تحليل- محمد يوسف
قد لا تمثل مباراة الدرع الخيرية أي شيء، سوى أنها مباراة في بداية كل موسم، تُلعب من أجل درع خيرية كما هو واضح. وغالباً ما يظهر مردودها الضعيف على لاعبي الفريقين، وكذلك على الجمهور، فنحن كمن نسي تماماً كيف كانت تُلعب كرة القدم الحقيقية بعد بطولتين قاريتين في الصيف لم يقدموا الكثير.
ولكن مباراة الدرع الخيرية هذا العام، بين مانشستر سيتي وليفربول، جاءت امتداداً للمنافسة المحتدمة بين أقوى فريقين في إنجلترا حالياً، كلاسيكو جديد، فصل آخر من الألعاب العقلية بين بيب جوارديولا ويورجن كلوب.
مباراة من شوطين وضربات جزاءفاز السيتي بالدرع الخيرية، ليصبح أول فريق إنجليزي يفوز بأربعة ألقاب محلية في سنة واحدة، ولكن لم يأت هذا الفوز بهذه السهولة، بعد أن انقسمت السيطرة والفرص وحتى الأهداف على شوطين بينه وبين ليفربول، قبل أن ينتصر في النهاية بركلات الترجيح.
دخل بيب جوارديولا برسم خططي 4-3-3، برباعي دفاعي مكون من زينشينكو، ستونز، أوتاميندي، ووالكر، وثلاثي وسط من رودري، دافيد سيلفا وكيفين دي بروين، وفي الهجوم رحيم ستيرلينج، برناردو سيلفا، وليروي ساني.
بجانب الحارس الذي تذكر أخيراً أيام مجده في برشلونة كلاوديو برافو.بينما دخل يورجن كلوب بذات الرسم الخططي 4-3-3، برباعي دفاعي من روبرتسون، فان دايك، جوميز، وأرنولد، وثلاثي وسط من فابينيو، هندرسون، وفينالدوم، والثلاثي الهجومي محمد صلاح، فرمينو، وأوريجي.
منذ بداية مسيرة جوارديولا التدريبية، دائماً ما يحتاج إلى ساحر يقف على دائرة خط الوسط لفريقه؛ في برشلونة كان هو من صنع سيرجيو بوسكيتس، بينما في بايرن ميونيخ كان لديه تشابي ألونسو وبعض السحر من فيليب لام، لكن الوضع اختلف في مانشستر سيتي حيث كان عليه أن يتعامل مع فرناندينيو. ومع التأكيد على أهمية البرازيلي وجهده البدني إلا أنه لا يمكن مقارنته بسرجيو بوسكيتس أو ألونسو. لذا جاء التوقيع مع رودري قادماً من أتليتكو مدريد هذا الصيف، وبعد مشاهدتك للمباراة سوف ترى التحول الذي أحدثه رودري على خط وسط السيتي.
لم يقتصر الأمر على مجرد تفاصيل بسيطة مثل كونه يمرر الكرة أفضل من فرناندينيو أو أن أدائه وبنيانه الجسدي يسمح له بقطع الكرات والاستحواذ على اللعب ومساعدة زملائه في الخروج بالهجمة.
لكن ما يميز رودري هو أنه يفهم كرة القدم بذات الطريقة التي يفهمها جوارديولا؛ فهو يمتلك القدرة على الاحتفاظ بالكرة، واستلامها تحت الضغط، ثم التمرير في المساحات الضيقة، ويبدو أن جوارديولا حصل أخيراً على الساحر الذي يريده على دائرة وسط الملعب.
استحوذ السيتي وسيطر على مجريات المباراة في الشوط الأول، وكانت لتحركات ديفيد سيلفا ودي بروين على الجهتين تأثير واضح، وسجل رحيم ستيرلنج الهدف الأول بعد لعبة عرضية من كرة ثابتة.
انقلبت الآية في الشوط الثاني، وبدأ ليفربول في فرض أسلوبه ولياقته البدنية المعروفة لدى لاعبيه، ووصل محمد صلاح عدّة مرات لمرمى برافو، ليتصدى له الأخير بكل براعة، ليستعيد أيام مجده القديمة. وأثمرت تغييرات كلوب في فرض سيطرته على وسط الملعب، بينما جاء تغيير جاندوجان بالسلب على وسط ملعب السيتي، مع إضاعة رحيم ستيرلنج كعادته لفرص سهلة وسانحة جداً للتسجيل، كان سينهي بها المهمة مبكراً.
ولكن بعد أن تعادل ماتيب لصالح ليفربول، انتهى الوقت الأصلي بهذه النتيجة، ليلجأ الفريقان لركلات الجزاء، ومجدداً يتألق كلاوديو برافو ويتصدى للركلة الثانية من فينالدوم، ليفوز السيتي في نهاية المطاف.دراما كروية في كلاسيكو إنجلترا الجديدلعل المباراة لم ترق للمستوى الفني المنتظر، وهذا مفهوم بطبيعة الحال بعد موسم شاق، وفترة راحة طويلة لمعظم اللاعبين، لكن لم تخلو المباراة بالتأكيد من الدراما والأحداث المثيرة.
ومنذ البداية، كان تألق الشيلي صاحب ال 36 عاماً كلاوديو برافو في حراسة المرمى أول تغيير في اتجاه القصة الدرامية، بعد آخر مباراة لعبها والتي كانت للمفارقة مباراة الدرع الخيرية العام الماضي، ليشارك في إهداء لقب آخر لمدربه بيب جوارديولا هذا العام.
تعالت وتيرة الدراما، عندما سدد فان دايك كرة برأسه اصطدمت بالعارضة ونزلت على خط المرمى، ليلجأ الحكم إلى تقنية خط المرمى، وتظهر الصورة أن الكرة دخلت بنصف محيطها فقط، لنتذكر نفس الحدث الدرامي في مباراة الفريقين في الدوري الموسم الماضي في شهر يناير.
بينما جاءت قمة الدراما الكروية، عندما أتيحت لصلاح فرصة أمام مرمى برافو، ليسددها وتصطدم بجون ستونز، ثم تعود له ويسددها مرة أخرى برأسه، ليظهر كايل وولكر من العدم تقريباً، بانطلاقة خيالية وبمقصية يتمكن من إخراج الكرة قبل أن تعبر الشباك في آخر دقائق الوقت بدل الضائع من المباراة، ليحافظ على حظوظ فريقه في الفوز بالدرع.
إذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من هذه المباراة، فهو أن ما حدث الموسم الماضي قد لا يكون مجرد صدفة، وأنه في الحقيقة قد يكون هناك الكثير بين مانشستر سيتي وليفربول في قادم المواعيد.
فهناك إمكانية لنرى واحدة من الحقب التنافسية العظيمة بين الفريقين، مثل سندرلاند ضد أستون فيلا في التسعينيات، أو ليفربول ضد ليدز في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، أو مانشستر يونايتد ضد أرسنال في مطلع الألفية الحالية.
فهما بالطبع أقوى فريقان حالياً في إنجلترا، وبدأت المنافسة الحقيقية على البطولات في بناء قاعدة للعداء والتنافس المحموم، ليتحول اللقاء بينهم إلى كلاسيكو جديد.ويبدو أننا على وشك أن نرى نسخة -أو نسخ- قوية قادمة من الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أمر مبشر جداً بالنسبة لعشاق البطولة.