هل حان الوقت أن تخضع الزعامة أمام محمد صلاح؟

كتبت- ترياء البنا

جاء من بعيد، من بلد يتنفس شعبه كرة القدم، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية لا ترضيه، فكرة القدم في مصر هوس مجتمعي، وهي إحقاقا للحق بلاد المواهب، ليس فقط في كرة القدم، ولكن في شتى المجالات، وإن كان الحديث هنا يخص كرة القدم فمصر على مر التاريخ جادت بالعظماء، أمثال، حسين حجازي أول محترف مصري بالبريميرليج، والذي لعب عام 1911 لناديي دلويتش هامليت، وفولهام، ولكن ظروف الحرب العالمية الأولى حالت دون استكمال تلك المسيرة، وعبدالرحمن فوزي هداف مصر بكأس العالم إيطاليا 1934(هدفان).

كذلك، محمد لطيف، رفعت الفناجيلي، علي أبو جريشة، حنفي بسطان، حسن الشاذلي، حسن شحاتة، محمود الخطيب، حمادة عبداللطيف، طاهر أبوزيد، رضا عبدالعال، حسام حسن، محمد أبوتريكة، محمد زيدان، أحمد حسام ميدو، وقد تمتد قائمة الموهوبين إلى أفق بعيد.

ومن تلك البقعة التي باركها الله، وخصها بالذكر في كتابه العزيز، بزغ نجم فريد متفرد، خرج من بيئة ريفية، تفتقر للكثير من مقومات الحياة الحديثة، فلم يلتحق بالتعليم الجامعي، ولكنه امتلك إرادة فولاذية، دفعته لاستثمار عشقه لكرة القدم، والذي أوصله حينها للعب بالدوري المصري 2006، من بوابة المقاولون العرب، إنه” مو صلاح” كما يحلو لعشاق الريدز تسميته، محمد صلاح وكما يقال: وتشاء أنت من الأماني نجمة ويشاء الله أن يناولك القمر، كان طموح النجم المصري الانضمام لأحد قطبي الكرة المصرية، وبالفعل كان قاب قوسين أو أدنى من الالتحاق بالزمالك، قبل أن يوئد ممدوح عباس رئيس النادي ذاك الطموح، ويذرف صلاح الدموع لتلك الخسارة التي مني بها، ولكنها منح الله التي تخبئها المحن.

خرج الفرعون من المقاولون إلى بازل، تشيلسي، فيورنتينا، روما، ثم ليفربول، والذي بدأ معه المسيرة 2013، ولكن الماكينة التهديفية لصاحب ال29 عاما بدأت موسم 2017/2018، ب 32 هدفا، وفي 2018/2019، سجل 22 هدفا، وموسم 2019/2020، 19 هدفا، وموسم 2020/2021، 22 هدفا، كما أصبح أسرع خامس لاعب يصل إلى الهدف 100 في تاريخ البرييميرليج، من خلال 162 مباراة، كما سجل اسمه بالذهب الهداف التاريخي للريدز في دوري الأبطال، بـ 31 هدفا في 48 مباراة فقط.

ويستمر صلاح المتوهج هذا الموسم في رسم البسمة على وجوه عشاق الكرة في كل مكان، وليس فقط مشجعي ليفربول، حيث يمتعنا من لقاء لآخر، ويبهرنا بالتسجيل والمهارة وحتى الأسيست الذي يتقنه إتقان التهديف، ليتعملق في حضرة النجوم، ليس هذا فقط، بل ويتفوق عليهم، أمثال سواريز ونجوم أتليتكو مدريد حين سجل الفوز عليهم في عقر دارهم بدوري الأبطال، وأمام الدون كريستيانو رونالدو في الأولد ترافورد، معقل المان يونايتد، حين سجل هاتريك تاريخيا.

يزداد صلاح توهجا يوما بعد يوم، ومباراة تلو مباراة، في الوقت الذي يأفل فيه نجما ميسي ورونالدو، اللذين هيمنا على جائزة الكرة الذهبية لسنوات، خاصة بعدما ترك كل منهما المركز الذي كان يمنحه القوة ويضعه في مقدمة القائمة، ولمن لا يتبصر أذكره بأن هذا الوهج لصلاح لم يكن وليد اللحظة، فهو لم يطف على السطح فجأة، صلاح هو أفضل لاعب صاعد بأفريقيا 2012، أفضل لاعب بالدوري السويسري 2013، هداف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2014، لاعب الموسم في روما 2015/2016، أفضل لاعب عربي من غلوب سوكر 2016، وحقق جائزة الأسد الذهبي لأفضل لاعب في أفريقيا 2017، وجائزة بي بي سي لأفضل لاعب أفريقي 2017، 2018، وأفضل لاعب أفريقي 2017 و2018، والحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي 2017/2018، 2018/2019، وجائزة أونز الذهبية 2017/2018، جائزة لاعب العام من اتحاد مشجعي كرة القدم 2018، جائزة بوشكاش 2018، جائزة فيفا لأفضل لاعب 2018، وحقق الدوري الإنجليزي، ودوري السوبر السويسري، ودوري أبطال أوروبا، كأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، وكان السبب الرئيسي في تأهل مصر لمونديال روسيا 2018، وثالث هدافي مصر عبر التاربخ خلف حسام حسن، وحسن الشاذلي، وغيرها من الأرقام القياسية التي حققها الملك المصري بشكل مستمر في الدوري الإنجليزي ولازال يحققها.

حقا، في بلاد الألمان، هناك رجل آخر يسطر تاريخا ومجدا يستحقه، روبرت ليفاندوفسكي، صاحب الـ33 عاما، الذي يزداد تألقا كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقه، ويتعملق ويسجل محطما الأرقام القياسية هو الآخر، ممنيا النفس بالتربع على العرش الكروي، وهو حق مشروع له.

في السابق، كانت الكرة الذهبية تمنح وفق معايير بعيدة كل البعد عن الكرة، ربما أخذت اتجاها تسويقيا واستثماريا بشكل أكبر، ولكن لوكا مودريتش حطم هذا التابو بحصوله على الجائزة، وهو ما يدعونا للتفاؤل بإمكانية حصد الفرعون المصري للجائزة التي يستحقها هو فقط الآن وعن جدارة، فهو لم يمتع مشجعي الريدز فقط، بل أبهر متابعي ومحبي الكرة على مستوى العالم، معلنا عن حق العرب في تحطيم الهيمنة الأجنبية على كرة القدم.

ختاما.. حين نقول إن محمد صلاح يستحق الزعامة، فهو يستحقها بالأرقام وليس بالعواطف، ومن لا يستطيع أن يرى ذلك فتلك مشكلته الخاصة، وأدعوه للبحث في تاريخ صلاح جيدا، ليدرك قيمة النجم الذي أصبح خير سفير للعرب والمسلمين في أوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى