ليفربول -توتنهام.. من قال إن كرة القدم تخضع للمنطق؟

تحليل- محمد عصام

“صلاح، أيها الراقص الصغير” هكذا صرخ أحد الجماهير في “الميكروفون” الذي جذبه من معلق شبكة “سكاي سبورت”، وفي الحقيقة أن صلاح لم يسجل الهدف، وهو بالتأكيد ليس راقصاً، ولكن هي الهيستريا التي لا تخضع لتفسيرات منطقية.  

“العناد، المرونة، والبقاء ذهنياً” هي الصفات التي اختارها يورجن كلوب لتكون في لاعبي فريقه قبل المباراة، وهي ما أظهرها ليفربول مراراً وتكراراً هذا الموسم، الفريق الذي سجل أربعة عشر هدفاً من الدقيقة 81 حتى النهاية، وعشرة أهداف بعد الدقيقة 86، وستة أهداف بعد الدقيقة التسعين.

كشفت المباراة منذ بدايتها عن تحضير شامل من كلوب، حيث توقع دخول توتنهام بثلاثي دفاع، لذلك جاءت استراتيجيته واضحة ببقاء ثلاثي الهجوم في العمق، وشغل صلاح للثنائي روز وفيرتونخين على اليمين، وقطع ماني قناة الاتصال بين ألدرفيريلد وتربييه يساراً، من أجل تحرير أظهرة ليفربول لفتح الملعب عرضياً، بمعاونة الثنائي فينالدوم ميلنر.

وضع رهان بوكتينيو دفاعه في اختبار لايحسد عليه ضد سرعات هجوم الريدز، مع غياب ارتكاز صريح، وتقصير دفاعي واضح في التغطية على الأطراف من لوكاس مورا وديلي آلي، وانشغال إيريكسن بمساندة سيسوكو في العمق، بالإضافة لميل عام للدفاع من مناطق عميقة “Deep Block” تسمح بحرية التمرير والبناء من الخلف لأشبال يورجن كلوب.

استطاع ثلاثي هجوم الريدز حجز خماسي دفاعي بالكامل، لتظهر مساحات كبيرة لوسط وأظهرة ليفربول، وربع ساعة كانت كافية لتترجم هذه الرغبة الكاسحة، في لقطة ساذجة من ثلاثي دفاع توتنهام “الخجول”، ورأسية فيرمينيو منحت أصحاب الأرض التقدم.

تابع بوكتينيو الشوط الأول من سجن المدرجات، حيث يقضي فترة عقوبته، وحصل على إفراج مؤقت بين شوطي المباراة، ليدخل غرفة الملابس بتعليمات جديدة، ومنهج مختلف.

ستتحول الخطة إلى مزيج بين 4-2-3-1، و3-4-2-1، بصعود داني روز خطوات للأمام ليلعب دور خط الوسط المائل لليسار، وتحول يان فيرتونخين لمركز الظهير الأيسر، كريستيان ايريكسن يميناً، ولوكاس مورا متحرراً في عمق الملعب، مع مجازفة أكبر في الضغط بطول وعرض الملعب.

بدأ الفصل الثاني من المباراة، وبالتزامن مع عودة ليفربول للدفاع في الربع ساعة الأولى، تحرر توتنهام وظهر بأسلوبه المعتاد، وخلق العديد من الفرص وقف دفاع ليفربول عائقاً منع ترجمتها لأهداف.

جاءت المكالمة التليفونية في الدقيقة السادسة والستين من المباراة، حين تواصل بوكتينيو مع مساعده تحت أنظار الكاميرات، ليدفع بالكوري هيونج مين سون على حساب المدافع سانشيز، وتحول إلى تشكيلة 4-4-2، بتواجد سون جنباً لجنب مع كين في المقدمة، ونقل مورا للجانب الأيسر، مع ممارسة كين عادته في التحرك وسحب الدفاعات.

بعد دقيقة وحيدة من التغيير، جاء الهدف عبر تسلل سريع من التمريرات المتتابعة كتساقط قطع الدومينو، تمريرة قطرية من كين نحو تربييه ثم إيريكسن، والإنهاء عبر مورا من مسافة ثمان ياردات.

البحر من خلفكم، والعدو أمامكم، كلمات لم يقلها طارق بن زياد قط، لكنها تلخص الموقف الحالي. توجه كلوب مباشرة نحو أرنولد بتعليمات لدفع صلاح للمقدمة، مع نزول فابينهو وأوريجي، والتحول نحو خطة أقرب إلى 4-2-4، التعادل لا يشبع طموحات ليفربول اليوم.

عشوائية كبيرة في محاولات ليفربول، ومرتدة خطيرة من توتنهام، وفي اللحظات القاتلة جاء الهدف رقم 400 في عهدة كلوب مع الريدز، هدف عودة الروح إلى الجسد.

ربما أخطأ بوكتينيو بعدم إشراك وانياما، أو أذنب سيسوكو وسون بتضييع الفرصة الأسهل في المباراة، لكن من قال أن كرة القدم تخضع لعلم المنطق؟

لايمكنك لوم ليفربول على تسجيلهم لستة أهداف من أخطاء مباشرة لحراس المرمى -أكثر بثلاثة أهداف عن أقرب فريق-، لايمكنك لوم ليفربول على فرصة سيسوكو وسون ضد مدافع وحيد من ليفربول -والذي كان من حسن حظهم هو فيرجيل فان دايك-.

انتصار قبيح، تميمة الحظ، سمِّه كما تريد، ويورجن كلوب اعترف بذلك بعد المباراة، لكنه أكد أيضاً أن هناك نصف مليون طريقة للانتصار، وهو سيقبل أي منها في هذه المرحلة، حيث إن –على لسانه- “لا يوجد منتصر بدون بعض الحظ”.

“لا يمكنهم الاستمرار في الاعتماد على أخطاء الغير، لوريس أهداهم النقاط، استمتعوا واحتفلوا، لكن يجب أن تكون الرسالة هي تقديم أداء أفضل فيما هو قادم” يقول كابتن ليفربول سابقاً جريم سونيس، وهي الرسالة التي يجب أن تصل لغرفة ملابس الفريق، ولكن مع تلك الفرحة العارمة في أنفيلد البارحة، وبقاء ست مباريات، بينها مباراة وحيدة فقط ضد فريق من الستة الكبار –ضد تشيلسي في أنفيلد- هل توجد تلك الرغبة في التحسن، أم يكون الأرنب الذي احتفل بالسباق باكراً؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى