مارسيلو بيلسا.. ممثل في مسرح كرة القدم العبثي!

تقرير – محمد يوسف

في مباراة ليدز يونايتد ضد هدرسفيلد تاون في دوري الدرجة الأولى، يتبادل لاعبو ليدز عدة تمريرات رائعة، ثم ينطلق جاك هاريسون على الجبهة اليسرى، وينظر إلى الجهة المقابلة، ثم يتوغل أكثر، ويلقي نظرة أخرى، ثم يرسل كرة عرضية طويلة، تعبر الرؤوس باتجاه الزاوية البعيدة، حيث يأتي المدافع لوك أيلنج، بعد أن انطلق لمسافة 60 ياردة من الجهة اليمنى، ليضع تسديدة رائعة على الطائر في سقف المرمى.

يجري اللاعبون والبدلاء والطاقم التدريبي بجنون، بينما يصرخ الجميع: “يا له من هدف!”، ولكن في نفس اللحظة، الرجل الوحيد في ملعب إيلاند رود الذي لم يتحرك هو مارسيلو بيلسا. بينما يحتفل الجميع، ما زال يجلس بيلسا على الدلو، يشرب قهوته، بدون أي تعبير على وجهه، كأنه يشاهد فيلماً شاهده من قبل!

كيف سيتعامل الدوري الإنجليزي الممتاز مع بيلسا؟

مارسيلو بيلسا

بطريقة ما، ربما يكون قد شاهد لقطة الهدف من قبل فعلاً! فبعد عدّة ساعات من فوزهم بهدفين دون مقابل على هدرسفيلد، نشر حساب النادي على تويتر مقطعاً لتدريبات الفريق، يتلقى فيه أيلنج تمريرة عرضية، ويسدد كرة على الطائر داخل المرمى، كأنه نسخة من الهدف.

ربما تكون هذه لعنة الهوس: بمجرد أن ترى كل مقاطع الفيديو، وتسجل كل نقطة بيانات، وتحدد كل حدث ممكن، فربما سيبدو لك الواقع نفسه وكأنه إعادة لشيء ما، يشاهده الجميع للمرة الأولى.

ربما هذا ما سوف تشعر به عندما يأخذ بيلسا، للمرة الأولى، مكانه في دكة البدلاء كمدير فني في الدوري الإنجليزي الممتاز. نعم، بيلسا في الدوري الممتاز، قد تبدو هذه الكلمات غريبة على الورق، ولكن من المحتمل أن تتحول إلى واقع مع مرور كل أسبوع. وبطريقة أو بأخرى سيكون الأمر عاطفياً بالتأكيد.

على افتراض أن ليدز سيصعد بالفعل، ومع وجود فارق مريح من النقاط، فهو رهان آمن إلى حد ما. ثم أنه من الصعب أن نتخيل مديراً فنياً آخراً يحظى بهذا القدر من الاحترام وبالإجماع من قبل منافسيه، الذين يبدو عليهم الشرف لمشاركته المنطقة الفنية من الملعب.

ليصرّح داني كاولي، المدير الفني لنادي هدرسفيلد تاون، بعد الهزيمة: “إن كان سيتفوق عليك مدير فني في التدريب، فمن الأفضل أن يتفوق عليك مدير فني عبقري. سأكون مهتماً للغاية، عندما يصعد ليدز، لأرى كيف سيتعامل الدوري الممتاز مع ذلك”.

لم يكن من المفترض أن تسير الأمور بهذا الشكل، وبالتأكيد ليس عندما ظهر بيلسا في ليدز عام 2018. الفريق الذي مر عليه 12 مديراً فنياً خلال خمس سنوات، يقوم بتعيين مديراً فنياً لم يسبق له أن قضى موسماً ثالثاً في نفس النادي من قبل. ربما كان تصريح كاولي صحيحاً: الأمر لا يتعلق بكيف سيتعامل بيلسا مع الدوري الممتاز، ولكن كيف سيتعامل الدوري الممتاز مع بيلسا.

مارسيلو بيلسا.. ممثل في مسرح كرة القدم العبثي!

مارسيلو بيلسا

ما الذي سيحدث بالضبط، عندما يتصادم مدرب يساري، يتمسك بمبادئه دائماً، مع أكثر دوري مادي، والأقل في المبادئ على وجه الأرض؟ ماذا يحدث، باختصار، عندما تقذف مثل هذا الشخص إلى آلة الفوضى والجنون؟ ولكن هناك عنصر من المعارضة الزائفة على هذا السؤال!

رغم كل شيء، الدوري الإنجليزي الممتاز متعدد للغاية، وهناك عدد قليل من المدربين الذين يحتلون شباك التذاكر العالمي أكثر من بيلسا: الممثل في مسرح كرة القدم العبثي.

سواءً كانت مشاهدته المتكررة في فرع كوستا كافيه في مدينة ويثربي، أو في مؤتمراته الصحفية التي تدوم لمدة ساعة من الزمن، أو إضافاته الغريبة لملعب تدريب الفريق، تشعر أن بيلسا سوف يتماشى بصورة جيدة في دوري متعطش للروايات الجديدة، والشخصيات الجديدة، والمواضيع الجديدة، وحتى “الميمز” الجديدة.

وقبل كل شيء، يمتلك بيلسا إحدى الهدايا النادرة في هذه اللعبة: الغموض الحقيقي. مثلما كان يملك بيب جوارديولا قليلاً منه قبل أن ينتقل إلى إنجلترا، وفي التسعينيات، أرسين فينجر ورود خولييت امتلكوه بالتأكيد.

ولكن في مناخ اليوم، من الإفراط في المشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من الصعب الحصول على هذه الهالة من الغموض. ولكن بيلسا قد حافظ عليها، ليس بالحديث بطريقة تويتر المختصرة أو بالرسائل المبتذلة، ولكن على العكس: بنوع من التواضع والصراحة التامة، والتي تكافح كرة القدم الإنجليزية، بطبقاتها من المزاح والتهديد والوعيد والهراء، من أجل تطبيقها.

على أية حال، ربما لن يحدث أي من هذا أبداً! ربما ينهار ليدز ولا يصعد إلى الدوري الممتاز، ربما سيختلف بيلسا مع مجلس الإدارة حول التعاقدات ويستقيل قبل أربعة أيام من بداية الموسم الجديد، ربما سيمل ببساطة من محاولة انهاء الدوري في المركز الثالث عشر في دوري غير عادل، وسيبحث عن بداية جديدة في مكان آخر. أو ربما، بعد أن عاد بنادي ليدز أخيراً إلى الأرض الموعودة، سوف يواجه الدوري الممتاز كرجل يركض باتجاه النار. ولكن المهم، أننا نريد أن نعرف في كلتا الحالتين.

 

تقرير مترجم من صحيفة الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى