مانويل نوير وتير شتيجن بالأرقام..من المظلوم؟!

تحليل- محمد عصام

هذا الصراع ليس الأول من نوعه في ألمانيا، فمنذ خمسة عشر عاماً، الفترة بين 2004 حتى 2006، كان هناك نزاع مشابه بين أوليفر كان، ويانز ليمان على مركز الحارس الأساسي في تشكيلة ألمانيا لكأس العالم 2006، انتهى الأمر لصالح يانز ليمان الذي كشف لاحقاً أن خبرته في اللعب خارج ألمانيا هي من حسمت الموقف.

“ليس من السهل تقبل أن تكون خياراً ثانياً في المنتخب الوطني حيث أبذل قصارى جهدي؛ لكن الرحلة مع المنتخب كانت خيبة امل لي”.

كانت هذه تصريحات مارك آندري تير شتيجن لصحيفة الماركا، والتي جاءت بمثابة عود ثقابة على موقف غارق في البنزين منذ مدة؛ لأن قائد المنتخب مانويل نوير لم يتوانَ عن زيادة حدة الموقف بالرد على تصريحات شتيجن في جريدة سكاي الألمانية، والإشارة أنها تضعف من “ترابط” الفريق، وفيها تقليل من احترام الثنائي الآخر الذي يتنافس على ذات المقعد “كيفين تراب، وبيرند لينو”.

جاء تصريح رئيس بايرن ميونيخ أولي هونيس حماسياً أكثر من اللازم، حين هدد بمقاطعة لاعبي البايرن لمنتخب المانشافت في حال تراجع نوير للمركز الثاني في قائمة الاختيار.

حالة من التعكر في أجواء الكرة الألمانية، وجدل واسع عمن أحق بحماية العرين، وبعد أن فرغ الإطار الرسمي للأمور، وصار النزاع طافياً على السطح، يمكننا طرح مقارنة بين الحارسين في الجوانب الفنية والتي تخص الجماهير المحايدة.

يقال أن الإحصائيات الرقمية تسبب الرتابة، ومع كل إحصائية يقل عدد متابعي المقال للنصف؛ لكن في مهمة الفَصْل، يجب أن يتم تزويدك بالمعلومات الكافية لاتخاذ القرار.

“أرقام مانويل نوير وتير شتيجن منذ موسم 2016-2017”

الأرقام متقاربة وتثير مزيداً من الحيرة، حيث يملك نوير نسبة 2.3 تصدي في المباراة، ويستقبل بمعدل 0.8 هدف في كل لقاء؛ بينما في حالة شتيجن، فإن الأسلوب الهجومي لبرشلونة يرفع معدل الأهداف المستقبلة إلى 1 هدف في كل مباراة، لكنه يسجل نسبة تصدي تصل إلى 3 تصديات في اللقاء.

في مجال الخروج في الكرات الهوائية، يتفوق شتيجن بنسبة 1.5 في المباراة، بينما يملك نوير نسبة 1.2 فقط.

أعاد نوير تعريف دور حارس المرمى في العقد الآخير، الحارس القادر على أداء دور الليبرو، ولكن في هذه المنطقة يتفوق شتيجن أيضاً، فمانويل نوير يلمس الكرة بمعدل 36 مرة في المباراة، و27 تمريرة صحيحة بدقة 81%؛ بينما يملك شتيجن 49 لمسة في كل مواجهة، مع 36 تمريرة صحيحة بدقة 83%؛ ولكن يعزّى ذلك كثيراً إلى اختلاف بارز بين أسلوب لعب الفريقين.

-مستر تشامبيونزليج

كل ما سبق من إحصائيات ليست فاصلة بما يكفي؛ لكن في التشامبيونزليج، تميل الكفة راديكالياً ناحية حارس عرين برشلونة.

تير شتيجن تصدى لـ 4 من 6 ركلات ترجيحية واجهها في البطولة، بينما تصدى نوير لنفس العدد لكن من أصل 11 ركلة ترجيحية.

وبينما يتحمل شتيجن هدفاً واحداً بخطأ مباشر منه من 53 ظهور في البطولة، فإن نوير يتحمل مسئولية 13 هدف في 101 مشاركة.

ولعل أبرز خطأ كان ضد ليفربول العام الماضِ، حين أرسل فان دايك كرة طولية ناحية ساديو ماني، في لقطة اعتاد أن تعامل معاها نوير بسهولة سابقاً؛ لكنه كان متأخراً لجزء من الثانية كلف بايرن ميونيخ هدفاً في شباكهم منح أفضلية كبرى للريدز.

-لعنة الإصابة

لا يقلل ما سبق من قيمة نوير، فالإصابة الخبيثة التي عانى منها قادرة على إنهاء مسيرة أعظم الحراس. الكسور في مشط القدم تشبه تحطم فروع الأشجار الصغيرة، أي أن الكسر لا يكون منتظماً، ولا يمكن تثبيته بشكل مؤكد لتسريع عملية الالتئام؛ لذلك بعد أن عادت الإصابة مرة آخرى، غاب نوير موسماً كاملاً عن الملاعب.

وكما يقال، فإن اللاعب يحتاج إلى وقت مساوٍ لوقت الإصابة للعودة إلى مستواه، ومثل هذه الإصابات تؤثر كثيراً على حركية ومرونة الحراس؛ لكن أسهم نوير في ارتفاع، والأرقام السابقة رغم أنها أقل في معظمها عن منافسه، إلا أنها هائلة بالنسبة لأرقامه في أواسط الموسم السابق كما هو موضح في الصورتَين أدناه.

“إحصائيات نوير حتى مارس 2013- أقل أداءاً بين حراس البوندسليجا”

“مقارنة بين ثلاثي حراس المانشافت- نوير الأقل أرقاماً”

صداع يواكيم لوف

هناك جملة ألمانية “Der Qual De Wahl” وترجمتها الحرفية “عذاب الاختيار، وهذا ما يمر به لوف حالياً، ومن صنع يديه، إنها ميزة الصفاء واللاغرور التي يحسد عليها مدربو فرق النخبة أقرانهم من مدربي الفرق الأقل حظاً.

بداية هذا الصراع تسبب فيها يواكيم لوف نفسه، حين أكد مراراً وتكراراً على اختياره نوير منزَّهاً عن أي تنافس؛ ورغم أن نوير بريء من مسئولية الإقصاء من دور المجموعات في مونديال روسيا 2018، إلا أن انتظار لوف لعودته من الإصابة إلى احتلال المركز الأساسي مباشرة كان مستفزاً إلى أبعد الحدود، وأثار حفيظة تير شتيجن، عطفاً على أدائه الخرافي في موسم 2017-2018 مع برشلونة، ومشاركته في حصد لقب كأس القارات 2017 مع المانشافت.

ختاماً، فتاريخ نوير ومكانته كقائد للفريق تشفعان له بحجز مركز أساسي، وإذا نجح في تقديم يورو 2020 بشكل مثالي فستختفي الجدالات عن أحقيته؛ ولكن مع الفترة الانتقالية، وأزمة الهوية التي يمر بها المنتخب الألماني، فإنه من الواجب أن يحصل شتيجن على فرصة لائقة بالمستويات التي يقدمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى