تحليل – محمد يوسف
في وقتنا الحالي، تتحول كرة القدم الحديثة إلى علم؛ وهو علم له مصطلحاته وفلسفته ونظرياته وأساليبه الخاصة. وفي السنوات الأخيرة، تعقد الأمر أكثر بدخول شركات ومواقع الإحصاء إلى اللعبة، لتعتمد بالفعل على النظريات الرياضية والحسابات والأرقام أكثر وأكثر.
مع كل مباراة وكل استديو أو مقال تحليلي، ستجد الجميع يتحدث بمصطلحات جديدة في كل مرة؛ مهاجم وهمي، ضغط عكسي، ظهير هجومي، محور دفاعي، ناهيك بالطبع عن كمية الخطط والتكتيكات الحديثة التي تتوالد تلقائياً كل موسم.
في كتابه “كيف تشاهد كرة القدم؟”، يحاول رود خوليت، أحد أساطير هولندا، أن يشرح كيف تشاهد مباراة كرة القدم بأكملها، بكل تفاصيلها التكتيكية، ولماذا كل شيء مهم.
ولهذا سنحاول تبسيط مثل هذه الأمور والمصطلحات والأمور التكتيكية قدر الإمكان من خلال سلسلة مقالات “كيف تشاهد كرة القدم كمحلل محترف؟”. وسنحاول شرح كل ما يتعلق بالتكتيك، من فلسلفة وأساليب اللعب لأشهر الأندية والمدربين، إلى تسمية مراكز اللاعبين بناءً على أدوارهم داخل الملعب!
والآن مع الحلقة الأولى من السلسلة: كيف تبدأ؟
مراحل مباراة كرة القدم
دعنا نبدأ بالأساسيات، وأولها هي أن أي مباراة كرة القدم تنقسم إلى مراحل. مرحلة الدفاع، ومرحلة الهجوم، ومرحلتي التحول من الدفاع إلى الهجوم والعكس. دفاع –← تحول –← هجوم، أو هجوم –← تحول –← دفاع.
ومن هنا نتحول إلى ثانياً، وهو عدم وجود رسم خططي واحد للفريق، أي أن فريقك لا يلعب بخطة 4-4-3، أو 4-2-3-1 على سبيل المثال، كل هذه مجرد أرقام استرشادية فقط، لأن كل فريق يملك على الأقل رسمين: واحد للدفاع وآخر للهجوم، وهناك بعض الفرق التي تملك أشكالاً أكثر تعقيداً، أثناء مراحل الهجوم المختلفة، أو أثناء مرحلة الاستحواذ، أو أثناء الارتداد السريع، وهكذا.
مثلاً، لا يلعب أي فريق في الغالب بثلاثة مدافعين فقط؛ لماذا تلعب بثلاثة مدافعين وأنت تملك 10 لاعبين على أرض الملعب؟ كل هذا يعتمد على تحرك اللاعبين وتمركزهم أثناء مراحل المباراة المختلفة؛ فمثلاً يمكن أن يلعب الفريق بخمسة مدافعين في مرحلة الدفاع، وثلاثة في مرحلة التحول، واثنان فقط في مرحلة الهجوم.
لتعرف كيف تحلل المباراة، عليك أن تحدد الشكل الهجومي والدفاعي للفريقين، فمثلاً عندما يمتلك أحدهم الكرة في حالة هجومية، والآخر في حالة دفاعية، توقف قليلاً وانظر أين يتوزع لاعبو الفريقين على أرضية الملعب؟ أوقف المباراة وقم بالعد، مثلاً لاعبي الفريق المهاجم يتوزعون على شكل 2-3-5 (2 في الخلف، 3 في الوسط، 5 في الأمام)، بينما الفريق المدافع على شكل 8-1-1 (8 في الخلف، 1 في الوسط، 1 في الأمام).
أدوار وتمركز اللاعبين
عرفنا أن شكل الفريق يتوقف على تمركز وأدوار كل لاعب أثناء مراحل المباراة، وبهذا عليك أن تعرف أين يتمركز لاعبي كل فريق، ومن هو اللاعب الذي يكلفه المدرب بعدّة مهام، وهو الذي يغير تمركزه على حسب المرحلة، فتراه في مكان أثناء الهجوم، ثم في مكان آخر أثناء الدفاع، وأبرز مثال هم الظهيرين الأيمين والأيسر، أو المهاجم الذي يؤدي أدوار صناعة اللعب، أو بالطبع لاعبي خط الوسط، وهؤلاء يعتبروا من أساسيات عمليات التحول.
ثم عليك الانتباه أين تحدث الزيادة العددية، في أي جهة من الملعب مثلاً؟
يخلق الفريق زيادة عددية عندما يزداد عدد لاعبيه في جهة عن الجهة الأخرى، كمثال: عندما يشارك الظهير الأيسر في الهجمة ويساعد الجناح ليخلقوا زيادة عددية على الجهة اليمنى للفريق المنافس. أو عندما يملك الفريق لاعباً حراً بدون رقابة في أحد مناطق الملعب.
عند تحليل شكل الفريق، يجب أن تلاحظ بالتحديد كم عدد اللاعبين المشتركين في هذه المرحلة، سواء كانت هجوم أو دفاع أو تحول. لا تنخدع لأن لاعب ما لا يشارك في هذه المرحلة، فربما لديه مهمته الخاصة التي يؤديها، كمثال: لاعب الوسط المحوري الذي يتمركز في الخلف ليجد زملاؤه اختياراً سهلاً للتمرير، أو بقاءه في الخلف لحماية خط الوسط، وكلاهما في المرحلة الهجومية، وكل هذا يرجع إلى المهام التي طلبها منه المدرب. فليس معنى عدم اندفاعه للأمام أنه لا يملك دوراً فعّالاً في مرحلة الهجوم.
إذا تمكنت من تحديد هذه النقاط السابقة، سوف تملك رؤيةً جيدةً لمعرفة مجريات المباراة. وسوف تكون هذه خطوتك الأولى لتعرف كيف تشاهد كرة القدم كمحلل محترف.
سوف نتحول في الحلقة القادمة إلى شرح مراحل المباراة المختلفة (الهجوم – التحول – الدفاع).
تعليق واحد