من وحي خليجي البصرة: هذه العقلية هي نكبة الكرة اليمنية

كتب: محمد بن عبدات

أعتقد أن الكل يتفق معي في أن ما قدمه المنتخب اليمني في خليجي 25، كان شيئا يفوق الواقع المحيط به بمسافات كبيرة، صحيح أنه خسر جميع مبارياته لكنه كان حاضرا ومقارعا وقدم مستويات لفتت أنظار كل المهتمين والمتابعين وعشاق وجماهير كرة القدم ..

لهذا السؤال الذي يطرح نفسه لماذا ونحن نملك كل هذا الإبداع والمواهب الفطرية لا نحقق الانتصار ودائما نتلقى الهزائم على مستوى المنتخب الأول في ظل وجود عناصر بمقدورها صنع الفارق وهذا ما شاهده الجميع هذه الأيام في ملاعب البصرة؟!

الجواب بالمختصر وكما تدركه كل الأجيال التي مرت على شاكلة المنتخب في العقود الأخيرة يتلخص في سوء إدارة دفة هذا المنتخب ودعمه، خاصة وأن في العالم أجمع يكون المنتخب الأول هو واجهة الرياضة في أي بلد، وبالتالي يتم تسخير كل الدعم والإسناد له حتى يصل إلى أعلى مراحل الاستعداد الفني والبدني والنفسي ومعهما الحضور الذهني ليقدم كل ما عنده ويفجر معها طاقات إبداع لاعبيه..

لكن الذي يحصل من القائمين على كرة القدم اليمنية شيء لا يمت للعقلية الرياضية بصلة، وسبق أن تكلمنا مرارا حول ذلك ولكن لا نجد من يستوعب في ظل فاقد الشيء، وفاقد الشي بطبيعة الحال لا يعطيه .. تخيلوا معي وأنا أخاطب هنا ليس المسؤوليين في بلادنا فحسب، وإنما كل الإخوان العرب الذين يستغربون في ظل هكذا ظروف، نأتي ونظهر بهكذا صورة طيبة، ويتساءلون لماذا لا يكون هناك دعم واهتمام حتى لا يخرج المنتخب من أي بطولة بصورة مؤثرة بعد عطاء وحماس وتفرد مواهب لاعبيه..

نقول لهم إن الذي حاصل هو إننا نملك مسؤولين على كرتنا لا يفقهون كيف تدار الأمور من أجل الارتقاء والنهوض .. ولا يستغلون وفرة هذه المواهب الكروية التي يتمناها أي بلد.

تخيلوا معي واحكموا على هذه العقلية، حين تأهل المنتخب اليمني لكأس آسيا في الإمارات 2019 بعد غياب أكثر من 40 عاما لم يهتم بذلك الإنجاز ولم يقدم لأفراد المنتخب حوافز مشجعة كما يجب، ولم يقدم لهم الدعم المعنوي وخذلهم الجميع بالرغم من تحقيقهم أهم إنجاز حققته الكرة اليمنية في السنوات الأخيرة.

ولكن حين تأهل منتخب الناشئين اليمني لنهائيات كأس آسيا على حساب بنجلاديش وبوتان! قبلها بعام أو عامين فقط عملوا لهذا المنتخب ما عمله المغاربة حين وصل منتخبهم لنصف نهائي كأس العالم، فقد قدم رئيس الاتحاد لكل لاعب الآف الدولارات، وسخر لهم طائرة خاصة نقلتهم من عمان إلى مطار عدن، واستقبلوا استقبالا رسميا لا مثيل له، ورتب لهم بحكم علاقته بالدولة والتجار احتفالات رسمية ودعما ماديا كبيرا، وطاف بهم كل محافظات البلاد، في حين أن المنتخب الأول الذي يحتاج للاهتمام والدعم وهو واجهة رياضة أي بلد مثلما أشرنا لم يتحصل حتى على جزء بسيط مما حصل عليه منتخب الناشئين من الحفاوة والدعم، وهو الذي تأهل لكأس آسيا للكبار التي يتابعها العالم ويهتم بها الإعلام ويصنف من خلالها المنتخبات فيما الناشئين ذهبوا لكأس آسيا للناشئين التي لا يتابعها أو يهتم بها أحد بصورة تقارن بكأس الأمم الآسيوية..

أليس ذلك الأمر غريبا وعجيبا ويحبط دون شك نفسيا ومعنويا همم ودوافع أي لاعب في شاكلة المنتخب اليمني الأول؟!

تخيلوا معي أيضا حين يفوز منتخب الناشئين في مباراة في تصفيات آسيا أو بطولة غربها يمنح رئيس الاتحاد كل عضو في البعثة من لاعبين وجهاز فني وغيرهم مبالغ طيبة بعملة الدولار، أما إذا تأهلوا حدث ولاحرج مثل ما أشرنا .. لكن حين تفوق المنتخب الأول في غرب آسيا في العراق على لبنان وتعادل مع سوريا وبعدها هزم فلسطين وتعادل مع السعودية في تصفيات آسيا المزدوجة لم يقدم لهم حافز يقارن بجزء بسيط مما قدم للناشئين.

وبالأمس وصل المنتخب للمشاركة في خليجي البصرة فتم منح الإعلاميين والمرافقين الذين استدعاهم اتحاد الكرة مبالغهم بالدولار مقدما، في حين أعلن عن صرف خمسمائة دولار فقط لكل لاعب عقب إحدى المباريات لا ندري سلمت لهم لحد اللحظة أم لا.

كيف تريدوننا ننهض ولدينا هكذا فكر أعوج وأناس لا تفهم متطلبات العمل الرياضي، لا تقولوا نمر بظروف وحرب ووو…، هذه أسطوانة معروفة تظهر عند كل سقوط، فالعراق أخذ كأس آسيا في ظروف أصعب..

لهذا منتخبنا لا يحتاج سوى إعدادًا مبكرًا واهتماما ودعما واختيارات أجهزة فنية وإدارية بعيدا عن المجاملات والمحاصصة الحزبية والمناطقية، ونعطي لمن يملك القدرة والكفاءة والفهم إدارة الأمور ..أما غير ذلك واستمرار العقلية المشار لها سنظل نعاني ونعاني ولن نفوق من سبات هذه الفوضى والتخبط وستظل الكرة اليمنية في أدنى سلم درجات الحضور إقليميًا وعربيا وقاريا.. وسلامتكم ياعرب.

  • كاتب وناقد رياضي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى