نيمار .. مشكلة أم إشكالية؟

تحليل- محمد العولقي

منطقيا سيغلق البرازيلي نيمار داسيلفا حسابه الثالث في بنك باريس سان جيرمان، ومن المفروض مراجعة الحساب والتدقيق في كل أرقامه، ثم اتحاذ القرار الأخير الذي يتناسب مع حجم مؤهلات لاعب دخل بالفعل ربيعه السابع والعشرين ..

سيكون على نيمار تحديد مستقبله النهائي مع البي إس جي الصائفة القادمة، لكن ليس قبل أن يحكم قلبه وعقله للإجابة على السؤال الذي يؤرقه ليلا ونهارا :
ترى هل لازال نيمار يؤمن بأنه الجانب المشرق في مشروع إدارة البي إس جي ..؟

حسنا دعونا نعيد صياغة السؤال على مقياس ثلاثة مواسم خريفية قضاها نيمار في باريس:
هل لازالت قناعة نيمار كما كانت عند القدوم من برشلونة ..؟
وهل ضعفت حماسة نيمار في الفوز بالكرة الذهبية في ظل التعثر الأوروبي المتواصل..؟

مشروع مختل الموازين

نيمار

عندما غادر نيمار فريق برشلونة ميمما وجهه شطر باريس سان جيرمان، كان في الواقع يهرب من سطوة ليونيل ميسي، فقد تأكد أنه لن يكون رقم واحد في برشلونة طالما وهو يعيش في جلباب ميسي..

كان الإيحاء الباريسي قد بلغ الزبى في ظل مشروع طموح كان أساسه وأسه نيمار دون غيره..

وعندما تجرأ باريس سان جيرمان وأفرغ خزائنه لأجل جلب نيمار بسعر فلكي (225 مليون دولار)، كان هذا مؤشر اطمئنان للاعب بأنه سيكون الرقم واحد بلا منازع ..

لم يكن هدف نيمار الدوري الفرنسي، فهو يعلم أن الفوز بالدوري الفرنسي أقرب إليه من حبل الوريد، كان رهان نيمار دوري أبطال أوروبا للوصول إلى الكرة الذهبية ..

أصبح موسم نيمار الثالث مع الفرقة الباريسية في حكم المنتهي، فهل تغيرت حسابات نيمار بعد أن تبخر حلمه بالفوز بالكرة الذهبية ..؟

بعيدا عن فلسفة أن نيمار يؤمن بمشروع البي إس جي الطموح، فلا العقل ولا القلب يوحيان بأن نيمار سيبقى حجر الرحى في مشروع إدارة البي إس جي مهما كان حجم التصريحات التي توزعها الإدارة بين الحين والآخر ..

الحقيقة الأخرى أن البرازيلي اكتشف أن مشروع باريس سان جيرمان اختلت موازينه تماما في ظل جلب مبابي الذي يريد هو الآخر الاستحواذ بالنجومية المطلقة، خصوصا بعد أن كان العامل الحاسم في قيادة الديوك الفرنسية نحو النجمة الثانية على صعيد بطولة كأس العالم بروسيا العام الماضي ..

العد التنازلي يقلق نيمار

نيمار ظهر في حفل عيد ميلاده مستخدما العكازات لمساعدته على الحركة

لنستقرئ قليلا تداعيات الإخفاق الأوروبي الثالث لباريس سان جيرمان ومدى انعكاسه على مستقبل نيمار، لو فعلنا ذلك سنستنتج أن مجرة الفريق في طريقها للتبعثر ..

قد يجد باريس مليون وسيلة لإقناع بعض جواهره بالبقاء للعام الرابع، لكنه سيبقى مكتوف الأيدي أمام طموحات نيمار الذي بدأ يشعر أن حلم بلوغ قمة أفضل لاعب في العالم يبتعد أكثر فأكثر ..

في منزله الفخم بباريس احتفل نيمار بعيد ميلاده السابع والعشرين، الذين راقبوه وهو يطفئ شمعة الاحتفال رصدوا ذلك الشرود الذهني الذي ينتاب اللاعب، فحتى ابتساماته بدت في أصيل الاحتفال وكأنها تخفي الكثير من الهواجس ..

طبيعي جدا أن يعصف القلق بنيمار فها هو عام آخر من أعوام القحط يمر دون أن تبدو بادرة تفاؤل تلوح في أفقه ..

الهاجس الحقيقي الذي يطير النوم من عيني نيمار يتعلق بأنه بالفعل يقترب من سن الأفول، وهو يدرك تماما أن أمامه ثلاث سنوات فقط لتحقيق هدفه بالتتويج بالكرة الذهبية والفوز بلقب أفضل لاعب في العالم ..

لكن كيف ..؟ ومع من؟ هذا هو السؤال الذي جعل نيمار مشكلة وإشكالية في الفريق الباريسي

الجماهير المدريدية لا تريده

ربما كان تفكير نيمار بعد انتقاله من برشلونة إلى باريس سان جيرمان ماديا بحتا، وهو تفكير أصبح لازمة لكل لاعب برازيلي قادم من قعر الفقر والمعاناة، لكنه بعد أن صار يقبض الملايين كل دقيقة أصبح في حاجة لأن يفرض نفسه ملكا للعالم، ونيمار بدون شك هو أهم موهبة فنية كبيرة ظهرت العقد الماضي مع ميسي ورونالدو بالطبع ..

لم يعد نيمار يفكر في سن السابعة والعشرين في جمع الأموال، فهو يملك رصيدا بنكيا يخول له شراء دولة في أمريكا الجنوبية، إنه الآن يفكر في بلوغ قمة العالم كرويا، فهل لازال نيمار يرى أن مشروع باريس سان جيرمان سيحقق حلم التتويج بالكرة الذهبية ولو لمرة واحدة ؟

أتصور أن حماسة نيمار تجاه هذا المشروع قد خفت موازينها، وربما كان عليه تدارك مواسمه الثلاثة القادمة بالرحيل إلى ريال مدريد بالذات ..

لكن قرار الانتقال إلى الريال ربما تأخر قليلا، لأن نيمار خسر الكثير العام الماضي والربع الأول من هذا العام، فالتقارير القادمة من مدريد تبدو صادمة لنيمار، لأن جماهير الريال تساند الإدارة بقوة في جلب المراهق الصغير كليان مبابي، وهي تراه الأنسب لسد فجوة كريستيانو رونالدو الموسم القادم، كما أن جماهير مدريد ترى في نيمار لاعبا متقلبا يمكنه أن يخون قميص الريال كما فعل مع برشلونة ..!

الفرصة الأخيرة ..

إذا كان القلق عند نيمار قد تطور ليصبح هاجسا يقض مضجعه ليلا ونهارا، فلأن مشكلته مع باريس سان جيرمان صارت إشكالية نفسيه بحته، فهو يتمزق بين العقل والقلب، عقله يحرضه على مغادرة سفينة البي إس جي بعد أن تأكد أنها مخروقة، وقلبه يشجعه على التأني حتى تتضح نوايا كليان مبابي منافسه المباشر الذي ينازعه عروة النجومية في الفريق الباريسي ..

وبين منطق العقل ومستقر العاطفة يتحلل نيمار نفسيا ويتآكل معنويا، فهو لازال متأملا في دور بطولي مع باريس سان جيرمان الموسم القادم، لكنه يعلم أن عليه اغتنام فرصة ريال مدريد الأخيرة كطوق نجاة، وإلا فإن كل المعطيات ستنقلب ضده ويتبخر حلم زعامة العالم ولو لمرة واحدة في زمن ميسي ورونالدو ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى