رياضتنا.. واقع مفزع

كتب- سالم ربيع الغيلاني

لا جديد يذكر ولا قديم يعاد؛ فأن يفقد منتخب القدم فرصه التنافسية لبلوغ مونديال قطر، وأن يخرج أحمر اليد خالي الوفاض من البطولة الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، فهذا أمر متوقع؛ فهي ليست المرة الأولى إنها التكرار الطبيعي والنتيجة المنطقية لوضع رياضتنا؛ لأنه ببساطة كي تتغير النتائج لا بد من تغير الظروف، وكما يرى ويعرف المطلعون وغير المطلعين أنَّ قطاعنا الرياضي يسير على ذات الوتيرة وفي نفس الاتجاه دون أن يحيد عن ذلك قيد أنملة، وبينما يعيش العالم عصر سرعة الضوء والصوت حيث يحمل كل جزء من الثانية تغييرات هائلة يعيش قطاعنا الرياضي عصر النبي نوح -عليه السلام- حيث تمتد أعمار البشر لمئات السنين.

قطاعنا الرياضي بكل حسرة وأسف شديد يعيش تكرار منهك للأفكار والرؤى والوجوه؛ فأي تغيير ننتظر في ظل وضع كهذا؟ ماذا ننتظر ممن ينجر الحجر ويحرث الخشب؟

عند الحديث عن رياضة السلطنة يتبادر للأذهان سؤال، لماذا أغلب ميدالياتنا القارية إذا ما استثنينا منتخبات ناشئي القدم -التي لها ما لها وعليها ما عليها- كلها فردية، أو مرتبطة ببطولات فرعية كالشواطئ؟ لماذا دوما الفرد لدينا يتفوق على الجماعة؟ ما سر التفوق الفردي على الجماعي لدينا؟ الإجابة على هذين السؤالين -كما يرى البعض- هي أنَّ الفرد يستند بشكل كبير في إدارته لتنمية قدراته وتطويرها على نفسه وأسرته، كما تحركه رؤى أكثر تحررًا وواقعية من تلك التي يمسي ويصبح عليها إداريو اتحاداتنا ولجاننا الرياضية؛ فهو يحلم لنفسه ولوطنه ويوازن بين ما يريد وما يستطيع، على عكس الرياضات الجماعية التي تكون محكومة بشكل كبير بالقرارات والرؤى الإدارية وتتأثر بها كثيرًا.

تعيش رياضتنا واقع معادلة مفزعة، وهي أنه كلما كان النجاح حليف جماعة أو شخص ما في إدارة القطاع الرياضي كلما كان المقابل الإقصاء والتهميش والمحاربة؛ فهنا في رياضتنا رغم أنَ الجميع ينشد النجاح والتفوق ويرغب فيه؛ إلا أنَّهم يمقتون في المقابل محققيه؛ لذلك يعمر لدينا قليلو الكفاءة ومغلِّبو المصلحة الخاصة على العامة ويستنسخون أنفسهم مرارًا وتكرارًا في هذا القطاع؛ ولذلك كلما تقدمت رياضتنا خطوة عدنا بسبب هؤلاء خطوات أخرى للخلف.

لكي تنهض رياضتنا كما نهضت العديد من القطاعات داخل السلطنة فإنَّها بحاجة ماسة لثورة تغيير حقيقية على المستويات كافة، فلا بد من إيقاف هدر الكفاءات واستنزاف قدرتها على التحمل والصبر على غلبة المحسوبية والأفكار الرجعية التي تنخر في رياضتنا وتوهن أركانها، لابد من تمكين هذه الفئة؛ لأنها عماد أي نجاح ووسيلة كل تفوق.

الحلول الترقيعيَّة لم تعد مجدية بعد الآن، وحده الهدم وإعادة البناء ما يتطلبه الوضع الراهن، وهو ما يأمله الجميع في ظل التغييرات التي شهدتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب المؤسسة الرياضية الأم، والتي نتمنى أن تنعكس بشكل إيجابي على القطاع الرياضي في السلطنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى