عودة الروح

كتبت- ترياء البنا

لم تعد كرة القدم مجرد لعبة، فإلى جانب أنها أصبحت استثمارا وعاملا مؤثرا جدا في اقتصاديات معظم الدول، هي أيضا مصدر للحزن والحسرة وقت الخسارة، (لا أعتقد أن هناك عربيا واحدا لم يتأثر بدموع لاعب سوريا عقب الخروج من البطولة، وعدم استطاعته الرد على المذيع حين سأله ماذا يقول بعد الخسارة والخروج من الدور الأول)، وكذلك السعادة والفرحة،عقب الفوز، خاصة حين يتعلق الأمر بالمنتخبات الوطنية.

بالأمس أسعدنا الأحمر العماني، بعد فترة اهتزت بها الثقة في قدرة الفريق على الذهاب بعيدا بالاستحقاقات التي يشارك فيها، وعلى رأسها التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لمونديال قطر 2022، وحلوله بالمركز الرابع بمجموعته خلف السعودية وأستراليا واليابان، والبداية غير المقنعة بكأس العرب بتعادل إيجابي أمام العراق 1/1، افتقد أيضا الأداء الجيد، ثم خسارة من المنتخب القطري 1/2، وما زاد من غياب الثقة، إصرار الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش المدير الفني للأحمر على طريقة لعبه التي لم تثمر شيئا بتصفيات كأس العالم، وهو ما أوحى لنا بالجمود التكتيكي لديه، وأنه لا فائدة مرجوة بهذا الشكل، خاصة أنه أصبح يعلق على الأمر بالأخطاء التحكيمية والحظ، وهذا ما ينذر بقلة الحيلة.

وعلى عكس المتوقع، انتفض المنتخب العماني، حين تحرر من التمسك باستراتيجية لا تسمن من جوع، شاهدنا بالأمس فريقا متكاملا متماسكا في كل الخطوط، منحه تبادل اللعب على الأجنحة والاختراق بنقل سريع للكرة بفضل تمريرات خالد الهاجري، والمنذر العلوي وأرشد العلوي الذي يستحق بجدارة جائزة رجل المباراة، وروعة التمركز والتغطية في خط الظهر، وكذلك خط الدفاع المتقدم، بقيادة حارب السعدي، الجندي المجهول في وسط الملعب، والأهم الظهيرين( أمجد الحارثي، أحمد الكعبي) اللذين قطعا الماء والهواء عن لاعبي الأحمر البحريني، التفوق خلال الـ90 دقيقة كاملة، ليشهد استاد أحمد بن علي على عودة قوية لرجال الأحمر الذين نجحوا في استغلال الفرصة الأخيرة بالبطولة العربية، وحققوا ما يليق بالكرة العمانية لتكون وسط الثمانية الكبار.

أثبت لاعبو الأحمر أنهم قادرون على إسعاد الجماهير العمانية التي كانت، وكما بدا، متعطشة لفرحة رياضية غابت عن الكرة العمانية منذ الفوز الأول والتاريخي في افتتاح التصفيات المونديالية أمام اليابان في أوساكا.

بهذا الفوز والتأهل للدور الثاني رفع المنتخب سقف توقعاتنا وطموحنا في تخطي عقبة نسور قرطاج الجمعة القادمة، بالاستاد المونديالي( المدينة التعليمية)، خاصة أن فوز سوريا على تونس في دور المجموعات بهدفين نظيفين سيعطينا دفعة قوية بأننا قادرون على العبور لنصف النهائي.

على برانكو إيفانكوفيتش أولا أن يضع البديل المناسب للقيام بدور أمجد الحارثي الذي سيغيب عن المواجهة لحصوله على الإنذار الثاني بالدور الأول، وعليه أيضا أن يدرس المنتخب التونسي جيدا، الذي يعتمد على مفاتيح لعب محددة في خطي الوسط والهجوم، كما أن هجومه هو أقوى خطوطه، فإذا استطاع تحجيم هذه العناصر ستؤول السيطرة للأحمر، ويحقق الفوز والتأهل ليمنح الجماهير العمانية فرحة أخرى تستحقها، وتزيد الثقة في رجال المنتخب الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى