الهلال- الترجي.. المرونة التكتيكية ماتزال في جيبي ..!

تحليل- محمد العولقي

جاءت مباراة الهلال السعودي والترجي التونسي في ربع نهائي كأس العالم للأندية بالدوحة، تغلي جماهيريا .. كان الفوز فيها معلقا في فوهة بركان .. دافع الترجي ولم يكن يملك غير استقبال اللكمات الزرقاء المتتالية إلى كل جزء من جسده .. صمد لاعبو الترجي أمام طوفان الهلال .. لكن في رمشة عين خطف الفرنسي جوميز هدف التأهل بحركة فنية بارعة.. كانت جديد جوميز صاحب الاندفاع البدني القوي.

دخل جوميز قبل النهاية بعشرين دقيقة .. وأنقذ الهلال من حرج كبير .. حرج كان يعني جرجرة الهلال إلى وقتين إضافيين.. ومعركة نفسية لا تحمد عقباها .. لم يكن هدف جوميز الجميل سوى ترجمة حقيقية لأهم عامل راهن عليه مدرب الهلال الروماني رازفان لوشيسكو .. عامل يسمى المرونة التكتيكية ..

مباراة الهلال والترجي .. كانت أكثر إثارة خارج حدود الملعب.. جمهور الترجي الذي غزا الدوحة بجحافل بشرية كالموج .. لعب المباراة قبل أن تبدأ فعليا ..كان يراهن على عامل الخبرة الكبيرة التي اكتسبها الترجي في ثلاث مشاركات سابقة .. ظل رهان الجمهور التونسي قائما على نقص هذا العامل عند الهلال .. هذا يعود ببساطة إلى أن الهلال يدخل غمار أول تجربة مونديالية له .. وهي تجربة لا شك أنها تحتاج إلى خبرة في التعامل مع نظام البطولة الغريب ..

ويبدو أن مدرب الترجي معين شعباني انجر هو الآخر إلى لعبة المصاقرة النفسية .. حتى إنه استحلى تلك الهالة الإعلامية التي رجحت كفة خبرة الترجي على حساب قلة حيلة لاعبي الهلال ..

ووسط هذا الطوفان التونسي في الحديث عن الخبرة .. تجاهل معين شعباني الثوابت البشرية .. تجاهل منظومة اللعب .. تناسى أن المرونة التكتيكية مهمة أولا قبل لاعبيه .. غفل عن وضع خطة ملائمة تستنزف ثوابت الهلال البشرية .. حقيقة .. من قال إن مباراة الهلال والترجي ستلعب على جزئيات صغيرة .. أخطأ في الحساب .. وأخطأ مليون مرة في تقدير عامل الثوابت البشرية عند الفريقين .. وقدرة هذه الثوابت على التلون الحربائي ..

قبل المباراة شحنت وشحذت كل حواسي في متابعة المحللين .. صدمت لأن القراءة كانت سطحية عادية .. ليس فيها عمق التحليل المنطقي .. فقط كلام وكلام ومشاحنات فارغة المحتوى .. وهدرة مجلس ترفع لك الضغط ..

كل هذا كوم .. والحديث عن المرونة التكتيكية كوم آخر .. حتى إنني تساءلت بحزن: هل هؤلاء المحللين – من لاعبين شبان ومدربين متقاعدين – يفهمون أصلا ظروف هذا المصطلح أم أن الأمر مجرد ثرثرة؟، وفلسفة كلامية دون عمق في تجسيد مفهوم هذا المصطلح الخطير ..؟..

طبعا مدرب الهلال الروماني رازفان لوشيسكو .. قدم لنا وللسادة المحللين المفهوم الحقيقي للمرونة التكتيكية .. ومع ذلك تجاهل المحللون ذلك .. واعتبروا تغييرات لوشيسكو هي من صنعت الفارق في النهاية ..؟معقولة يا سادة .. ألم تأت تغييرات لوشيسكو طبقا لأهمية رفع عامل المرونة التكتيكية.. وتجديد آلياته في الوسط والهجوم تكتيكيا ..؟

طيب .. أين الثوابت الفنية ..؟، أين الحصانة التكتيكية ..؟، أين نظام اللعب ..؟، أليست هوية الفريق تتجسد في العوامل السابقة .. وهي عوامل تستدعي بالضرورة المرونة التكتيكية وتجسيدها في أبهى صورها ..؟

كاريلو .. رهان الزيادة العددية في الوسط 

فاز الهلال السعودي بهدف الأنفاس الأخيرة عن طريق هدافه الكبير الفرنسي بافيتمبي جوميز .. سجل هدف الفوز .. وأفلت لاعبو الهلال طوال المباراة دستة أهداف.. لو سجلت نصفها لكانت فضيحة بجلاجل في حق بطل أفريقيا ..

تابعت المباراة بعقلية محلل .. لا بعقلية مراهق أو مشجع مفتون فقط بالثوابت البشرية .. كان الهلال يبني اللعب بهدوء .. يدافع من العمق بإحكام .. يترصد بقرون استشعار كل مسعى للمباغتة.. سيطر الهلال تماما على اللعب.. استحوذ استحواذا إيجابيا .. وترك لاعبي الترجي يلهثون خلف الكرة.. برع الهلال في تفادي كماشة الضغط التونسي على حامل الكرة.. كانت فلسفة الزيادة العددية في وسط الملعب من نصيب الداهية أندري كاريلو .. منصة الهجوم المتحركة التي كانت تمنح وسط وهجوم الهلال المرونة التكتيكية المطلوبة ..

ظل الترجي شبحا .. يدافع بحذر شديد ..ولا يسمح لرواقي الجنب سامح الدربالي وإلياس شتي بالتقدم تحت أي ظرف .. دفاع رباعي ثابت لا يتقدم كثيرا خشية المجازفة .. هل لجأ معين الشعباني إلى شاكلة جامدة ..؟، بالطبع نعم .. لأن مدرب الترجي حتى وإن اعتنق نفس نظام الهلال 4/2/3/1 إلا أن المدرب وقع في خطأ فادح .. لأن نظام اللعب قد لا يكون هو كل الإطار التكتيكي.. ما لم يحقنه بمصل المرونة التكتيكية لتفادي حالات الطوارئ التكتيكية ..

تعجبت .. طوال الشوط الأول لم يبن الترجي هجمة واحدة منظمة .. لم نشاهد ولو جملة تكتيكية فيها تحايل على الخصم .. ظل أنيس البدري وحيدا .. يرقص في الوسط لكن من دون رغبة، أنيطت مهمة تكسير إيقاع لعب الهلال لمحور الارتكاز القوي بدنيا فوسيني كوليبالي .. صنع منه معين شعباني غطاء لثنائي الوسط بونسو وبلغيث .. لكن هذا الرهان كان خاسرا .. لأني كما قلت : ما غاب عن الترجي التونسي كان عامل المرونة التكتيكية الذي يتوفر بكثرة عند محترفي الهلال ..

كان الهلال يكتسح رقعة الترجي .. يداهم بيادق الدفاع في معقل بن شريفية.. الحارس الذي كان متألقا أمام كل كرات إدواردو و عمر خريبين وسالم الدوسري .. ظل الهلال يكتسح الأحمق ويفتك بكل بوديجار الوسط .. وكان لابد للملك من نهاية بعد كل هذا التسونامي الهلالي الجارف ..

لوشيسكو .. المرونة التكتيكية تصنع الفارق

لم يكن مدرب الهلال رازفان لوشيسكو ليراهن على شاكلة 4/2/3/1 التي يعشقها لأنها ذات طابع هجومي .. لولا أنه كان واثقا من ثوابته البشرية .. والأهم أن شاكلة لوشيسكو اعتمدت على طراوة المرونة التكتيكية .. ظلت هذه الشاكلة الديناميكية تفرز أساليب لعب مختلفة لإفراغ منسوب اللياقة عند لاعبي الترجي من محتواها ..

معم.. ظل لوشيسكو على قناعة بأن مهارات وقدرات لاعبي الهلال الفنية والتكتيكية هي التي تساعد على تنوع أساليب اللعب .. وهي التي تضخ المزيد من المرونة في خطي الوسط والهجوم بالذات ..كان التخوف من الغيابات المؤثرة في الهلال كبيرا عند جمهور الهلال .. من سلمان الفرج محور إبداعات الوسط.. إلى الإيطالي سيباستيان جيوفينكو المهاجم الرابط.. إلى المهاجم جوميز الاحتياطي المصاب .. قزاح هلالي مائل نسبيا.. لكنه في الرسم التكتيكي يساوي الكثير والكثير جدا..

وحده لوشيسكو حرك قناعاته .. لم يجزع .. لم يرتبك .. والأهم أنه حافظ على هيكلة في نظام الشاكلة، أختلف كثيرا مع بعض المحللين الذين يمجدون ثوابت الطريقة التقليدية عند الحديث عن المستوى التكتيكي من خلال استعراض نظام اللعب وحده ..لا أحبذ هذه الطريقة في السرد التحليلي .. لأن وضع كهذا لا يمكنه تعرية كل الأوراق الفنية والتكتيكية وحتى النفسية ..

سأحاول هنا تحليل لعب الهلال أمام الترجي من خلال استقراء فعالية المرونة التكتيكية لنظام اللعب نفسه.. وليس العكس كما يصر محللو هذا الزمن .. دعوني أوضح الأمر من زاوية مغايرة ..
تقنيا ليست مسألة نظام اللعب مناطة باللاعب الذي يجب بل ويلزم أن يعتاد على خطة يفضلها المدرب .. لكنها مسألة تخص المدرب الذي يجب أن يتكيف مع الظروف المختلفة لمواقف كل مباراة ..وعندما اعتمد لوشيسكو على المرونة التكتيكية في تغيير طريقة اللعب.. فلأن ظروف المباراة خدمته كثيرا في تفصيل أساليب تتناسب مع مردود المنافس وهو الترجي والذي تراجع مستواه حتى الضآلة على أية حال ..

ولم يكن لوشيسكو ليحرك كل آليات نظام الشاكلة وفقا لمرونة لاعبيه.. لولا أنه التزم التزاما كاملا بعملية التوازن في الأداء دفاعا و هجوما ..ألم تلاحظوا أن جميع اللاعبين أدوا واجباتهم الدفاعية والهجومية بكفاءة عالية تنم عن مخزونهم الإبداعي في خلق الفرص حسب المرونة التكتيكية لنظام اللعب نفسه ..؟، ألم تستوعبوا نهج لوشيسكو التكتيكي في التحول السريع من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية ..؟، بالطبع هذا عمل مدرب .. فقد خيل لي أن لوشيسكو يتحكم في إيقاع اللعب كما ينبغي وكأنه هو من يلعب ..

للأسف بعض الفنيين – وهم على قفا من يشيل في هذا الزمن الذي أصبح فيه التحليل ماركة مسجلة فقط للاعب كرة القدم – يعتقدون خطأ أن عملية البناء الهجومي سهلة وفي متناول أي فريق.. دون النظر إلى مرونة الثوابت البشرية .. والحقيقة أن عملية البناء الهجومي صعبة.. بل شاقة أحيانا.. لأنها تتم لحظة استرداد الكرة في الثلث الدفاعي من الملعب .. ثم تتطلب إرسال كرة طولية ودقيقة من الخلف لحظة اندفاع المهاجمين إلى الأمام.. لأجل استغلال المساحات الخالية خلف المدافعين ..

لوشيسكو حتى وهو يفرض فلسفة الاستحواذ على الكرة .. كان ينوع الإيقاع .. ويعتمد على مبدأ المفاجأة والمباغتة الهجومية من العمق .. ترى كم مدربا في الوطن العربي يؤمن بأن النهج الهجومي هو بناء الهجمات المنظمة من الخلف إلى الوسط ثم إلى الأمام في العمق دون المرور بالرواقين؟، بالتأكيد لا أحد .. وأتحدى أي محلل مدربا كان أو لاعبا أن يناقش هذه الاستراتيجية.. لماذا ؟، لأنهم لازالوا عند غيهم القديم في أن المرونة التكتيكية هي نظام اللعب نفسه .. يا إلهي ..!

جوميز .. التحول الرهيب في شاكلة الهلال

دون فلسفة زائدة .. لقد جند لوشيسكو مهارات لاعبيه لجانب واحد.. معه تتولد المرونة التكتيكية التي ينشدها أي مدرب يرغب في تنويع إيقاع اللعب .. كان الهلال يستحوذ على الكرة بهدف التخلص من ضغط لاعبي الترجي على الرواقين بالذات .. كان كاريلو ينسحب قليلا إلى العمق فيحدث الزيادة العددية في الوسط .. لهذا تتلاشى عملية ضغط خط وسط الترجي وتنكشف الثغرات في العمق.. لأن الترجي ينقل كل ضغطه إلى الجهة الخطأ أي الرواقين ..

كان لاعبو الهلال يفكرون بشكل هجومي .. لكنهم في نفس الوقت كانوا يولون الاهتمام بعملية الضغط في الحالة الدفاعية.. لأجل استرداد الكرة بالمساندة الهجومية لكل اللاعبين .. وهذا ما يؤكد أن لاعبي الهلال لا يستطيعون خلق الفرص الخطيرة المباشرة إلا إذا كانوا مستحوذين على الكرة ومسيطرين عليها .. بالتأكيد عملية شاقة تتطلب مرونة تكتيكية فوق العادة ..

وإذا كان لوشيسكو قد حاصر الترجي بنظام التحكم والسيطرة على وسط الملعب من خلال فلسفة التدوير والحفاظ على التوازن الفعال لخطوط الهلال .. فإن الأمر الحاسم يعود إلى تنوع وتطوير الأداء .. فلم تكن شاكلة 4/2/3/1 جامدة .. بل إنها كانت تضج بأساليب لعب مختلفة .. وهذا التنوع الثري الذي جعل الترجي تلميذا يتلقى الدروس الهلالية صاغرا .. لم يكن ليتجسد لولا قناعة لوشيسكو بأن مهارات وقدرات اللاعبين التكتيكية هي التي ستمنح هذا الامتداد للمرونة التكتيكية حسب ظروف المباراة ..

كان غوستافو كولار مفاجأة في الارتكاز .. كان يمارس الانقضاض بشراسة وأحيانا بتهور .. كان يبدأ التدوير بدلا من المدافع المتأخر علي البليهي .. كان يسترجع الكرات، فقط يسلمها إما لمحمد كنو أو سالم الدوسري أو كاريلو، ولا يشارك في البناء الهجومي..

لو قلت إن تغييرات لوشيسكو هي من صنعت الفارق.. أكون قد ظلمت هذا المدرب رغم كل ما يقال عن حجم المنافس ..؟ الواقع أن لوشيسكو هو من رفع منسوب المرونة التكتيكية ..كيف ..؟، قبل عشرين دقيقة من النهاية والنتيجة التعادل السلبي .. كان لاعبو الترجي يترنحون في مناطقهم .. لكن لوشيسكو كان يخشى على الهلال من الهلال نفسه .. ثمة خطأ من ياسر الشهراني.. كادت الكرة تلج الشباك لولا فدائية الحارس عبدالله المعيوف .. هنا حرك لوشيسكو قرون الاستشعار .. أخرج لاعب الارتكاز غوستافو كولار .. وأدخل المهاجم المصاب الفرنسي جوميز .. تحول اللعب إلى نظام 4/4/2 .. زيادة عددية في الهجوم رفعت من حرارة المرونة التكتيكية .. نتج عن هذا التعديل في الشاكلة هدف الانتصار بعد ثمان دقائق فقط من التغيير .. كرة في العمق مررها كاريلو المتألق جدا .. جوميز ينقلب فجأة إلى ساحر برازيلي.. يرفع كرة قليلا عن المدافع.. ثم يسدد هوائية في المرمى ..

عاد لوشيسكو بعد الحصول على مبتغاه لتأمين الوسط .. وإحاطة وسط الترجي إحاطة السوار بالمعصم .. سحب المهاجم عمر خريبين .. وأنزل محور الوسط عبدالله عطيف .. هنا تحولت الشاكلة إلى الرسم 4/5/1 .. لاحظوا هذا الثراء التكتيكي المصاحب لمرونة لاعبي الهلال .. استنزف الهلاليون الوقت .. لم يتأثروا بحالة طرد محمد كنو .. في حين كان مدرب الترجي معين الشعباني ضائعا ومفلسا من النواحي التكتيكية .. كانت تغييراته روتينية للتغيير فقط.. ولم تكن ذات فاعلية تكتيكية تمنح الفريق النفس الذي افتقده في ليلته الظلماء ..

هل يفعلها الهلال أمام فلامنجو ؟

تخلص الهلال من الترجي لعبا ونتيجة .. وأصبح بحاجة إلى أداة تكتيكية جديدة يقتل بها فريق فلامنجو البرازيلي في نصف النهائي غير الأداة التي استخدمها مع الترجي ..

على رازفان لوشيسكو البحث عن إطار فهم جديد يباغت به الفريق البرازيلي.. الذي يرى في الهلال كتابا مفتوحا.. فقط لأن خوسيوس مدرب فلامنجو يعرف كل أسرار الهلال التكتيكية .. أتصور أن مباراة الهلال وفلامنجو .. مباراة خاصة جدا في ميدان الحذق التدريبي .. بين مدربين مختلفين في النهج.. رغم أنهما ينتميان للمدرسة اللاتينية ..

خوسيوس يعرف كل صغيرة وكبيرة عن الهلال .. ولوشيسكو يجهل فلامنجو تماما .. لكنه يعرف عقلية خوسيوس تماما ..يمكن لمرونة الهلال تعقيد موقف فلامنجو .. أو إزعاجه في أسوأ الأحوال .. متى ما عرف لوشيسكو كيف يضغط على بناء فلامنجو طوال الوقت ..

مثل هذه المواجهة تحتاج إلى لياقة ذهنية من الهلاليين في المقام الأول .. ثم تحتاج إلى تكامل في الوظائف .. وتبادل في الأدوار ..إننا أمام فريقين يعشقان فلسفة الاستحواذ.. ربما يكون الفارق في أسلوب اللعب ونظامه .. ففريق فلامنجو يؤمن بمبدأ الشاكلة 4/3/3 .. وهذا يعني أن لوشيسكو مطالب بتعزيز آليات الوسط .. وتحريك اللعب نحو الراوقين للقضاء على فاعلية فلامنجوالهجومية .. رازفان لوشيسكو مازال يرى أن مخزون المرونة التكتيكية لم ينفد بعد من جيبه .. ومع ذلك سوف تتوقف تلك المرونة على حالة لاعبي الهلال أنفسهم .. فهل يفعلها الهلال.. وهو يمتلك كل مقومات المباغتة والمفاجأة ..؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى