سيموني إنزاجي.. أستاذ اللعب العمودي ومهندس التحولات

تحليل- أحمد مختار

“لقد فعلنا شيئاً سحرياً، فالفوز على يوفنتوس مرتين في أسبوعين هو أمر لا يصدق. أعتقد أن هذا كان فوزاً ثانياً مستحقاً لنا عليهم، لدينا فريق قوي يؤمن بأفكارنا وهؤلاء اللاعبون يستحقون ذلك بالفعل.”

وصف سيموني إنزاجي فوز فريقه لاتسيو على يوفنتوس مرتين بالأمر السحري، هو محق تماماً في رأيه، لكن الأكثر سحراً بالتأكيد هو العمل الكبير الذي قام به هذا المدرب مع نسور العاصمة، منذ توليه المهمة عام 2016، ليحول الفريق إلى نسخة أفضل، ويفوز معهم بثلاث بطولات حتى الآن.

سيموني مدرب لاتسيو الإيطالي

إنزاجي هو البطل الحقيقي لمشروع لاتسيو، المدرب والقائد والعقل المدبر ومهندس انتصارات الفريق، بعد أن ضبط الكثير من الأمور بهدوئه وتنظيمه وتطوره التكتيكي.

وراهن الإيطالي على خطة لعب 3-5-1-1 و 3-5-2 منذ قدومه، بتواجد ثلاثي دفاعي صريح أمام المرمى، رفقة ثلاثي بالمنتصف وثنائي على الأطراف، بينما يهز شباك منافسيه بمهاجم صريح وآخر متحرك بين الخطوط سواء في الاستحواذ أو الحالة الدفاعية.

يطبق نسور العاصمة أفكار مدربهم بشكل ممتاز، خصوصا ثنائية الهجوم وخلفهما ثلاثي الوسط الذي يتحول إلى خماسي في الحالة الدفاعية. ويعتمد سيميوني على اللعب المباشر العمودي، بنقل الهجمة من خط إلى آخر بأقل عدد من اللمسات، مع الوصول إلى مرمى المنافسين بالمرتدات السريعة، لذلك أجاد لاتسيو كرة التحولات خصوصا أمام الفرق الكبيرة التي تبادر بالهجوم، ولنا عبرة بمبارياته الأخيرة أمام يوفنتوس.

لا يسجل هذا الفريق بالمرتدات فقط، بل يطبق سيموني الضغط المرتد أو “الكونتر بريسينج”، عندما يضغط المهاجم المتأخر بالتشكيلة على لاعب الارتكاز المقابل، ليتم قطع الكرة مع عدة تمريرات قصيرة، حتى دخول منطقة الجزاء وتسجيل الهدف.

وتؤكد السجلات التحليلية قوة لاتسيو في الضغط داخل نصف ملعب منافسيه، وطلبه الكرة باستمرار في الأماكن الخطيرة قبل المرور إلى دائرة المنتصف، هكذا يسجل إيموبلي ورفاقه بالمباريات الأخيرة في الدوري والكأس.

لاتسيو يوفنتوس، كأس السوبر الإيطالي

يجيد سيموني توزيع لاعبيه بشكل مثالي داخل الملعب، فالمدرب يضع كل لاعبيه في مختلف مراكز الوسط دون خوف، بداية بالبرازيلي لوكاس ليفا الذي حل مكان الأرجنتيني الراحل لوكاس بيليا، كارتكاز دفاعي صريح أمام ثلاثي الدفاع، ليقوم بوظيفة قاطع الكرات على الطريقة الكلاسيكية، مع معاونة مستمرة من بارولو وسافيتش يمينا ويسارا، مما يجعل لاتسيو متفوقا على أي فريق منافس بخلق حالة 3 ضد 2 حول منطقة المحور.

أمام يوفنتوس في السوبر، قرر قائد لاتسيو وضع لويس ألبرتو كلاعب وسط ثالث بالمركز 8، من أجل التحول إلى 3-4-1-2 في الحالة الهجومية، بصعود الإسباني خلف الثنائي المتقدم، مما يجعل هناك تفوق عددي مستمر أثناء التحولات لصالح بطل كأس إيطاليا، كما حدث في ملعب جامعة الملك سعود بالرياض.

لوليتش لعب مرات عديدة في الارتكاز المساند، ليعود خطوات إلى الخلف ويسند بجوار زملائه، لذلك فإن هذا اللاعب عندما يتواجد كـ “وينج باك” على الطرف الأيسر، فإنه يقوم بمهمة الجناح بالخط بالإضافة إلى كونه لاعب وسط رابع عند الحاجة، مما يسمح لزميله لوكاس ليفا بالعودة إلى الوراء وتقليل الفراغات في وبين الخطوط.

تقول القاعدة بأن من دون دفاع منظم في إيطاليا من المستحيل الذهاب بعيدا، لذلك يهتم سيموني كثيرا بهذا الخط، بتثبيت ثلاثة لاعبين دفعة واحدة أمام مرماه، مع عودة ثنائي الطرف إلى مناطقهم في الحالة الدفاعية، لذلك استقبلت شباكه 11 هدفا فقط “من لعب مفتوح” في بطولة الكالتشيو هذا الموسم.

نادي لاتسيو يتوج بكأس السوبر الإيطالي بعد تغلبه على يوفنتوس في المباراة التي احتضنها ملعب جامعة الملك سعود بالرياض، المملكة العربية السعودية

يدافع لاتسيو عندما يواجه فريقا هجوميا يضم أكثر من نجم، وينتظر المرتدة القاتلة معتمدا على انطلاقات لاعبيه على الأطراف، كذلك يهاجم من البداية أمام الفرق المتكتلة ويضغطها في نصف ملعبها، حتى يقطع الكرة قرب منطقة الجزاء ويسجل بأسرع طريقة ممكنة.

شدد الجهاز الفني على أهمية التحركات في وبين الخطوط، للتحكم في أكبر قدر ممكن من الفراغات سواء في العمق أو تجاه الخط الجانبي. ويضرب سيموني المثل بلاعبه بارولو البارع في هذا الجانب، ليغطي باستمرار خلف الظهير المتقدم ويساند زملاءه كلاعب محور بالوسط، إنها أبجديات التكتيك في بلاد عرفت على طول الخط بأنها منبعه وإحدى مصادر قوته.

لويس ألبرتو لاعب مهاري بامتياز، أنيق وهداف وصانع مميز، لكن عندما سيطر يوفنتوس في الشوط الثاني، لجأ سيموني إلى حله العبقري بدخول بارولو، أحد أهم اللاعبين الخططيين في الكالتشيو.

هنا تظهر قيمة ثلاثي الوسط لفريق لاتسيو، لوكاس أمام الدفاع، بارولو يمين والرائع ميلينكوفيتش على اليسار، بالتالي يوفنتوس يمرر فقط إلى الطرفين، يمين أو يسار، لتحدث الكماشة التي يريدها سيميوني، الوينج باك ولاعب الوسط المائل.

يتمركز بارولو في أنصاف المسافات بين الوينج باك وبين المهاجم إيمبولي المتأخر، لغلق كافة زوايا التمرير، وفي نفس الوقت يتمركز لوكاس ليفا أمام دفاعه في العمق، لضمان التغطية بنظام دفاع المنطقة في حالة مرور الكرة.

وعند الحصول على الكرة؟ يبدأ اللعب العمودي السريع بأقل عدد ممكن من التمريرات، ليضرب الفريق من الأطراف عن طريق بارولو ولاتزاري يميناً، وعلى اليسار بواسطة ميلينكوفيتش ولوليتش، بينما بالعمق هناك إيموبيلي وكوريا أو البديل كايسيدو الذي أعطى الفريق مرونة أكبر أثناء المرتدات.

“لاتسيو من أفضل الفرق التي تلعب بـ 3-5-2، كثافة بالوسط، مساحات قليلة بين الخطوط، تحولات ولا أسرع، مع لويس ألبرتو، بارولو، خواكين كويا، سافيتش، والثنائي كايسيدو وخواكين كوريا، ليصنع المدرب لوحة فنية رائعة بأقلام من الرصاص، فشلت في إثبات نفسها مع فرق أخرى، ليلتقطها إنزاجي ويحولها إلى ماكينات في الحالتين الدفاعية والهجومية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى