مانشستر سيتي.. هل هذا أعظم فريق في تاريخ البريميرليج؟

تقرير- محمد عصام

على متن الطائرة العائدة من مدينة برايتون، كان المدرب الذي حصد بطولة البريميرليج مرتين متتاليين للمرة الأولى منذ عشرة أعوام جالساً مع أحد مساعديه، أمام حاسوبه المحمول، وبجانبه كأس البطولة، يدرس بالفعل للمباراة التالية ضد واتفورد في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.

وحتى بعد الانتصار في نهائي الكأس، بسداسية نظيفة، وقف يتحدث مع رحيم سترلينج –صاحب هدفين من الستة- في مناقشة جدية حول مباراة قد انتهت.

تلتصق به تهمة التصنع، فمهنة التدريب تحتاج قدراً من التمثيل، والمظهر جزء من تجارة هؤلاء المدربين، لكن هذا هو بيب جوارديولا، عقل إسباني نشط كالطاحونة التي لا تكف عن الدوران، دائماً يجري الحسابات في ذهنه، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يعرف كيف يؤدي بها عمله.

جوارديولا

هذا الرجل الذي طرح فريقه سؤالاً يتسبب في صداع مستمر للجميع، سؤال يندرج تحت علم الأمور التقديرية، لكن مازال الجمهور يلح في طلب إجابته، السؤال الذي يتصدر عنوان هذه المقالة.

تُرّشح نسخ مختلفة من أندية البريميرليج نفسها لمنافسة السيتزنز على هذا اللقب، مانشستر يونايتد صاحب الثلاثية الأشهر في عام 1999، ونسخة اليونايتد 2008، ولكن جدير بالذكر أن الأول حقق الدوري برصيد 79 نقطة، في حين حصد الثاني الدوري برصيد 87 نقطة.

يأتي الغضب جارفاً على هذه المقارنة، والحجة الأبرز أن هَذين النسختين حققتا بطولة دوري أبطال أوروبا في نفس الموسم، وهو ما يدحض تلك المساعي الخبيثة والسخيفة لإعطاء التفرد لهذا الفريق ضدهما.

يتناول الكاتب “جابرييل ماركوتي” على موقع ESPN هذا الأمر، ويجيب عن السؤال بوضوح تام أنه يعتقد فعلياً أن هذا السيتي هو أفضل فريق في تاريخ البطولة المحلية، وأن الخلط بين التقييم المحلي والأوروبي ليس في مكانه.

حين تتحدث عن فريق حقق بطولتي دوري برصيد 100 نقطة ثم 98 نقطة من أصل 228 متاحة في المجموع، الفريق الذي حقق خمسة من ستة ألقاب محلية منذ بداية العام المنصرم، فإن فكرة الخروج من بطولة إقصائية كدوري أبطال أوروبا، وبهدف اعتباري، تكون متوقعة ومقبولة.

تلقائياً، فإن النجاح المحلي يوجه الأنظار نحو الأداء الأوروبي، مثلما يحدث مع باريس سان جيرمان، ويوفنتوس، وبايرن ميونيخ، الذي يسلّم الجميع قبل بداية الموسم الكروي بحصدهم للدوري المحلي، لذلك مع نجاح السيتي منقطع النظير محلياً، تذوب هذه الفواصل، ويتم النظر إليه تحت نفس الضوء، متجاهلين حقيقة أنه قد حقق الدوري هذا العام بفارق نقطة أجبرته على تحقيق 14 انتصاراً متتالياً.

على أية حال، لن تجد إجابة مطلقة لهذا السؤال، ولا يمكن إيجاد التوازن بين إنصاف السيتزنز، وكبح الغريزة البشرية في مدح الماضي الذي كان رائعاً جداً.

لكن يلفت “ماركوتي” الانتباه نحو قضية أهم، وهي الكيفية التي تم بناء هذا الفريق بها عن دونه، في حالة من بين حالات قليلة جمعت بين النتائج، وجمالية الأداء.

دافيد سيلفا

لاشك أن المبالغ المصروفة كانت طائلة، لكن نظرة أقرب للواقع تغير الكثير، وتحدد نوعية الإنفاق ذاتها، وفكرة أن الفريق يعمل بنفس الديناميكية مهما اختلفت الأسماء، لا يوجد لاعب أكبر من المنظومة.

يمكن الجزم بأهمية نجم الفريق سيرجيو أجويرو التي لا تعوض، من بعده ربما الساحر الإسباني دافيد سيلفا، لكن حتى هذه الأسماء زاد مردودها بشكل واضح تحت قيادة جوارديولا، وغابت لأوقات، واستمر الفريق في زحفه نحو اللقب.

ماذا عن كيفين ديبروين؟ الرجل الذي تحول لأحد أفضل متوسطي الميدان في العام الماضي إن لم يكن أفضلهم، ثم إصابة طويلة حالت بينه وبين اللعب لأغلب فترات الموسم.

حسناً، لا مشكلة، بيرناردو سيلفا، شاب صغير رائع، يتحول في طرفة عين لأحد أفضل متوسطي الميدان هذا العام، في مركز لعب فيه مباريات محدودة العام الماضي.

التبدل الهائل في مستوى فيرناندينهو، اللاعب الذي قبع في الدوري الأوكراني حتى كان 27 عاماً، ليصبح قطعة لا غنى عنها، لا يمكن تعويضها.

تأتي الإصابة، فيدخل إلكاي جوندوجان في غير مركزه، لم ينظر الفريق للوراء بعدها.
ناهيك عن موقف الظهير الأيسر في الفريق، حيث حصل دانيلو، فابيان ديلف، ميندي، وإيمريك لابورت جميعاً على دقائق، قبل أن ترسو السفينة على خط الوسط المهاجم أوليكسندر زينتشنكو ليلعب أساسياً هناك في مباراة تحديد اللقب.

بخلاف التطور الهائل الذي طرأ على الجميع، لا تملك أغلب هذه الأسماء سجلاً هائلاً من البطولات قبل وصولها إلى ملعب الاتحاد، والعمل مع جوارديولا في هذا الفريق، وهو ما يختلف عن تجربة الفيلسوف في برشلونة أو بايرن ميونيخ.

لم تخلو طريق السيتي من العقبات، ولم يكن الأمر مجرد أكياس من النقود، فبرغم موسم أول خرج فيه الفريق خالي الوفاض، لم تنتشر الأقاويل ولم تعلو الأصوات من داخل غرفة ملابس الفريق، بل ظل الجميع متحداً، وجاءت مصلحة المجموعة اولاً، وأولوية الإيمان بالمشروع، تحت رجل تميز بالشخصية اللازمة، وتجربة تجبر على الوقوف عندها، وتدعو للتفكير والتأمل قبل إطلاق الأحكام المسبقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى