جاك جراليش.. صانع لعب تحت الطلب وجناح رغم أنفه

تحليل- أحمد مختار

“أنا لا ألعب مثل الجناح الأيسر، أعتبر نفسي أقرب إلى صانع اللعب بالمركز 10 الداخلي لكن مع ميل إلى الطرف، المدرب أراد أن أقترب أكثر من رأس الحربة، لأننا في بداية ربما كنا نفتقر إلى الكثافة الهجومية قليلاً، لذلك حدث هذا التعديل الخططي في التشكيلة”، بهذه الكلمات يصف جاك جراليش نفسه بعد تواجده كجناح صريح في خطة أستون فيلا خلال المباريات الأخيرة، رغم أنفه، خاصة أنه كان يريد الاستمرار كلاعب وسط صريح، كما كان يتمركز طوال المواسم الماضية.

الخريطة الحرارية لجاك جريليش هذا الموسم عبر سكاي سبورتس

بدأ جراليش الموسم الحالي كلاعب وسط صريح في رسم 4-3-3، شارك في 6 مباريات خلال هذا المركز مع 4 مباريات كلاعب وسط هجومي، ليسجل هدفاً واحداً ويصنع 3 في 10 مواجهات، قبل أن ينتقل إلى الجناح الأيسر خلال آخر 9 مواجهات، لينجح في تسجيل 5 أهداف وصناعة هدفين، مما جعله يساهم بوضوح في تحسن مستوى فريقه سواء في بطولة البريمرليج أو كأس الرابطة الإنجليزية.

جاك لم يكن سيئاً في منطقة الوسط، بالعكس كان أيضاً أحد نجوم أستون، لكنه كان يساهم بوضوح في المهام الدفاعية وضبط التحولات، مع عودته كثيراً إلى نصف ملعبه، بينما تحرر تماماً من هذه الواجبات عند انتقاله إلى نصف ملعب الخصوم كجناح على اليسار، لذلك تحسنت أرقامه التهديفية، بسبب شخصيته القوية ورؤيته وقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة بالثلث الأخير.

يقول دين سميث، مدرب أستون فيلا عن أداء لاعبه: “لقد أظهر جاك شجاعة كبيرة بالكرة”. قدم أداء رائعاً وناضجاً مرة أخرى. إنه يحمل الكرة بذكاء، يستحوذ ويسيطر ولا يفقدها. إنه يعطي الفريق التوازن المطلوب في المباريات المعقدة. حتى عندما نواجه فريقاً أقوى فإن بعض الأسماء تهاب الموقف، لذلك يطلب جراليش الكرة دون خوف، ليساهم في تهدئة النسق”.

يستطيع جراليش اللعب في أكثر من مركز، سواء كلاعب ارتكاز مساند أو وسط هجومي صريح أو حتى جناح أيسر، وبالتأكيد هو صانع اللعب الأول لأستون فيلا هذا الموسم، لأنه لاعب كرة قدم يجيد فهم أبجديات التمركز، ولديه القدرة على صناعة القرار المناسب، مما يجعله في وضع مميز للتمرير أو التسديد أو التسجيل دون مشاكل، وهذا الأمر ربما أهم نقاط قوة هذا اللاعب بالفترة الماضية.

أرقام صناعة الفرص لجاك جريليش هذا الموسم مقارنة بكيفين دي بروينه عبر سكاري سبورتس

في تقرير شبكة “سكاي سبورتس” الإنجليزية عن أرقام جراليش، يتحدث المحرر آدم بات عن الطفرة التهديفية الواضحة في معدلات جاك، حيث سجل هذا الموسم 8 أهداف في كل البطولات، كأعلى نسبة للاعب منذ صعوده للفريق الأول في أستون موسم 2014-2015. وإذا تحدثنا فقط عن الموسم الحالي 2019-2020، فإن جاك جراليش يأتي في المركز الرابع من بين جميع لاعبي البريمرليج، على مستوى صناعة الفرص بـ 52 فرصة، خلف الثلاثي دي بروين، بوينديا، وأرنولد.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل يأتي نجم الفيلا في المركز الأول من حيث صناعة الفرص عن طريق اللعب المفتوح للاعبين الإنجليز، بعيداً عن الضربات الثابتة، بصناعته 45 فرصة متفوقاً على ستيرلينج وأرنولد وماديسون وآخرين في هذا المجال، لذلك حاولت “سكاي” المقارنة بين تأثيره مع أستون فيلا وتأثير لاعب بقيمة كيفين دي بروين، فالبلجيكي صنع هذا الموسم 73 فرصة من أصل 319 للسيتي، مقابل 52 لجاك من أصل 218 فرصة لفريقه.

عامل آخر يترجم تألق جراليش، في كونه لاعباً من الصعب أن تقطع منه الكرة من دون ارتكاب مخالفة، لذلك فهو أكثر اللاعبين حصولاً على المخالفات في البريمرليج هذا الموسم، ليحصل فريقه على 88 خطأ بسبب عرقلة الآخرين له، يليه في هذا الجانب ويلفريد زاها، ماديسون، آيو، ودانيال جيمس.

يرى جراليش نفسه لاعب خط وسط مركزي ويدعي أنه يكره اللعب على اليسار، لكنه انتقل على نطاق أوسع بعد المباريات الست الأولى من الموسم، حيث يكافح فيلا للحصول على دعم كافٍ للمهاجم الجديد ويسلي. في ظاهر الأمر، هذا يبعده عن نصف ملعبه، لكنه حرّره من بعض واجباته الدفاعية. صحيح أن أستون أصبح أضعف على مستوى الدفاع، لكن جاك أصبح أكثر تركيزاً على الحسم بالثلث الهجومي الأخير.

تصريح بيب جوارديولا عن جاك جريليش

“إنه لاعب لا يصدق. سريع في الثلث الأخير، يملك الرؤية ويمر من خصومه بسهولة. إنه دائمًا ما يصنع شيئاً، أعتقد بأنه استثنائي في طريقة لعبه”، بيب جوارديولا عن جاك جراليش في حوار سابق.

خلال رسم 4-3-3 للمدرب دين سميث، فإن أستون فيلا يلعب بثلاثي صريح في المنتصف، مع وجود تريزيجيه أو الغازي على الطرف الأيمن من الملعب لفتح دفاع الخصم عرضياً، لكي يحصل جاك جراليش على الحرية المطلوبة في الجانب الآخر من الملعب، لذلك يتمركز على الورق يساراً، مع دخوله باستمرار إلى العمق على مقربة من المهاجم الصريح ويسلي.

وعند التحول إلى خطة 3-4-3 كما جرت العادة مؤخراً، فإن جرايلش يصبح نصف صانع لعب ونصف جناح، مع تحركه المستمر في وبين الخطوط، من خلال القنوات الشاغرة بين قلب دفاع الخصم وظهيره. ويتحرر جاك هنا تماماً من الواجبات الدفاعية، لوجود ثنائي محوري بقيمة دوجلاس لويز وناكامبا يدافعان فقط، أمام ثلاثي الخلف وثنائي الأظهرة يميناً ويساراً.

يلعب أستون أحياناً برسم 4-2-3-1 كما حدث خلال مباراة الفريق أمام نوريتش، ليتواجد جراليش كصانع لعب صريح بالمركز 10، خلفه ثنائي محوري وأمامه مهاجم رقم 9، وعلى الطرفين كل من تريزيجيه والغازي، لحصوله على دور اللاعب الحر الذي يتحرك في كل أركان الثلث الأخير، ليصنع هدف الفوز الوحيد خلال تلك المواجهة.

وُصف جراليش أيام “الشامبيونشيب” بأنه ملك أنصاف المسافات في هذا الدوري، من منظور موقع “فوتبوببا” ، فهو يعمل بانتظام على الجانب الأيسر المركزي، يتحرك بين المساحات خلف خط الوسط المقابل وأمام الدفاع مباشرة. ومع أسلوب لعبه المباشر في الركض والاندفاع، فإنه يخرج اللاعبين المنافسين من موقعهم ومن ثم يمتلك الذكاء لوضع الكرة في الفراغ الذي تم إخلاؤه.

لقد أعطت بطولة الدوري الإنجليزي الدرجة الأولى لجراليش القدرة على صقل موهبته، تجربة اللعب في أكثر من مركز، والحصول على الجرأة المطلوبة في الاختراق وتحمل الصراعات البدنية القوية، لذلك عندما صعد مع أستون فيلا إلى “البريمرليج”، لم يحصل على وقت طويل من أجل التألق، ليلعب كرته المعروفة من دون خوف، ويقدم نفسه كأحد أجمل مفاجآت هذا الموسم حتى الآن، في انتظار خطوة أعلى خلال السنوات القادمة، بالانتقال إلى فريق أكثر تنافسية ومع مدرب يستطيع تطويره بشكل مضاعف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى