البرازيل والأرجنتين..قصة مختلفة ونهاية واحدة

تحليل- محمد عصام

في البيلوهوريزونتي، كنا بصدد قصة صراع أزلي، حكاية السوبر كلاسيكو الأشهر في عالم المنتخبات، وبصبغة تنافس على فرصة لتحقيق اللقب القاري، لذلك لا مكان لضعاف القلوب في هذه المواجهة.

لكن أمراً بدا واضحاً للجميع، هو أن اللقاء يدور بين سيلساو صبت في صالحه ترشيحات العبور، لعامل الأرض حيث حقق أربعة ألقاب سابقة، والاستقرار الفني، بالإضافة إلى أنه يواجه خصماً لم ينجح في التفوق عليه في آخر خمس مواجهات، بسجل خالٍ من الهزائم ضد التانجو في ملاعب البرازيل، ناهيك عن التفنن المعتاد في الإخفاق الأرجنتيني في الخروج من جميع البطولات.

البرازيل هي الطالب المجتهد، الذي أعد مع مدربه تيتي طوال الأعوام السابقة، والأرجنتين كعادة اتحادها المتخبط يبحث عن جمع ما فاته في الأيام الآخيرة، ويأمل في تطور الأداء بالتبعية خلال البطولة.

لذلك، لم يكن غريباً أن يعتمد تيتي تشكيلته المعتادة بنظام 4-3-3، بتواجد الشاب إيفرتون يساراً، وخيسوس يميناً على جانبي المهاجم فيرمينيو، وثلاثي الوسط كوتينيو، آرتور، كاسميرو.

وفي المقابل يدخل سكالوني بتشكيلة ثابتة مكررة عن مباراة فنزويلا لأول مرة في البطولة، بخطة 4-3-1-2، حيث يتواجد ميسي خلف الثنائي أجويرو ولاوتارو مارتينيز.

اجتهد سكالوني في قراءة المباراة، فوضع أكونيا ملاصقاً لداني ألفيش كلما تسلم الكرات، وطبق الضغط البدني من دي باول على كوتينيو، وباريديس على آرتور؛ لحرمان البرازيل من مفاتيح بناء الهجمات، وانشغال كاسميرو بما لديه من مشاكل تكفيه في مراقبة ميسي، مع حسن طالع تمثل في غياب فيلبي لويس على الجبهة الآخرى، وضعف مردود إيفرتون بوضوح عن المباريات السابقة.

في الحقيقة، قدم التانجو بهذه الاستراتيجية أفضل مباراياتهم في البطولة، لكنه اصطدم بمشكلتين أساسيتين، إحداهما داخلية، والآخرى قبعت خارج نطاق سيطرتهم.

البداية من المعضلة الداخلية، وهي وجود جبهة تعتمد بأكملها على ردة الفعل، جبهة تحمل تيليافيكو-أكونيا، حيث يتمركز أكونيا بشكل مبالغ فيه بعرض الملعب، تاركاً الفراغ في عمق الميدان، بغرض عرقلة مرور ألفيش، أوالتضييق على تحركات جابرييل خيسوس، في حين لا يقدم تيليافيكو الإضافة المرجوة هجومياً، وربما كان أجدر الاكتفاء بالدفع بأحدهما، ووضع لوسيلسو أساسياً لدعم عمق الفريق، مع نقل دي باول يساراً لصنع الخطورة هجومياً، والضغط المطلوب على ألفيش.

المشكلة الأخرى كانت تتمثل في هيكل البرازيل، الفريق الذي يحمل عمق خصب كروياً مكون من آرتور كوتينيو، فإذا تمكنت من إيقاف حركة هذا الثنائي، يفاجئك المساندة من ثنائي آخر متلون كالحرباء، هما داني ألفيش، العبقري الذي يعلم جيداً متى يساند وسط فريقه، ومتى يخرج على الأطراف، والآخر هو بوبي فيرمينو الذي يمكنه كتابة مجلدات في دور المهاجم الوهمي.

لذا كان التواصل بين هذا الثنائي الآخير مفتاح الهدف الأول للبرازيل، التي استطاعت من فك عقد دفاعات الألبيسيلستي بتمريرات متلاحقة انتهت في مرمى أرماني.

قرر تيتي الاكتفاء بهذا القدر من الهجوم بين شوطي المباراة، والدفع بويليان الأقدر دفاعياً بدلاً من إيفرتون حيادي الأداء، لمزيد من الارتباك في خطط الأرجنتيين الساعية للتعادل.

رهبة الموقف أجَّلت قرار سكالوني بالتغيير، فاستنزف دقائق ثمينة خائفاً من إخراج أكونيا أو تيليافيكو مما سيفتح المجال لأطراف البرازيل لإنهاء المباراة بالضربة القاضية.

لكن بعد ربع ساعة، زادت بوضوح خشونة تدخلات الأرجنتين مع نقص معدلات الافتكاك، وهو بمثابة ضوء الوقود في السيارات الذي ينادي بضرورة التغيير في تلك اللحظات.

دخل ديماريا بدلاً من أكونيا، في تغيير أجبر تيتي على نقل ويليان يميناً للتصدي لغارات أنخيل الهجومية، وكأنها الإشارة التي كان ينتظرها سكالوني ليفرج عن جيوفاني لوسيلسو من الدكة بدلاً من رودريجو دي باول، في وقت ربما كان الأجدر الإضافة على وسط الفريق وليس الإنقاص منه.

على أية حال، تحققت مخاوفه الأولى بعد التغيير، فأنهى خيسوس من مرتدة خاطفة أحلام التانجو في العودة، تلى ذلك حقبة من المباراة شهدت دفعة من القرارات المتسرعة المرتبكة أفسدت مشاريع هجمات واعدة للأرجنتين، بأقدام ضربها التوتر والانفعال.

لم يشفع دخول ديبالا في الخمس دقائق الآخيرة في تقليص النتيجة على أقل تقدير، وتكررت النهاية القاسية مجدداً رغم اختلاف القصة، تاركة الجميع في بلاد الفضة تحت مرارة الخروج، وعلى وقع أفراح البرازيليين أول الواصلين لنهائي الماراكانا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى