برشلونة وريال مدريد.. عقدة زيدان تفضح عقلية كومان

توووفه- محمد العولقي

التقط عشاق ريال مدريد أنفاسهم اللاهثة أخيرا، وهدأت ثورة الغضب كثيرا بعد الانتصار المستحق في الكلاسيكو على الغريم التقليدي برشلونة بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، في قمة باردة جماهيريا احتضنها ملعب كامب نو، ساخنة في كثير من مشاهد أسالت الكثير من الحبر خلف الشاشة الفضية.. هذا الانتصار الغالي حرر مدرب ريال مدريد الفرنسي زين الدين زيدان من بعض الضغوط النفسية، لاسيما وقد تحقق هذا الفوز بعد هزيمتين مدويتين على ملعبه أمام قادش في المرحلة الخامسة من لاليجا، وأمام شختار الأوكراني في الجولة الأولى من دوري أبطال أوروبا ..

أظهرت مباراة كامب نو أن زيدان يجيد دائما عندما يلعب تحت الضغط، حيث بدأ في الكامب نو مركزا على كل التفاصيل الصغيرة، فعاد إلى تطويق فريقه بالتشكيلة المثالية التي أبلت البلاء الحسن أمام خصم كان يعاني هو الآخر من تقلبات في طقس أدائه.. نحن هنا في (توووفه) سنتناول الأسباب الفنية والتكتيكية التي جعلت زيدان يكسب الكلاسيكو مجددا، ويكرس عقدته في كامب نو، حين أضاف إلى ضحايا عقدته ضحية أخرى متفوقا على مدرب برشلونة الهولندي رونالد كومان في كامب نو ..

مفاجأة زيدانية

مارس زيدان خدعة تكتيكية رجحت كفة فريقه ومنحته التوازن التكتيكي المطلوب، الأمر الذي انعكس على تماسك الخطوط الثلاثة من خلال مؤازرة جماعية كان عنوانها الضغط الشرس على حامل الكرة من منتصف الملعب، ولقد لعب كريم بنزيمة أدوارا تكتيكية بالغة الأهمية، حيث كان القنطرة التي تسمح للقادمين من الخلف بتوقيع الأهداف وبالذات الهدف الأول الذي سجله فالفيردي في الدقيقة الخامسة إثر تمريرة ساحرة في العمق من بنزيمة.. دخل زيدان الكلاسيكو بطريقة 4/3/3 بتواجد ثلاثي الهجوم أسينسيو وبنزيمة وفينيسيوس جونيور وخلفهم ثلاثي وسط رأسه كاسميرو وضلعاه توني كروس وفالفيردي، في ظل تواجد رباعي الدفاع فاران والقائد راموس في العمق وناتشو وميندي على الرواقين الأيمن والأيسر تواليا ..

اعتمد الريال دائما على أسلوب الضغط العالي على وسط وهجوم برشلونة، ومن ثم الاعتماد على الكونتراتاك التي كان يبدأها الساقط إلى الخلف كريم بنزيمة، ووجد الريال في جهة ظهير برشلونة جوردي ألبا ملاذا آمنا لصناعة الفارق، كما ساهم أداء قلب دفاع برشلونة الفرنسي لانجليت الكارثي في إجبار عمق الدفاع على ارتكاب الأخطاء القاتلة..

تغييرات استراتيجية

لعبت تغييرات زيدان دورا كبيرا في الحفاظ على طراوة الفريق بدنيا، فقد تم الزج مبكرا بلوكاس فاسكيز على حساب المجهد ماتشو، واستطاع لوكاس تنشيط الجهة اليمنى كثيرا، حيث شكلت انطلاقاته إرباكا للمشهد البرشلوني القاتم، كما أحسن زيدان إخراج مهاجم الرواق الأيمن أسينسيو وإدخال الشاب المراهق رودريجو الذي منح الجهة اليمنى حيوية مباغتة أنهكت البقية الباقية من جوردي ألبا .. وما كان زيدان ليغامر باستبدال الجوكر فالفيردي لولا أن الأخير بلغ قمة الإعياء البدني والذهني، لكن هذا المتغير كان ذا فائدة كبيرة للريال، لأن البديل الكرواتي المخضرم لوكا مودريتش وضع بصمته الشخصية على الكلاسيكو في توقيت مثالي، هذا لأنه سجل هدف الأمان (الثالث) بحنكة وخبرة ودقة من يدخل الكرة في سم الإبرة..

راموس الحاسم

من الناحية البدنية لم يكن سيرجيو راموس مرشحا للعب المباراة حتى النهاية، لكن زيدان كان مصرا على بقائه حتى النهاية رغم أنه بدأ يتأرجح على المستوى البدني، لأنه يرى أن الفريق يستمد روحه وحماسه من قتالية راموس الذي تدخل كثيرا في أوقات حاسمة، لم يعط راموس الصلابة الدفاعية للريال فحسب، لكنه أيضا كان الرقم الصعب في الكلاسيكو، لأنه هو من حسم الموقف في الشوط الثاني عندما أجبر لانجليت على ارتكاب خطأ ساذج بحقه، استدعى تدخل (الفار) الذي منح الريال ركلة جزاء لا غبار عليها، حولها المتخصص راموس إلى هدف ثان أفقد لاعبي برشلونة توازنهم تماما ..

كومان .. شاكلة غريبة

بصورة مفاجئة لم تخطر على بال أي رجل فني بدل رونالد كومان منظومة برشلونة التكتيكية من خلال الاعتماد على الصغير أنسو فاتي في مركز المهاجم الكلي، ومن خلفه ليونيل ميسي، في حين وضع البرازيلي كوتينيو على الجهة اليسرى وبيدري على الجهة اليمنى، ووضع سيرجيو بوكسيتس وفرانكي دي يونج في محوري الوسط، مع الاحتفاظ برباعي الخط الخلفي بيكيه ولانجليت في العمق وديست وآلبا على الرواقين الأيمن والأيسر تواليا ..

هذا التوزيع التكتيكي أضاع على برشلونة كل التوازن في جميع الخطوط، وبدا ميسي بلا حيلة وبلا تأثير طوال المباراة عدا محاولة واحدة كان لها حارس الريال كورتوا بالمرصاد ..لم يحسن كومان استخدام أوراقه لتنشيط الفريق من خلال تغيير الصيغة التكتيكية للفريق، فكان أن ظهر متخبطا لا يقوى على رد الفعل والسيطرة على فريقه ، والدليل على تخبط كومان أنه أجرى ثلاثة تبديلات دفعة واحدة لكن بعد فوات الأوان .. لم يظهر البدلاء ترينكاو وديمبلي وبرايثوايت وأنطوان جريزمان بأي تأثير، على العكس أفرغت هذه التعديلات العشوائية وسط برشلونة من محتواه، فكان في وسع الريال تسجيل المزيد من الأهداف لولا أن مهاجمي الريال تحلوا بنوع من القناعة ..

سلبية ميسي

لم يكن القائد ليونيل ميسي مؤثرا في كل مراحل المباراة، وخسر الكثير من الصراعات مع كاسيميرو ، ولم يستطع المرور أو تقديم كرة واحدة لفك شيفرة دفاع ووسط ريال مدريد، ربما كان هذا هو أسوأ كلاسيكو لميسي على الإطلاق، فقد كان عصبيا نال كارت أصفر وكان وجوده كعدمه تماما، وما قدمه ميسي من أداء باهت يضعنا أمام سؤال مفادهذ: هل تلاشى تأثير وسحر ميسي بحكم تقدمه في السن..؟ أم أن الأرجنتيني يتعمد هذه السلبية للانتقام من رئيس نادي برشلونة الذي لم يصغ إليه ولم يخضع لتوسلاته بإلابقاء على صديقه لويس سواريز ..؟

بوسكيتس ..الكارثي

خسر برشلونة الكثير من المناورات الفنية والتكتيكية في وسط الملعب، ومع مرور الوقت هيمن وسط ملعب الريال على وسط ملعب برشلونة العقيم، ولعل محور الارتكاز سيرجيو بوسكيتس ساهم كثيرا في تصدع عمق الوسط، فقد كان هذا اللاعب نقطة ضعف واضحة تجسدت من خلال الرعونة في التمرير والتدخلات الخاطئة التي غلب عليها الانفعال، كما كان بطيئا جدا في عملية الارتداد، وكان أبرز خطأ كارثي لبوسكيتس توقفه عن الضغط على فالفيردي في لقطة الهدف الأول .. الغريب في الأمر أن رونالد كومان لم يفطن للأداء التائه والكارثي لرمانة ميزان الوسط إلا في آخر عشر دقائق من المباراة، وعندما لجأ إلى تغييره لم يكن هناك وقت كاف لإصلاح العمق، ولاشك أيضا أن شريك بوسكيتس الهولندي الشاب فرانكي دي يونج كان سيئا لأنه خسر الكثير من المعارك مع فالفيردي وكروس وكاسيميرو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى