تحليل – محمد يوسف
عرفنا في الحلقة الأولى من السلسلة أن كل مباراة يمكن تقسيمها على مراحل: مرحلة الدفاع، ومرحلة الهجوم، ومرحلتي التحول من الدفاع إلى الهجوم والعكس.
سوف نبدأ في هذه الحلقة في شرح مرحلة الدفاع ببساطة، وما الذي يحدث خلالها تحديداً!
تعتبر مرحلة الدفاع المرحلة الأقل اعتماداً على ابتكار أو تصرفات اللاعبين الفردية، والتي تعتمد أكثر على تنفيذ تعليمات المدرب، أي أنهم غالباً لن يغيروا شكل الخطة بناءً على رؤيتهم الخاصة. وربما لهذا السبب يعتقد الكثيرون أن الأصعب بالنسبة للمدرب أن يضع خطة دفاعية، مقارنة بالهجوم، لكن الأمر ليس بهذه البساطة على كل الأحوال!
هناك بعض النقاط الأساسية التي نبحث عنها أثناء مرحلة الدفاع، مثل: شكل الهرم الدفاعي، ونوع خط الدفاع، ونوع نظام الرقابة، ونوع الضغط الذي يطبقه الفريق، وسرعة التحول للاعبي مرحلة التحول، بمعنى آخر أين يتمركز هؤلاء اللاعبين.
شكل الهرم الدفاعي
الهرم الدفاعي هو شكل الفريق عندما يدافع الفريق بكل لاعبيه، وهذا يعتمد على نظام الفريق، وعلى مجريات المباراة. لنفرض مثلاً رباعي دفاعي، أمامهم ثلاثي في الوسط، أمامهم جناحين يتراجعان لمراقبة ظهيري الخصم، والمهاجم يضغط على حامل الكرة في منتصف الملعب تقريباً. الشكل الذي تخيلته يشبع تقريباً شكل الهرم، وأغلب الأشكال الدفاعية تعتمد على هذا الشكل.
حاول دائماً أن تلاحظ كيف يطبق كلا الفريقين هذا الشكل، هل يسقط المهاجم لتقديم المساعدة؟ هل يتم مراقبة ظهيري الخصم لمنع التفوق العددي؟ هل يتم تغطية المربع الدفاعي بين قلبي الدفاع ولاعبي الوسط بشكل كافي؟ وكرر نفس الأسئلة أين يحدث التفوق العددي؟ ومن هم اللاعبين المشاركين في مرحلة التحول؟
نوع خط الدفاع
هناك نوع من خط الدفاع عندما يقف رباعي الدفاع على خط واحد، بمعنى أنهم يضغطون ويتحركون معاً، وهي الطريقة التي يطبق فيها الفريق مصيدة التسلل.
هناك نوع آخر من خط الدفاع عندما يضغط الظهير الأيمن مثلاً على الجناح الأيسر للمنافس، ثم يغطي عليه قلب الدفاع الأيمن بشكل قطري، ويقترب قلب الدفاع الأيسر أيضاً وكذلك الظهير الأيسر. هنا يضغط الظهير على الجناح، ويغطي عليه قلب دفاع في حال استطاع الجناح المرور مما يوفر أيضاً بعض الوقت للظهير للعودة وتغطية مكان القلب ريثما يحاول هو إبعاد الجناح عن المنطقة.
هنالك طريقة أخرى وهي الدفاع بخطين، حيث يقوم الظهير بالضغط ويغطي عليه قلب الدفاع بنفس الطريقة السابقة، وهنا يقوم الظهير الآخر بالصعود إلى خط واحد مع الظهير المقابل، ويبقى قلب الدفاع الآخر ليقرر إن كانوا سيبقون في مكانهم أو يطبقون مصيدة التسلل، الفكرة في صعود الأظهرة هي استغلالهم كلاعبين في مرحلة التحول في حالة استعادة الاستحواذ على الكرة.
هذه نظرة عامة وأساسية على شكل الخط الدفاعي، وفي كل ما سبق يجب مراعاة الشكل الهجومي للخصم، وكذلك لاعبي خط الوسط الدفاعي الذين قد يتجاوبون أو لا يتجابوا مع خط الدفاع، اعتماداً على نظام الرقابة وتعليمات المدرب، وعلى نوعية لاعبي الخصم.
نوع نظام الرقابة
عندما نتحدث عن نظام الرقابة فأول ما قد يتبادر إلى أذهاننا هي رقابة رجل لرجل Man-to-Man Marking، وهي الطريقة الأقدم في فرض الرقابة الدفاعية على لاعبي الخصم. لكن الطريقة التي أصبحت منتشرة أكثر حالياً هي رقابة المنطقة Zonal Marking. والآن، تطور جميع الفرق نظاماً مختلطاً بين الاثنين، رقابة المنطقة والرجل للرجل، اعتماداً على شكل هجوم الخصم واعتمادهم على مراحل المباراة.
رقابة الرجل لرجل تتمثل ببساطة في تكليف لاعب من دفاع فريقك، أو خط الوسط الدفاعي، بمراقبة أهم لاعب لدى الخصم على سبيل المثال، في محاولة تضييق المساحات عليه، وإخراجه من المباراة.
أما راقبة المنطقة فهي أن تكلف مثلاً الظهير أو قلب الدفاع بمراقبة أو تغطية مربع معين في منطقة دفاع فريقه، سوف تكون هذه المنطقة هي مسؤوليته، أيا كان من سيأتي إليها من لاعبي الخصم. دفاع المنطقة يعني في الأساس السيطرة على المساحات، بدلاً من مراقبة كل لاعب للخصم. ويعتمد بعض المدربين في هذه الطريقة على أسلوب الضغط الشديد وتضييق المساحات قدر الإمكان.
ويطبق بعض المدربين نظاماً مختلطاً بين النظامين، مما يعني أن المدافع يغطي في البداية منطقة معينة، ولكنه يبدأ في رقابة لاعب الخصم عندما يدخل تلك المنطقة. وبخلاف ذلك، يتم تطبيق رقابة رجل وربما أكثر بشكل لصيق في حالات مراقبة نجوم اللعبة، والأمثلة كثيرة للغاية.
نوع الضغط
الضغط هو عملية ينوي فيها الفريق في مرحلة الدفاع أن يضغط على لاعب الخصم الذي يمتلك الكرة، والفكرة من وراء تطبيق هذا الضغط هو إعطاء الخصم وقتاً أقل لينفذ لعبته الهجومية، أو منعه من التقدم أكثر باتجاه المرمى.
وهناك بعض الأنواع المختلفة من الضغط، والنوع الأكثر تحفظاً هو الضغط العميق أو الضغط الدفاعي. حيث يملك الخصم الوقت والمساحة الكافية للعب التمريرات الأولى لبناء الهجمة، ويتحرك بالكرة إلى الأمام أكثر باتجاه نصف ملعب الفريق. ويحاول الفريق الذي يدافع أن يوحه عملية البناء إلى أحد جانبي الملعب، وعندما تصل الكرة إلى الثلث الأخير، يحاول المدافعون قطع واعتراض الكرة عن طريق الضغط على حامل الكرة، حيث يقف كل لاعبي الفريق أمام منطقة جزائهم.
نوع آخر من الضغط يُسمى بالضغط الوسطي، بمعنى أنه يُطبق غالباً حول خط منتصف الملعب. ومرة أخرى، يسمح هذا للفريق الخصم بلعب عدد من التمريرات في منتصف ملعبهم والتحرك بعملية البناء. لكن يبدأ المدافعون بعد ذلك في توجيه عملية البناء إلى اتجاه معين من الملعب، ويقطعون الطريق على لاعبي الخصم، ويراقبون زوايا التمرير. وعلى عكس الضغط العميق، فإن لاعبي الفريق في مرحلة الدفاع يكونوا أقرب إلى مرمى الخصم، ويمكن للاعبي الخط الخلفي أن يوفروا حماية للاعبين الذين يضغطون بالقرب من الكرة.
النوع الثالث، وهو النوع الأصعب، يُعرف بالضغط العالي أو الضغط الهجومي. حيث يضغط الفريق في مرحلة الدفاع على مدافعي الخصم وحارس مرماهم. ومن المهم أن يتقدم مدافعي الخط الخلفي بقوة لإغلاق المساحات التي تنشأ بسبب هذا النوع من الضغط في منتصف الملعب. وعموماً فإن أهم جانب في الضغط العالي هو الضغط المباشر على حامل الكرة، وعدم منحه أي وقت لرؤية الملعب ومنعه من اتخاذ القرار السليم، حتى لا يتمكن من الخروج بالكرة من مناطقه الخلفية. يتطلب هذا النوع من الضغط قدراً عالياً من اليقظة واللياقة الدائمة لكل لاعبي الفريق.
انتهت الحلقة الثانية، وفي الحلقة القادمة سوف نتحدث عن مرحلة الهجوم!
تعليق واحد