موسم سقوط الأبطال في الدوريات الأوروبية

 

توووفه – حسام نصر

مع دخول الدوريات الأوروبية الكبرى، في منعطفها الأخير هذا الموسم، بدأت ملامح أبطال هذه المسابقات، تلوح في الأفق بصورة كبيرة، وباتت مسألة تتويجهم باللقب، مسألة وقت لا أكثر، حتى وإن ظلت المنافسة محتدمة في القليل منها..

الملفت في الأمر، أنه عقب مرور نحو ثلثي مراحل المسابقات الأوروبية، فإن أغلب متصدري هذه الدوريات، هم فرق مختلفة عن أبطال الموسم الماضي، فما الذي حدث لأبطال العام الماضي؟

  • “أسرار الانهيار المدريدي”

في الدوري الإسباني” الليجا”، تحول ريال مدريد حامل اللقب، إلى نسخة باهتة من الفريق الذي أكل الأخضر واليابس في القارة العجوز الموسم الماضي، وبات تتويجه بالليجا، شبه مستحيل.

فالفريق الملكي الذي أنهى الموسم المنصرم، بأفضل طريقة ممكنة، بقيادة مديره الفني الفرنسي زين الدين زيدان، بدأ هذا الموسم، بشكل أكثر من رائع، إثر تتويجه بلقب كأس السوبر المحلية على حساب غريمه التقليدي برشلونة بفوزه عليه ذهابا وإيابا، وهو ما جعل الجميع يعتقد أن رجال “زيزو” سيواصلون هيمنتهم على الألقاب المحلية والقارية، وأن التتويج بالليجا للعام الثاني على التوالي، مسألة وقت لا أكثر.

إلا أن ما حدث عقب ذلك، يصعب تفسيره، فالميرينيجي بدأ رحلة الدفاع عن لقبه المحلي بنتائج مخيبة لآمال جماهيره، وتكررت عثراته بالتعادل والخسارة أمام فرق متواضعة بالدوري الإسباني، وبعضها على ملعبه سنتياجو برنابيو.

أرقام ريال مدريد هذا الموسم، تثبت أن هناك خللا كبيرا في منظومة زيدان، لا يعرفه هو، أو لاعبيه، وفقا لتصريحات سابقة لعدد منهم. هذه الأرقام، تشير إلى أن الملكي تلقي 4 هزائم، وتعادل في ست مباريات، من مجموع 21 مباراة فقط خاضها في الليجا حتى الآن، في حين حقق الفوز في 11 مباراة فقط، جعلته يحتل المركز الرابع في ترتيب الليجا برصيد 41 نقطة، وهي أرقام تعكس بلا شك، الانهيار الملكي، مقارنة بالموسم الماضي، الذي لم يخسر فيه سوى في 3 مباريات، وتعادل في 6 مباريات من مجموع 38 مباراة.

أسباب هذا الانهيار، أرجعه متتبعون للفريق الملكي، لغياب ثقة اللاعبين في مدرب الفريق زيدان، وأكدوا أن رحيله بات في حكم المؤكد، عاجلا أو آجلا، في حين أكد البعض منهم أن المشكلة تتعلق فقط بفقدان الرغبة، لدى نجوم الملكي لتحقيق الألقاب، عقب الفوز بمعظم الألقاب الممكنة في العامين الماضيين.

يبقى أن تلك الصورة الباهتة لعناصر ريال مدريد، لا تعد مؤشرا جيدا سواء للمدرب أو مشجعي الفريق، خاصة أنه تفصلهم أيام قليلة عن مواجهة باريس سان جيرمان الفرنسي المدجج بالنجوم في دوري أبطال أوروبا، وهي المواجهة التي إن خسرها الملكي، ستعني خروجه خالي الوفاض هذا الموسم، بعد أن كان قد ودع مسابقة كأس الملك في وقت سابق.

  • “دائرة تشيلسي المغلقة”

بالانتقال إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، سنجد أن حال تشيلسي حامل اللقب في الموسم الماضي، لا يختلف كثيرا عن حال ريال مدريد، فالبلوز قدم موسما استثنائيا العام الماضي تحت قيادة مديره الفني الإيطالي أنطونيو كونتي، زينه بالتتويج بلقب البرمييرليج، وكانت كل الأمور تسير باتجاه الحفاظ على اللقب هذا الموسم.

جمهور الفريق اللندني وجد فريقه يدخل في دوامة من النتائج السلبية والعروض المتذبذبة، كان آخرها السقوط المذل على ملعبه “ستامفورد بريدج” أمام بورنموث بثلاثية نظيفة، ثم السقوط بالأربعة أمام واتفورد. وقد أشعل هذا التراجع بركان الغضب، في أوساط الجمهور اللندني وإدارة النادي، وبات الجميع يتحدث عن قرب رحيل كونتي مع أي سقوط جديد.

في الوقت الحالي، يحتل تشيلسي المركز الرابع في الدوري الإنجليزي برصيد 50 نقطة بفارق نقطة وحيدة عن ليفربول، صاحب المركز الثالث، وست نقاط عن مانشستر يونايتد، صاحب المركز الثاني، و19 نقطة كاملة عن مانشستر سيتي، متصدر المسابقة، وهو المركز الذي قد يكون مقبولا نوعا ما حتى الآن، نظرا لقوة المنافسة في البرمييرليج، لكن فقدان المركز الرابع وعدم بلوغ دوري الأبطال الأوروبي في الموسم المقبل، سيعني أن موسم تشيلسي كان كارثيا بكل المقاييس.

ما يحدث في تشيلسي، هذا العام جعل البعض، يتذكر ما حدث للمدير الفني السابق جوزيه مورينيو قبل عامين، حينما  أُجبر على مغادرة ستامفورد بريدج في الموسم التالي للتتويج باللقب، إثر النتائج السيئة آنذاك، واحتلال الفريق المركز العاشر، وحينها أكدت معظم وسائل الإعلام الإنجليزية، أن لاعبي تشيلسي الكبار أرادوا التخلص من مورينيو عبر التكاسل خلال المباريات، وهو ما تحقق لهم في النهاية.

هذا السيناريو بات يلوح في الأفق أيضا مع كونتي، حيث أكدت تقارير إعلامية، أن العلاقة بين كونتي وكبار لاعبي فريقه، وصلت إلى طريق مسدود، جعلت البعض منهم يقدم مستويات سيئة، خلال المباريات، وهو ما لاحظه البعض خلال لقاء الفريق الأخير مع واتفورد، من لاعبين مثل البرازيلي ديفيد لويز، والإسباني سيسك فابريجاس، والإنجليزي جاري كاهيل.

من بين الأسباب الرئيسية في أزمة تشيلسي هذا الموسم، هي الخلافات الحادة بين كونتي وإدارة النادي، وهي الخلافات التي تحدث عنها كونتي علنا في أكثر من مناسبة، عبر انتقاده، إدارة النادي لتقاعسها في إبرام التعاقدات التي طلبها لتعزيز صفوف الفريق، وإجباره على قبول صفقات دون المستوى.

التشابه بين وضع تشيلسي وريال مدريد، يصل أيضا إلى موقفهما في دوري أبطال أوروبا، حيث ينتظر البلوز موقعة نارية في دور الستة عشر أمام برشلونة الإسباني بعد أيام قليلة، وهي الموقعة التي قد تقصم ظهر كونتي رسميا، ليبقى تشيلسي يدور في دائرة مغلقة، تبدأ بالتتويج باللقب المحلي في عام، ثم رحيل صاحب هذا الإنجاز في العام الذي يليه.

  • “تراجع يوفنتوس”

في إيطاليا، وعلى الرغم من أن يوفنتوس حامل اللقب في المواسم الست الأخيرة، يبقى بعيدا بنقطة وحيدة خلف المتصدر نابولي، قبل انطلاق الجولة الرابعة والعشرين، وقد يخطف الصدارة خلال الجولات القادمة، إلا أن مستواه هذا العام، بدا بعيدا عن ذلك الذي قدمه الموسم الماضي، حينما سيطر على الصدارة منذ المراحل الأولى، وحتى التتويج باللقب.

تراجع مستوى “البيانكونيري” هذا الموسم، يرجع الي المنافسة الشديدة التي وجدها فريق السيدة العجوز هذا الموسم، من جانب فريق نابولي، وقبله فريق إنتر ميلان، الذي سيطر على الصدارة حتى الثلث الأول من الموسم، قبل أن يتراجع للمركز الرابع، ليفتح المجال أمام نابولي لمقارعة اليوفي وحيدا.

هذا التراجع قد يعود إلى تخلي الفريق عن بعض لاعبيه خلال موسم الانتقالات الصيفي، على رأسهم نجمي دفاعه، ليوناردو بونوتشي وداني ألفيش، دون تعويضهم بلاعبين على نفس المستوى، كما أن الفريق واجه مشكلة بسبب تراجع مستوى بعض نجومه، كهدافه الأرجنتيني، باولو ديبالا، الذي قدم بداية موسم مثالية، ثم تراجع مستواه، قبل أن يتلقى إصابة قوية أبعدته عن الملاعب لفترة ليست بالقليلة.

  • “اختفاء موناكو”

في الدوري الفرنسي، اختفي موناكو حامل اللقب الموسم الماضي، من ساحة المنافسة على اللقب منذ بداية الموسم. والواقع أن أسباب هذا الاختفاء كثيرة ولا تخفى على أحد.

فعقب موسم استثنائي لفريق الإماراة الفرنسية، أنهاه متفوقا على فريق العاصمة باريس سان جيرمان، بفضل كوكبة من اللاعبين الشباب. بدأت معظم أندية أوروبا، في توجيه أنظارها لهؤلاء النجوم، ليرحلوا واحدا تلو الآخر، صوب كبار القارة الأوروبية حتى أن بعضهم انتقل، للمنافس باريس سان جيرمان، كالنجم المميز كيليان مبابي.

ورغم ذلك، ما زال موناكو صاحب الفكر الاستثماري، يقدم مستويات مقبولة بالليج 1، ويحتل المركز الثالث في ترتيب المسابقة، قبل انطلاق الجولة 25، متخلفا بـ12 نقطة عن المتصدر باريس سان جيرمان، ونقطة عن مارسيليا الثاني، مبقيا على حظوظه في الانقضاض على الوصافة، في أي وقت، وهو المركز الذي سيعني بلا شك، نجاحا كبيرا لأبناء الإمارة هذا الموسم.

  • “هيمنة بافارية”

في ألمانيا، يبدو الأمر مختلفا تماما عن باقي الدوريات الأوروبية الكبرى، ففريق بايرن ميونيخ، حتى وإن تراجع أداؤه بعض الشيء هذا الموسم، لم يجد فريقا بالدوري الألماني قادرا على استغلال هذا التراجع، ومنافسته على الأقل حتى منتصف الموسم.

فبعد مرور عدة جولات في بداية الموسم الحالي، بدا واضحا أن الفريق البافاري ليس في أفضل حالاته، بعدما خسر عدة نقاط، تحت قيادة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، واعتقد الكثير من المراقبين، أن قطار بايرن ميونخ سيتوقف هذا الموسم، ليفسح المجال لأندية أخرى لاعتلاء منصة التتويج، خصوصا بعد بداية فريق بروسيا دورتموند القوية مع مدربه الهولندي بيتر بوس.

بيد أن الفريق البافاري استبق الأزمة وأقال أنشيلوتي، وعين المدرب المخضرم يوب هاينكس، الذي يتولى بنجاح حاليا، قيادة سفينة العملاق الألماني، وبات البايرن في طريق مفتوح نحو حسم اللقب السادس على التوالي، حيث يحلق وحيدا في الصدارة، مبتعدا بفارق 18 نقطة كاملة عن أقرب منافسيه بايرن ليفركوزن، قبل انطلاق الجولة 22، وهو الأمر الذي يبرز صعوبة وقوف الأندية الألمانية في وجه المد البافاري في الوقت الراهن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى