تحليل- محمد عصام
في عام 1950، تمت دعوة الهند لمشاركة منتخبها في كأس العالم المقامة بالبرازيل؛ وتم رفض الدعوة حينها من قبل الاتحاد الهندي، مع ولادة إشاعة قوية مع هذا الرفض نصت على أنه كانت هنالك رغبة من المنتخب الهندي في المشاركة بدون أحذية رياضية؛ لكن في الحقيقة أن الهند لم تكن تهتم حينها بكأس العالم، وتكتفي بالأولمبياد.
أما في عالم اليوم، يأتي تطوير كرة القدم في مقدمة أولويات الهند؛ فنشاهد فريقاً يخرج من دور المجموعات بكأس آسيا بركلة جزاء في الثواني الأخيرة أمام البحرين؛ ويملك بين صفوفه هدافاً يتفوق في سجله الدولي على “ليونيل ميسي” وهو “سونيل تشيتري”؛ وتحت قيادة قلب الدفاع الكرواتي سابقاً “إيجور ستيماتش”، واحد من جيل كرواتيا 98 الشهير.
لذلك لم تكن المواجهة التي كان منتخب الخناجر العمانية بصددها سهلة؛ وخاصة على أرض الخصم في ستاد أنديرا غاندي؛ بل لربما تكون أهم مواجهة في هذه المجموعة من التصفيات المشتركة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023.
دخل إيروين كومان بتشكيلة 4-2-3-1، باعتماد رباعي دفاعي مكون من سعد سهيل، علي البوسعيدي على الأطراف، بينهما الثنائي محمد المسلمي وعبد العزيز الغيلاني، مع ثنائي المحور أحمد مبارك وحارب السعدي، خلف رباعي الهجوم صلاح اليحيائي، رائد إبراهيم، المنذر العلوي، ومهاجم المقدمة عبد العزيز المقبالي.
واجه ستيماتش هذا المد الأحمر بتشكيلة 4-4-2 التقليدية، خطان متوازيان من رباعي الدفاع، ورباعي الوسط، مع شراكة ثنائي المقدمة محمد آشيق كورونيان المتحرك لخلق الفراغات للمميز والأخطر “سونيل تشيتري”.
بدت المقدمات مرتبكة بعض الشيء من حامل لقب خليجي 19؛ المنتخب العماني وكأنه فوجئ بثقة منتخب الهند، وقدرته على تناقل الكرات، مع سرعة واضحة في التحولات من الأطراف عبر براندون فيرنانديز، وأودانتا سينغ.
تعقدت الأمور بأظهرة هندية لا تتقدم، وثنائي أطراف لا يكف عن المساندة الدفاعية، مع شراكة هجومية لم تتوقف عن الضغط على محمد المسلمي، وصاحب الظهور الدولي الأول عبد العزيز الغيلاني.
استغل النمور الزرقاء غفلة في الدفاع العماني، وسجلوا هدف التقدم عبر “سونيل شيتري”، ومَن غيره!.
اكتسب السلاطين بعض الثقة بمرور الدقائق، وجاءت أخطر فرصة نحو نهاية الفترة الأولى، لكن أمام اللاعب الأقل حظا في التسجيل “أحمد مبارك”؛ لتنتهي أحداث الشوط الأول بتقدم الهنود بهدف نظيف.
مباشرة، أجرى كومان تبديلاً بين شوطي اللقاء، بدخول محسن الغساني بدلاً من رائد إبراهيم، ووضع المزيد من الضغط على قلبي دفاع الهند سانديش وعادل خان.
فتحت عمان الملعب عرضياً باليحيائي يميناً، والبوسعيدي يساراً، مع نزول المنذر العلوي للاستلام من مناطق أكثر انخفاضاً، وتحركات مستمرة من عبد العزيز المقبالي بين الأطراف.
لكن ظلت هناك حلقة هجومية مفقودة، بتواجد ثنائي الارتكاز مبارك وحارب السعدي على خط واحد، وبأدوار متشابهة، لذلك كان من الأولَى على الأرجح الإبقاء على رائد إبراهيم والاكتفاء بأحدهما.
بمرور الدقائق، وضع كومان المزيد من الضغط والكثافة في مناطق الهند، بنزول محمد الغافري، لتكوين خطر ثلاثي على مرمى أحفاد غاندي.
تجمد رصيد تسديدات الهند عند أربع تسديدات منذ نهاية الشوط الأول، بينما استمر المنتخب العماني في شن الغارات الهجومية واحدة تلو الأخرى بدون نجاح؛ نظراً للتألق الكبير للحارس جوربريت سينغ.
وصل كومان متأخراً، ولكن خير من أن لا يصل، ووضع التغيير المحوري بنزول محسن جوهر بدلاً من حارب السعدي في الدقيقة الثمانين؛ اللاعب المفقود في تشكيلة المنتخب العماني بالأمس، وصانع اللعب المتأخر القادر على منح حرية الهجوم لزملائه.
لم يلبث أن وضع بصمته بعد نزوله بأقل من دقيقتين، حين قدم تمريرة حريرية عابرة للخطوط جاءت بالتعادل العادل عبر المنذر العلوي.
المنذر العلوي ومن أقدام الجوهر بدأ تسلسل تمريرات الهدف الثاني، حين قدم تمريرة إلى البوسعيدي، الذي أرسلها بدوره نحو المنذر العلوي مسجلاً الهدف الثاني في الدقيقة الآخيرة؛ وناصباً نفسه “عريساً” للأمسية.
ثلاث نقاط غالية في مجموعة تضم منتخب قطر الأقرب للصدارة، مع بنجلاديش وأفغانستان، وربما نتذكر مستقبلاً هدفي المنذر كنقطة الانطلاق التي دشنت مشوار التأهل نحو كأس آسيا وكأس العالم إن شاء الله.