إيدن هازارد .. الطرق الممكنة لمكافحة شيخوخة الريال الهجومية!

تحليل- محمد العولقي

من حسن حظ زين الدين زيدان – مدرب ريال مدريد الإسباني – أن النتائج الكارثية للفريق الملكي ازدادت سوءا مع قدومه كمنقذ في ولايته الثانية.

ومن حسن طالع زيدان أن الجولات الأخيرة من لاليغا الإسبانية عرت ريال مدريد من كل أوراق التوت، فأصبحت نتائج الفريق المتدنية دليلا على أن الريال بحاجة إلى استئصال كل الأورام من خلال تدخل جراحي فوري يعيد للقلب المدريدي نبضه الطبيعي.

الشيء الذي يجعل زيدان سعيدا بتدهور نتائج الفريق ثم انخفاض مردود بعض اللاعبين حتى الصآلة أنه توصل إلى تقويم منطقي لكل لاعب، وبالتالي تحديد خيارات الفريق في الميركاتو الصيفي دون أن يشعر بأية عقدة ذنب تجاه من قرر وضعهم في مزاد الاستغناء.

بعد موسم ريالي متشنج إلى أقصى حد يعيد زيدان رسم خارطة طريق جديدة بجلاكتيكوس جديد عوضا عن فريق انتهت صلاحيته من الناحية النظرية، فبعد أن توارى الريال خجلا وكسوفا أمام سطوة برشلونة بفارق رقمي مخيف يكون الريال مع زيدان قد طوى الصفحة السوداء باحثا عن تجديد يضخ في جسد الريال حيوية افتقدها الموسم الفارط.

وعندما ينهي ريال مدريد صفقة البلجيكي المبدع إيدين هازارد، فهو بذلك يكون قد عثر على قطعة غيار مناسبة يمكن أن تمثل الدينامو أو المحرك للوسط الهجومي، النقطة السلبية البارزة في طرح ريال مدريد التكتيكي في موسمه الكارثي.

لطالما كان زيدان مهووسا بفكرة جلب هازارد إلى سانتياغو برنابيو، ولطالما كان الفرنسي الوحيد بين المدربين الذي ظل يرى هازارد أكثر تأثيرا في العمق والرواق من ميسي ورونالدو.

وبعد أن تحقق حلم زيدان بتواجد هازارد على رأس جلاكتيكوس جديد الموسم القادم، سيكون فلورنتينو بيريز رئيس النادي الملكي قد ركل الكرة إلى ملعب زيدان قبل وقت كاف من الإعداد للموسم الجديد.

هازارد .. الدينامو المحرك

في تصوري أن إصرار زيدان على ضم الجوهرة البلجيكية هازارد الخطوة الأهم في مشوار إعادة الريال إلى سكة البطولات المحلية والعالمية، سيكون هازارد نواة لبناء فريق قوي ومتوازن، شرس في الوسط الدفاعي، وفعال في الوسط الهجومي، هذه هي المعادلة التي نرى فيها هازارد نقطة الالتقاء بين الشراسة الدفاعية والفاعلية الهجومية.

تبدو صفقة هازارد هي الصفقة التي يراهن عليها زيدان لعلاج داء الملوك، وتخليص الفريق من نقرس الرتابة والملل، وهازارد بصراحة لا يقل شأنا عن ميسي أو نيمار من حيث قدرة التأثير على الأداء العام الفردي والجماعي، وهو خيار مثالي لإنشاء منظومة هجومية بهدير مخيف يعيد للخط الأمامي لبنه المندلق على رصيف برشلونة.

يمكننا القول بدون تحفظ إن صفقة هازارد ستجدد خلايا الفريق الملكي، لأن هازارد:

1- يزاحم ميسي من حيث تقديم التمريرات الحاسمة على طبق من ذهب للمهاجمين أو للقادمين من الخلف.

2- لاعب وسط هجومي متعدد المهام والأدوار، فهو يجيد تنظيم اللعب وقيادته عندما يلعب تحت رأس الحربة، وهو مؤثر وخطير في توغلاته وفتحه للمساحات عندما يلعب على الرواق الأيسر، كما أنه يتحول أحيانا إلى مهاجم صارخ عندما يغير مساره هروبا من الرقابة.

3- لاعب قوي من الناحيتين الفنية والبدنية، وهذا التزاوج يمنح هازارد قدرة فائقة على التحمل والتلون في أداء أدوار صعبة في المباريات الكبيرة.

4- قارئ جيد للمباريات، يحسن اللعب تحت الضغط النفسي، كما أنه لاعب وسط هجومي فعال للغاية ومؤثر أيضا، بدليل أنه أحرز هذا الموسم مع تشيلسي 21 هدفا في مختلف المسابقات، وقدم 17 تمريرة حاسمة لمهاجمي تشيلسي.

الخيارات المتاحة أمام هازارد

أما وقد بات حلم ارتداء هازارد لفانلة ريال مدريد واقعا، بلا شك أن طاولات الفنيين والمحللين ستشتعل بالكثير من الاجتهادات حول الدور الذي سيتم تفصيله لهازارد في ريال مدريد، ليصبح اللاعب الملهم الذي تدور حوله منظومة الفريق الهجومية بأكملها.

لسنا هنا في (توووفه) بغبغانا نردد فقط ما تجود به قريحة المحللين من عجم وعرب، لذا سنقدم لحضرات القراء والمتابعين تحليلا فنيا وافيا وشافيا ودسما يضع النقاط تحت وفوق حروف السؤال الذي يلوكه كل المحللين الفنيين في العالم:

كيف سيوظف زين الدين زيدان ورقة هازارد الموسم المقبل ..؟ كيف سيؤدي دور الحرباء في الثلث الهجومي ..؟ وأي مركز سيختاره زيدان لنجمه الجديد ليسمح للوافد البلجيكي بتقديم أفضل نسخة ممكنة ..؟ 

ثم ما هي أفضل السبل والطرق المتاحة أمام هازارد لمكافحة الشيخوخة الهجومية التي غزت الفريق بعد رحيل رونالدو. .؟

طريقة زيدان الأولى 

إذا كان الديك الفرنسي يفكر في الغزارة التهديفية واللعب الاحتفالي الفعال، فإنه سيصب كل قدرات هازارد في طريقة لعب يكون فيها البلجيكي المتحكم الأول في ترمومتر النهج التكتيكي والأداء الفني ككل.

ستكون شاكلة 4/3/1/2 هي الطريقة الجريئة التي ستخلص الريال من خجله الهجومي الذي صاحب لاعبيه الموسم الفارط.

سيتمركز هازارد كصانع ألعاب خلف المهاجمين كريم بنزيمة والوافد الجديد من آنترخت فرانكفورت الصربي لوكا يوفيتش، ستكون مهمة هازارد الأساسية تغذية رأسي الحربة، وتقديم التمريرات الحريرية من العمق، كما أن تمركز هازارد في منطقة صانع الألعاب سيحرر الظهيرين كارفاخال ومارسيلو أو الوافد الجديد من ليون الفرنسي ميندي ليؤديا أدوارا حسب مفهوم الوعي التكتيكي عند هازارد.

هذه الطريقة التي تتيح لهازارد التحكم في رفع إيقاع اللعب أو خفضه حسب الحاجة ستكون من حسن طالع الصربي لوكا يوفيتش المهاجم القناص الذي يجسد مفهوم الانتهازية المطلقة للفرص الصعبة داخل صندوق الجزاء.

ولكي يتمكن زيدان من منح هذه الشاكلة الهجومية البحتة طابع التوازن، فلابد من اللعب بثلاثة محاور في الوسط بمهام مختلفة تشد أزر الوسط الدفاعي عند الارتداد، بحكم أن هازارد ليس مطالبا بتقديم الواجب الدفاعي.

و إذا كان الانطباع المبدئي يشير إلى أن البرازيلي كاسيميرو هو المعني الأول بحماية ظهر هازارد من العمق، فسيكون على زيدان التفكير مليا في الضلعين اللذين سيشكلان مثلثا متساوي الأضلاع، رأسه كاسيميرو بلا شك، وضلعاه ربما يكون أحدهما الألماني توني كروس، والآخر إما لوكا مودريتش أو أريكسون أو بوغبا في حال قدوم أحدهما إلى سانتياغو برنابيو هذا الصيف.

هل لهذه الشاكلة مساوئ فنية؟

أجيب بلا تردد نعم، لأنها ستحرم المراهق البرازيلي الصغير فينيسيوس جونيور من التواجد أساسيا في الطرف الأيسر، ولن يكون بمقدور زيدان الاستفادة من فينيسيوس حتى كورقة تكتيكية في ساعات اليسر، السبب أن تضارب المهام قد يفسد التوازن التكتيكي عند القيام بالواجبات الدفاعية.

الطريقة الثانية

يمكن لزيدان تعديل الأوتار وعدم المجازفة باللعب الاحتفالي الذي يدغدغ المشاعر، والسبيل أمامه متاح في شاكلة 4/2/3/1 كيف ..؟

يلعب زيدان بمحوري وسط دفاعيين (كاسيميرو وأحد الوافدين أريكسون من توتنهام أو بوغبا من مانشستر يونايتد)، سيجد البرازيلي المتألق فينيسيوس جونيور أمامه فرصة العمر ليلعب في الجهة اليسرى، مع الاعتماد على أسينسيو أو فاسكيز (ربما كليان مبابي في حال قدومه من باريس سان جيرمان) في اليمين.

في حين سيتفرغ هازارد لصناعة اللعب من العمق، وستتيح له هذه الشاكلة المرنة تبادل الأدوار مع كريم بنزيمة المهاجم المزور الذي سيكون خير معين لهازارد وليس لوكا يوفيتش باعتبار هذا الأخير مهاجما آليا وظيفته العيش في الصندوق وتسجيل الأهداف، وليس الخروج من الصندوق لأي دواع تكتيكية.

لو اعتنق زيدان هذه الشاكلة وكرسها كمفهوم تكتيكي، عندها سيكون زيدان أول مدرب في تاريخ ريال مدريد يلعب بصانع ألعاب ثابت، فطوال تاريخ الريال لم يكن مدربوه يؤمنون بهذا التخصص.

يعلم زيدان أنه كان بداية هذا القرن أفضل صانع ألعاب في العالم بلا منازع، لكنه عندما قدم للريال من يوفنتوس الإيطالي لم يوظفه ديل بوسكي في العمق أو خلف المهاجم راؤول غونزاليس، بل دفعه المدرب إلى اليسار ليشكل مثلثا مقلوبا وقاعدة بيانات تعاونية مع روبرتو كارلوس و موريانتس.

الطريقة الثالثة

قد يجد زيدان نفسه مرغما على الحفاظ على تراث ريال مدريد التكتيكي، عندها سيمارس نفس الشاكلة التقليدية التي صنعت أمجاد ريال مدريد ماضيا وحاضرا 4/3/3.

هذه الطريقة ستعيد هازارد للعب على الرواق الأيسر (نفس المكان الذي كان يتواجد فيه كريستيانو رونالدو)، وسيكون ضحية هذا المتغير التكتيكي لاعبان:

الأول: البرازيلي الصغير فينيسيوس جونيور والذي سيجد نفسه رهينا لدكة الاحتياط مترقبا أي طارئ أو إصابة تلحق بالبلجيكي الفنان والقوي من الناحية البدنية.

الثاني: كريم بنزيمة، ستكون الشاكلة السابقة مناسبة تماما لمهاجم قناص يحول أنصاف الفرص إلى أهداف، وهذه اللازمة التكتيكية تحتاج إلى مهاجم رقم 9 كلاسيكي ومن مواليد منطقة الجزاء، وهذا ما ينطبق تماما على الهداف الصربي لوكا يوفيتش، وليس كريم بنزيمة الذي تعود أن يؤدي دور القنطرة أو الطعم التكتيكي للقادمين من الخلف.

الطريقة الرابعة

لا نتوقع أن يغامر زيدان ويعتنق طريقة لعب تدفع هازارد ليؤدي دور المهاجم الوهمي، فهذه الطريقة المحفوفة بالمجازفة ربما تكون مناسبة لضمان تواجد فينيسيوس جونيور على الرواق الأيسر لكنها لن تكون الحل المثالي أمام بنزيمة الذي يراه زيدان محطة تزود بالوقود التكتيكي لهازارد أو أي لاعب آخر يستغل المساحات في عمق دفاع الخصم.

ما رأيك عزيزي القارئ: ترى أية شاكلة سيعتنقها زيدان للاستفادة من كل مواهب وقدرات هازارد الفنية الخارقة ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى