استاد المدينة التعليمية لمونديال قطر 2022.. قصة تروي هندسة سقف الماسة المونديالية

الدوحة- توووفه

تزامناً مع الذكرى الرابعة لفوز قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم 2020، وتحديدًا في 2 ديسمبر 2014، أعلنت الدوحة عن تصميم أحد أبرز التحف المعمارية العالمية في العصر الحديث، استاد المدينة التعليمية الذي دُشن في يونيو 2020 كثالث ملاعب كأس العالم فيفا قطر 2020 جاهزية بسعة 40 ألف مشجع، بعد استاد خليفة واستاد الجنوب.

استاد المدينة التعليمية

يرسم الاستاد الذي يتوسط قلب المدينة التعليمية النابضة بالحياة فصلاً من تاريخ الفن المعماري الإسلامي الغني، حيث تتميز واجهته بالمثلثات التي تشكل زخرفات هندسية متشابكة كخطوط الألماس تعكس نور الشمس، وتبدي تغيراً في ألوانها كلما تغيرت الزاوية التي تطل منها أشعة الشمس أثناء دورانها في السماء من الشروق إلى الغروب، كما تعكس الواجهة أضواء نابضة بالحياة في الليل مما يلفت الأنظار إليها.

هذا المشهد الأخاذ لمنظر هذه الأيقونة الهندسية يوحي للجمهور الزائر ولو لوهلة لمعرفة أدق التفاصيل التي رافقت عمليات التشييد والبناء، وأهم التساؤلات التي يمكن أن تثار كيف صمم سقف الملعب بهذا الشكل الهندسي البديع، وكيف تم رفعه، وماذا عن الإضاءة الخارجية وتقنية تغير الألوان، وكيف سيساهم تصميم السقف في خلق تقنية فريدة للصوت داخل الاستاد، ومنع الهواء الخارجي من الوصول للداخل، تساؤلات وضعناها لنصل لفهم أكثر التفاصيل دقة في هذه المنشأة الرياضية العالمية الضخمة.

سقف عملاق

يتكون سقف الاستاد من جسر حديدي رئيسي للأحمال المرتفعة، ويرتكز السقف على أعمدة فولاذية إسطوانية المقطع مثبتة على الهيكل الخرساني الرئيسي لمبنى الاستاد، وهو يعتمد في تركيبه على شبكة من الجسور الفولاذية العملاقة، وكابلات الشد ذات المقاومة العالية.

وتبلغ مساحة السقف الإجمالية 32 ألف متر مربع، وهو مغطى بنحو 30 ألف لوح من الألومنيوم المقاوم للعوامل الجوية والحرارة المرتفعة، بما يوفر العزل المطلوب، ويمنع تسرب مياه الأمطار، ويحقق الشكل الجمالي والتصميم المعماري المميز للاستاد.

وقد استخدم في تشييد السقف قرابة 1500 طن من المواد الحديدية والفولاذية عالية الجودة، والمعالجة بالمواد المضادة للصدأ، والدهانات الخاصة، وطبقات من المواد المقاومة للحريق وفق أعلى المعايير العالمية.

رفع السقف

بدأ رفع السقف بعد تركيب الجسر الحديدي الرئيسي بواسطة أبراج معدنية ثبتت بشكل مؤقت بين الأعمدة الرئيسية الحاملة للجسر، ومن ثم جرى تدعيمها لمقاومة الأحمال الناتجة عن رفع شبكة كابلات الشد.

وقبل الشروع في عملية الرفع، ثُبتت على جانبي الجسر روافع هيدروليكية تعمل بالمضخات والموصولة في الوقت ذاته بكابلات الشد؛ بعدها، شُغلت المضخات والروافع على مراحل للتأكد من توزيع الأحمال بالتساوي على كابلات الرفع للوصول للمستوى المطلوب.

وفي أعقاب ذلك، تم رفع الجسور العملاقة المجمعة مسبقاً والمرتكزة على الجسر الرئيسي وكابلات الشد بواسطة رافعات ضخمة تصل حمولتها إلى 600 طن، واستغرقت تلك العملية 25 يوماً تحت إشراف إحدى الشركات الصينية المتخصصة في تلك الأعمال.

وقد وفرت تقنية التصميم تلك من استخدام حوالي 35% من المواد الحديدية الإنشائية والتي انعكست بدورها على تصميم الهيكل الخرساني الرئيسي الحامل للسقف المعدني للاستاد.

إضاءة الملعب وتقنية تغير الألوان

هناك نحو 1485 وحدة إضاءة خارجية من نوع إل.إي.دي موزعة على واجهة الاستاد وهي تعمل بتقنية آر.جي.بي للخلط بين الأحمر والأخضر والأزرق للتحكم في الألوان حسب الرغبة، وستستخدم تلك التقنية في الترحيب بالدول المشاركة في بطولة كأس العالم فيفا قطر 2020 عبر عرض الألوان الخاصة بأعلام الدول المشاركة، وهي تقنية من تطوير شركة فيليبس العالمية والتي أشرفت على تنفيذها للتأكد من فاعليتها.

تقنية الصوت وعزل للهواء

منظر داخلي لاستاد المدينة التعليمية

يدخل في تركيب سقف الاستاد نوعان من الألواح المعدنية، الأولى مضلعة طولياً، والثانية دائرية مثقوبة ومثبتة على الهيكل الحديدي. ويسهم هذان النوعان من الأسطح في تحسين جودة الصوت داخل الاستاد، علاوة على استغلال السقف في توزيع مكبرات الصوت عبر أرجاء المكان.

وقد صمم السقف ليعزل الهواء الخارجي، وهو شبه مغلق ويميل إلى الخارج بزاوية محددة تقلل من ضغط الهواء والرياح على السقف، وقد أجريت كافة الاختبارات الخاصة بجودة الصوت والهواء والرياح بالتعاون مع جهات متخصصة بداية من مراحل التصميم.

استاد المدينة التعليمية مزود بتقنية تبريد مبتكرة لتوفير أجواء مناخية مثالية

وستضمن تقنيات التبريد المتطورة الموجودة داخل الاستاد كما هو الحال في جميع استادات بطولة كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™️ الحفاظ على درجة حرارة معتدلة على مدار العام ليشعر اللاعبون والمشجعون بالراحة التامة.

استدامة

حصل تصميم استاد المدينة التعليمية في يناير ٢٠١٩ على تصنيف الاستدامة من فئة خمس نجوم من المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة. فهو وسط منظومة صديقة للبيئة بكل تفاصيلها، وبإمكان الجماهير الوصول إليه باستخدام المركبات أو المترو، كما تتوفر مسارات للدراجات الهوائية، ولا يبعد عن قلب مدينة الدوحة سوى سبعة كيلومترات.

ويشهد المشجعون بمجرد وصولهم إلى المكان المساحات الخضراء الجميلة والمرافق المتطورة المحيطة بالاستاد، والتي روعيَ في بنائها معايير الاستدامة والاستمرارية. وتضم هذه المرافق ملاعب تدريب لكرة القدم، وملعباً للجولف، ومتاجر.

واستضاف الملعب مؤخرا بعض مباريات دوري أبطال آسيا 2020 لمنطقة الغرب وأبهر الجميع بأناقة تصميمه وجمالية لمساته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى