أينتراخت فرانكفورت..النسور التي تمردت على المألوف

تقرير- محمد عصام

الحياة في المنطقة الدافئة، حيث تجنب خطر الهبوط، والابتعاد عن معارك أوروبا، والصراع المستمر على مقاعد التأهل لها، في تلك المنطقة تارة تصيب وتارة تخيب.

كان أينتراخت فرانكفورت فريقاً من هذا الطراز، وهو طراز ينتجونه بالجملة في مكان ما، حيث تصبح المواسم يوماً طويلاً متصلاً، أحداثه كالأمواج تعلو وتهبط، وتروح وتجئ، بلا تراكم حقيقي للخبرات، أو تغير ملموس.

كل ذلك تغير بالكامل، حين احتل الفريق المركز السادس عشر في موسم 2015-2016، واستطاع الهروب من فخ الهبوط عبر دورة الترقي، حين تغلب على نورينبرج واحتفظ بمكانته في دوري الدرجة الأولى.

ناقوس الخطر الذي احتاجه النادي، ليدرك أن الدخول في “منطقة الراحة” قد يكلف غالياً في أي لحظة، لذلك في صيف عام 2016 تم استقدام “بين مانجا” ليرأس عملية اكتشاف المواهب، بالتعاون مع المدير التنفيذي الجديد “فريدي بوبيتش”، مع طموح جديد، وأهداف كبيرة.

رسم هذا الثنائي استراتيجية واضحة، واستهدفا أندية بعينها تصلح لاستيراد البذور المناسبة لتربة هذا النادي.

الرحلة الأولى كانت في البرتغال، حيث سيتم الاعتماد على هذا السوق لاستقدام مهاجمين شبان لم يتحصلوا على فرصة في أنديتهم، والأبرز هو الصربي الأشهر هذا الموسم لوكا يوفيتش، الذي فشل في حجز مركز أساسي في بنفيكا بوجود راؤول خيمينيز، ثم ميتروجلو، وآخرهم سفيروفيتش الذي تم استقدامه –للمصادفة- من فرانكفورت ذاته.

نفس المعادلة التي تم تطبيقها لاحقاً في استقدام جونزالو باستينسا من بورتو، والذي عانى في وجود سواريس، بوبكار، وموسى ماريجا، ويتم تجهيزه حالياً ليحجز مركزاً أساسياً في وقت لاحق.

الوجهة الثانية هي نادي أوكسيير الفرنسي، الأكاديمية التي أنتجت إيريك كانتونا، وبكاري سانيا، حيث تعاقد النادي الألماني مع ثنائي محوري للفريق حالياً هما المدافع إيفان نديكا، والمهاجم سباستيان هاللر.

وخارج نطاق أوروبا، توجهت أنظار النادي نحو نادي تشيفاس، الأكاديمية المكسيكية الأفضل بجانب أكاديمية باتشوكا، حيث وجدا الثنائي المكسيكي الدولي ماركو فابيان، وكارلوس سالسيدو اللذين كانا ركنين أساسيين للفريق قبل المغادرة في سوق يناير السابق.

وفي مجال الشبان أصحاب القدرات الدفاعية، والبنية الجسدية مع الوعي التكتيكي، لم يجد الكشافون أفضل من الأكاديمية التي خرّجت كاسميرو، وكارفخال، ثم ماركوس يورينتي وسيرجي ريجليون مؤخراً، أكاديمية ريال مدريد “الكاستيا”.

البداية كانت مع عمر ماسكريل متوسط الميدان الدفاعي، الذي لعب دوراً فعالاً في فترة نيكو كوفاتش، قبل أن يتم تفعيل بند إعادة الشراء، وبيعه مجدداً لنادي شالكه.

ومن أين أتى البديل؟ لوكاس تورو، الذي قضى أربع سنوات في الكاستيا، وتم التعاقد معه من أوساسونا، ولكن حصد الميرنجي 50% من حق البيع.

ماسبق ليس الهدف منه البحث عن نمط ما، هناك أسماء آخرى أكثر تأثيراً في الفريق حالياً، مثل ماكوتو هاسيبي، فيليب كوستيتش، داني داكوستا، وآنتي ريبيتش مع أسماء رحلت بعد أن تركت بصمة مثال تجربة كيفين برينس بواتنج القصيرة.

الهدف هو وجود نموذج، واستراتيجية محددة يسير عليها المسئولين عن هذا الفريق، والناتج هو وصيف الكأس ضد دورتموند والمركز الحادي عشر في السنة اللاحقة لبداية هذا المشروع، ثم اقتناص الكأس من بايرن ميونيخ وتحقيق المركز الثامن.

وصولاً لهذا الموسم، حيث يحتل النسور حالياً المركز الرابع في البوندسليجا، وفي نصف نهائي اليوروباليج، لذا فبرغم تناوب المدربين، وتغير اللاعبين، ظلت الخطوات تصاعدية في إتجاه صحيح.

على الصعيد التكتيكي، يمتاز الفريق بمرونة كبيرة، حيث بدأ الموسم باللعب بخط دفاعي من خمسة لاعبين ضد بايرن ميونيخ في السوبر الألماني، وبعد تلقي هزيمة ثقيلة بخماسية نظيفة، عاد المدرب “أدي هاتر” إلى رباعي الدفاع، قبل أن يلجأ مجدداً إلى خمسة مدافعين بعد تدهور النتائج، ولم ينظر مجدداً إلى الخلف.

يلعب الفريق بمزيج بين 3-5-2 و3-4-1-2، بتواجد ثنائي على الأطراف هما فيليب كوستيتش، وداني داكوستا، وثنائي هجومي لوكا يوفيتش وهاللر، ومرونة أنتي ريبيتش الذي يستطيع اللعب أسفل ثنائي الهجوم أو كمهاجم ثانِ. الهدف الرئيسي هو الضغط على مناطق الخصوم، ومنعهم من بناء الهجمة، وهو ما يبدو ناجحاً للغاية حتى الآن.

خرج فرانكفورت عن المألوف، وخاض تجربة جريئة، في أول عام بدت كضربة حظ لا أكثر، ثم تحولت إلى بطولة ملموسة في ثانيها، وحالياً حجز مكاناً بين الأربعة الكبار في الدوري واليوروباليج، مثل هذه المشاربع هي المادة الخام للشغف بالساحرة المستديرة، ونجاحها يمهد الطريق لمزيد من الأفكار، ومزيد من الإثارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى