كتب: المر بن محمد الهاشمي
(1)
تعد الأندية الرياضية أفضل مكان لاحتضان مختلف القدرات والمواهب والابداعات ، وبيئة تصنع فيها الكوادر الوطنية، ولا شك أن تمكين كل ولاية من ولايات السلطنة في أن يكون لها نادي مستقل قريب من السكان لنشر الأنشطة الرياضية والثقافية والشبابية أمر حميد في غاية الأهمية، ومبررا منطقيا أسوة بغيرها من الولايات وخصوصا مع زيادة وتضاعف عدد السكان بتعداد 2020 مقارنة ب 2010م، وقد تجلى ذلك بإشهار أندية جديدة بست ولايات (العامرات، نخل، طاقة، إزكي، دماء والطائيين، ضنك) في ظل الاهتمام الذي يوليه قائد نهضة عمان المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق-أيده الله- تحقيقا لرؤية عمان 2040 لتكون هذه الأندية في ولاياتها بيئة حاضنة لمختلف فئات المجتمع لممارسة الفعاليات والأنشطة والبرامج المتنوعة.
(2)
وقبل ما يقرب من 20 عاما اتجهت الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية (آنذاك) بدمج عدد من أندية بعض الولايات لتقليص أعدادها، وتم أخذ موافقة فئة قليلة من أعضاء جمعياتها العمومية بنسبة جدا ضئيلة لا تمثل عدد سكان مجتمعات ولايات تلك الأندية التي أنشئت من أجلها-مع العلم بدور الجمعيات العمومية الضعيف جدا بالأندية- وترددت أقاويل حينها بالكثير من الوعود الوردية وأن الدمج سيكون إجباريا على جميع أندية السلطنة وقامت بعض وسائل الأعلام للترويج لفكرة الدمج..
وقد بني الدمج على مبدأ أنه بديل للنهوض بقطاع الشباب والرياضة وبمنتخباتنا الوطنية بالوطن العزيز، وهو ما لم يتحقق واقعا، كما بني على مسوغات ومؤيدات لا مجال لسردها بهذا المقال لم تحقق الإيجابيات المنشودة منه فلم يؤدي النادي دوره الشامل المتوازن بين ما يحتاجه مجتمعه المحلي من أنشطة متنوعة لشغل أوقات فراغ الشباب واستثمارها في أعمال نافعة وبين مساهمته الفعالة في المسابقات الرياضية وغيرها..
إضافة إلى أن الدمج لم يحقق استقرارا إداريا للأندية المندمجة وفقا لأسلوب العمل الجماعي وبروح الفريق، ولم يراع المعيار الاجتماعي (مدى توفر القبول والمساندة من قبل أفراد مجتمع تلك الولايات لهذا الدمج)، ولم يتم مراعاة بعد المسافة بين الأندية المندمجة، مع إهمال لمقار الأندية القديمة المندمجة الموجودة بمراكز الولايات والقريبة من السكان، وبناء مقر رئيس بمناطق بعيدة وبعضها صحراوية غير مأهولة بالسكان كنادي البشائر مثلا..
كما أن الدمج لم يحقق الأهداف التي يسعى النادي لتحقيقها والواردة بالنظام الأساسي للأندية الرياضية الصادر بالقرار الوزاري رقم (124/2008) وخصوصا ما يتعلق بالمادة (3) البنود(1 ، 2 ، 3 ، 5 ، 6 ، 8)، وهذا كله أدى إلى عزوف أبناء تلك الولايات عن النادي المدمج الجديد باعتبار أن النادي الذي يحمل اسم ولايتهم ميزة اجتماعية لا تفريط فيها، ونما هذا العزوف بتعاقب الأجيال، واستمر الوضع كذلك دون تقييم ودراسة ومراجعة لمدة عشرين عاما، أدت إلى العديد من المشكلات والتحديات ناتجة عن الدمج.
(3)
وعطفا على ما ذكر أصبحت الرغبة بفصل الدمج حديث الناس بالمجالس وبوسائل التواصل الاجتماعي وهو ما أكده استطلاع أجري بتاريخ 18 يناير 2022 بنادي البشائر المندمج بغرض البحث والدراسة العلمية شمل أبناء الولايتين(أدم ومنح) من أعضاء الجمعية العمومية للنادي والمنتسبين للفرق الرياضية الأهلية التابعة للنادي والمهتمين بالِشأن الثقافي والرياضي والشبابي.
وقد جاءت نتائجه أن 88.4 % أشاروا أن الدمج لم يحقق الأهداف والوعود التي بني عليها، و88.7% لا يشعرون بالاستفادة من دمج النادي، و 88.9% لم يعزز الدمج لديهم الانتماء والولاء لهذا النادي، و 91.6% أسرهم غير مستفيدة من برامج وأنشطة النادي، و 85.4% غير مهتمين كثيرا بالنادي ومتابعة أنشطته ومبارياته، و89% لم يشعروا أن النادي خدم واستفاد منه مجتمعا ولايتي أدم ومنح، و86% منهم يؤيدون فصل الدمج بين الناديين ليعود لكل ولاية ناديها المستقل لخدمة مجتمعهما نظرا لبعد المسافة بين الولايتين وزيادة عدد السكان بهما، و75.8% مستعدين لتجديد العضوية بالنادي والتصويت لفصل الدمج بأقرب جمعية عمومية للنادي.
كما جاءت نتائج استطلاع آخر بنادي السلام المندمج أجري بتاريخ 1 فبراير 2022 بنفس الغرض شمل أعضاء الجمعية العمومية للنادي والمنتسبين للفرق الرياضية الأهلية التابعة للنادي والمهتمين بالِشأن الثقافي والرياضي والشبابي من أبناء الولايتين (شناص ولوى) جاءت نتائجه أن 90.3 % أشاروا إلى أن الدمج لم يحقق الأهداف والوعود التي بني عليها، و88.8% لا يشعرون بالاستفادة من دمج النادي، و 84.4% لم يعزز الدمج لديهم الانتماء والولاء لهذا النادي، و87% أسرهم غير مستفيدة من برامج وأنشطة النادي، 74% غير مهتمين كثيرا بالنادي ومتابعة أنشطته ومبارياته، 87.4% لم يشعروا أن النادي خدم واستفاد منه مجتمعا ولايتي لوى وشناص، و85.5% منهم يؤيدون فصل الدمج بين الناديين ليعود لكل ولاية ناديها المستقل لخدمة مجتمعهما نظرا لبعد المسافة بين الولايتين وزيادة عدد السكان بهما، و80.3% مستعدين لتجديد العضوية بالنادي والتصويت لفصل الدمج بأقرب جمعية عمومية للنادي.
(4)
ويعد حديث جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم-أبقاه الله- لأبناء شعبه، بقوله: “سوف يتم النظر في الأندية الرياضية إن شاء الله لها دور مجتمعي وهي متنفس للشباب، فالرياضة صحة واليوم أصبحت حتى صناعة وبالتالي سوف ينظر لهذا الأمر إن شاء الله”، نهج عمل وبارقة أمل ونور في أن تقوم الحكومة الرشيدة بوقفة تأمل ومراجعة شاملة للأندية المندمجة في مختلف محافظات السلطنة، وأن يعاد النظر في الدمج وأن يتاح لجمعياتها العمومية ومجتمعاتها الحق في فصل الدمج إذا ما ارتأت ذلك مثلما أعطيت الحق في إقرار الدمج باعتبارها الجهة المالكة والمشرعة للنادي، وعلى مجلس الشورى والمحافظين أن يقوموا بدورهم في تحقيق ذلك للمصلحة العامة، وخصوصا أن الدمج لم يحقق ما بني عليه بل أوجد مشاكل وتحديات آخرى كثيرة.