بوكتينيو في أزمة..شيخوخة فريق أم أكثر من ذلك؟

تقرير- محمد عصام 

 حين يسقط فريق ضحية لإهانة بالغة الحد في مباراة، تنتظر ردة الفعل في تاليتها، وكانت هذه حالة توتنهام بعد العدوان المدوي من بايرن ميونيخ في ليلة الأبطال، ومباراة العودة إلى الطريق كانت ضد برايتون؛ والنتيجة سقوط مخيب آخر بثلاثية نظيفة، فماذا يحدث هناك في شمالي لندن؟


معدل أعمار فريق توتنهام مع بوكتينيو

معدل أعمار فريق توتنهام مع بوكتينيو

في مواجهة برايتون كانت المرة الرابعة التي يبدأ فيها ماوريسيو بوكتينيو بفريق متوسط أعماره 28 عاماً، هذا هو النادي ذاته الذي امتلك أصغر معدل أعمار في كل من السنوات الثلاث الأولى للمدرب الأرجنتيني معهم، وعلى النقيض، يقبع حالياً في المركز الرابع لأكبر معدل الأعمار في الدوري.

علاوة على ذلك، فهناك عشرة لاعبين في تلك الهزيمة يقضون موسمهم الرابع في الفريق، ونصف هؤلاء يلعبون في توتنهام منذ أكثر من ست سنوات؛ إنها نعمة الاستقرار الفني التي تحولت فجأة لنقمة.

أظهر بوكتينيو  في أكثر من مناسبة أنه يميل للوجوه الشابة؛ الأكثر استجابة للتعليمات، والأكبر رغبة في التعلم، حتى لو جاء ذلك على حساب الخبرة والنموذج الذي يضيفه اللاعب الأكبر سنا؛ لكنه يظل أكثر ريبة، وأقل ميلاً للطاعة العمياء أو بلا فهم شامل لكل الأمور التكتيكية.

السبب الأكبر في ذلك هو فلسفة الأرجنتيني الموروثة عن اللوكو “مارسيلو بييلسا” والتي تتطلب معدلات طاقة كبيرة، وأرجلٌ أكثر نشاطاً ؛ أي الضغط الدؤوب وسرعة استرجاع الكرات؛ هذا النموذج كابوس حقيقي للخصوم حين يتم تنفيذه على النحو المأمول.

ولعل المثال الأبرز على ذلك كان تعجب بوكتينيو علناً على صفقة فريق منافس في البريميرليج حين قام بالتوقيع مع متوسط ميدان بارز في سن متأخرة؛ بالرغم من نجاح تلك الصفقة في النهاية.

لكن أين نحن من تلك الفلسفة ضد برايتون!. فريق بوكتينيو لايضغط، لايفتك الكرات، ويعانِ الأمرّين لصناعة أي فرصة حقيقية، مع دفاع مستباح بالكامل.


إحصائية الضغط المتتابع لتوتنهام

وفقاً لإحصائية الضغط المتتابع Pressed Sequences –والتي تشير إلى ضغط ناجح على الخصم قبل إتمام ثلاث تمريرات في مسافة 40 متر من مرماه- فالأرقام انخفضت بشكل درامي، الأمر ذاته في إحصائية افتكاك الكرات في ثلث الخصم الدفاعي، والاستنتاج واحد: توتنهام لا يستعيد الكرة في مناطق متقدمة كما اعتاد، وأقل كثيراً من خصومه.

إحصائية استرجاع الكرات في ثلث الخصوم الدفاعي لتونتهام

إحصائية استرجاع الكرات في ثلث الخصوم الدفاعي لتونتهام

تلك التفاصيل حيوية للغاية بالنسبة لبوكتينيو دوناً عن غيره في هذا المستوى، لأنه حين يطرح أحدهم سؤالاً عن سر نجاح جوزيه مورينيو أو يورجن كلوب أو بيب جوارديولا، فإن الإجابة تحتمل ذكر إنجازاتهم الملموسة من بطولات وكؤوس في مختلف الأندية.

أما في حالة الأرجنتيني فالإجابة تكون مقتصرة على فلسفته، وقدرته على تكرار تطبيقها إلى حد الخروج بأقصى ما يمكن إنتاجه من الخامة المتاحة عوضاً عن الميداليات في خزانته؛ بعبارة آخرى فإن أسلوبه هو كل ما يملك، والذي يطرح تلقائياً فرضية النجاح الحتمي إذا توافرت له نفس الإمكانيات من المال وحسن الطالع.

لكن ماذا عن الآن؟. إلى وقت قريب كان الاعتقاد السائد أن التعامل مع اللاعبين الكبار سيضر بتجربة بوكتينيو، وأن عليه الصعود من البداية مع مجموعة من الشباب تنشأ على فلسفته الكروية، وتصقل التفاصيل الصغيرة مع الوقت، للوصول للخليط المثالي بين الحماس والخبرة، والإيمان الكامل بدنياً وذهنياً بتلك الأفكار؛ لكن هذا الانخفاض الحاد يضرب بقوة في شرعية هذا المنطق.

بالطبع فإن النظرة السابقة تحمل طابعاً ثنائي الأبعاد، فهناك بُعد ثالث يوضع في الاعتبار وهو انخفاض شعلة الحماس لدى هؤلاء اللاعبين أصحاب العقود التي تنتهي بنهاية الموسم؛ وهو عامل ليس بالهيّن على الإطلاق، لكنه لا يعفي الأرجنتيني بالكامل.

 كانت بوادر الأزمة واضحة وضوح فيل يمشي في القطب الشمالي، لذلك طالب بوكتينيو إدارة السبيرز بالتغيير لتجنب الفتور؛ لكن بعد فترة طويلة من انتظار ذروة بناء هذه المجموعة المستقرة مع المدرب، سيكون مخيباً للآمال اكتشاف أنه في النهاية لم يتمكن من إدارة تروس الماكينة.

الوقع أكبر من ذلك على بوكتينيو ذاته، لأن طموحه –الأكيد- لإدارة فريق أكبر في المستقبل قد يتلقى صفعة قوية، ويعيد حسابات أصحاب مراكز اتخاذ القرار في الأندية الساعية للتعاقد معه؛ لأنه في تلك الأندية فالتعامل حتمي مع اللاعبين الكبار منذ البداية، وهذه السمة –لو تم إثباتها- تضر كثيراً بسيرته الذاتية وسط المرشحين.

سمعة الأرجنتيني في شمال لندن محفوظة، وموروثه الكروي في تلك التجربة سيعيش بلا شك، لكن الخطر عليه من الاستنتاجات المختلفة، وهو المدرب الذي يعتبر على نطاق واسع “المنتظَر” في قائمة المجددين؛ سمعة بوكتينيو المرموقة في مأزق.

تقرير مترجم عن: سكاي سبورت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى