر بروزوفيتش كلاعب ارتكاز أول أمام الدفاع، تبدأ الكرات من عنده وغالبًا ما تنتهي كرات نابولي عنده أيضًا، يميل جواو ماريو إلى اليمين، ليشكل جبهة يمنى ثلاثية مع كل من دي أمبروزيو وماتيا بوليتانو، وفي الناحية الأخرى يميل فاليرو إلى اليسار لينضم إلى بيريزيتش وكوادو أسامواه الذي أدى مباراة جيدة، نعلم أننا أشرنا إلى ذلك ولكنه شيء لا يتكرر كثيرًا، لذا فهو يستحق الاحتفال على أية حال.

في نابولي يعود إنسيني ليشكل دور حلقة الوصل بين الوسط والهجوم، عدا ذلك، نفس الـ 4/4/2 المسطحة التي اعتاد عليها أنشيلوتي في المواجهات الكبرى، مسطحة لتضمن تواجد لاعبي وسط على الأطراف يلعبان كظهيرين إضافيين، وجناحين في وقت الحاجة، وثنائي وسط يتقدم أحدهما ــ هامشيك ــ منضمًا إلى الثنائي الهجومي لتنقلب الخطة إلى 4/3/3 في الحالة الهجومية، وأحدهما الآخر ــ آلان ــ يظل في الخلف من أجل تأمين ظهر الوسط في المرتدات وفي حالة ضغط الخصم المتقدم.

تشكيل الفريقين – هوسكورد

غلق المفاتيح

في مثل هذه المباريات يلعب أنشيلوتي على المساحات الموجودة خلف الوسط والدفاع، وخلف الأظهرة بالأحرى، ولكن الشيء الذي عطل ذلك أشرنا إليه حوالي 67 مرة من قبل وهو أن كوادو أسامواه ودي أمبروزيو لعبا بشكل جيد، التمركز لكلا الظهيرين لم يسمح بوجود مساحات خلفهما، ومع انضمام فاليرو يسارًا ناحية كوادو مع عودة الجناح بيريزيتش، وميل جواو ماريو يمينًا ناحية دي أمبروزيو وعودة الجناح بوليتانو، أصبح كل من فابيان رويز و وزيلنسكي محاصرين بين ثلاثة لاعبين هنا وثلاثة لاعبين هناك، وهذا ما أغلق في وجه أنشيلوتي على مستوى أطرافه.

من العمق لم يترك إنتر الكرة لنابولي حتى يستطيع الاختراق، وحتى في حال كانت الكرة بين أقدام عناصر نابولي فإن الكثافة العددية كانت تكون في صالح إنتر، مما يصعب من مهمة الدخول من العمق، وبالعودة إلى النقطة الأولى تجد أن إنتر كان متحكمًا في سير اللقاء بشكل وضع الاستحواذ بين أقدام لاعبيه معظم أوقات الشوط الأول، لذا لم تكن هناك فرصة لرجال أنشيلوتي للتنفس في وسط الملعب الآخر حتى.

وماذا أيضًا؟ الضغط ثم الضغط ثم الضغط، إنتر يستخدم بوليتانو للمستين قبل الأخيرة وقبل قبل الأخيرة، هو الذي يتولى عملية ما بعد الخروج بالكرة، وما قبل اللمسة الأخيرة، تلك التي غابت طيلة الشوط الأول، نظرًا لوجود إيكاردي في أحضان كوليبالي، والأمر صعب كما تعلم عزيزي القارئ.

مجبرٌ أخاك، مرة أخرى

أنشيلوتي وجد نفسه مجبرًا على التخلي عن مارك هامشيك بعد الربع ساعة الأولى، كما وجد نفسه مجبرًا على التخلي عن فوزي غلام قبل البداية، كما وجد نفسه مجبرًا على اللعب بكاييخون كظهير أيمن لأنه لا يمتلك ظهيرًا أيمن، كل هذا وأنت تواجه خصمًا يتفوقك عليك بعد أول ربع ساعة تلك.

هنا لجأ أنشيلوتي إلى ماكسيموفيتش، الذي أتى معوضًا لهامشيك، ولكنه لم يلعب في العمق كما كان يلعب هامشيك، بل التزم بالجبهة اليمنى، وانضم زيلنسكي إلى العمق نسبيًا مع ميلع قليلًا على الناحية اليمنى، كل هذا وألان بالطبع متكفلًا بالعمق كالعادة.

هجوميًا واجه أنشيلوتي تلك الثلاثيات التي تحدثنا عنها سلفًا، جواو ماريو وفاليرو لتحريك الكرة على الأطراف، مع تحركات عشوائية بين الظهيرين والأجنحة، وهو ما جعل نابولي قادرًا على السيطرة على تحركات لاعبي إنتر كلما اقتربوا من العمق، أو كلما اقتربوا من إيكاردي بالأحرى، عدا ذلك، فإنتر استطاع أخذ حريته كما يحب دون مضايقة.

“الخريطة الحرارية لماكسيموفيتش والتي توضح تمركزه على اليمين – هوسكورد”

 


“الخريطة الحرارية لزيلنسكي والتي توضح ميله للعمق – هوسكورد”

3 تبديلات صحيحة

يحضرني هنا صوت الراحل د/ مصطفى محمود، أتخيل المشهد بصوته يقول “شوف شوف شوف هذا الرجل الأصلع الذي يشبه المدربين، هو من فصيلة السباليتييات، ودائمًا ما يفسد كل شيء إما بتبديلاته وإما بتبديلاته أيضًا، ولكنه النهاردة سبحان الله قرر مخالفة عاداته والحفاظ على كرامة والدته رحمها الله”.

لوتشيانو سباليتي أخرج إنتر من دوري الأبطال بتبديلاته الحمقاء، أمام توتنهام تارة وأمام أيندهوفن تارة أخرى، خسر ديربي إيطاليا أمام يوفنتوس بنفس التبديلات الحمقاء، وصل إلى مباراة نابولي بعيدًا عن المنافسة على أي شيء، ولا أعلم لماذا انتبه لكون تبديلاته حمقاء في هذا الوقت تحديدًا، ليقرر ألا يسمح لها بإفساد مباراة من أفضل ما قدم هو وفريقه خلال الموسم.

الأمور تحتاج إلى بعض التوازن؟ لا بأس، سأخرج فاليرو المرهق وأدفع بفينسينو، تبديل سيحرر جواو ماريو من الواجبات الدفاعية التي سيلتزم بها فينسينو رفقة بروزوفيتش، كيتا بالدي هذا الذي تطالبون به سأدفع به بدلًا من بيريزيتش لإضفاء الحيوية على الجانب الأيسر، وأخيرًا بمجرد أن يطرد كوليبالي سأستغل الموقف وأدفع بلوتارو مارتينيز كمهاجم ثانٍ خلف إيكاردي بدلًا من جواو ماريو.

في آخر مرتين احتاج فيهما إنتر لهدف في موقف مشابه قرر سباليتي الدفع بجواو ميراندا في مرة، وبفيرساليكو في مرة أخرى، هي أشياء تجعل مشجع الإنتر يشكر الله على إصابة ميراندا بالطبع، تلك التي لولاها لربما كان هو البديل وليس ميراندا، ولفشل سباليتي في خطف التقدم كالعادة، ولفشل كذلك في الحفاظ على كرامة والدته رحمها الله.

إنتر الآن ثالثًا كما هو، ولكن مقلصًا الفارق مع نابولي إلى 5 نقاطٍ فقط، ومحملًا بدفعة معنوية ربما تعطيه شيئًا مما تبقى له هذا الموسم، شيء من تلك الأشياء التي يحتاجها الإنتر حتى يكتمل مشروع ماروتا المنتظر من الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى