تحليل – محمد يوسف
تحليل أداء الفرق من خلال الإحصاءات التي تأتي من أرض الملعب هو أمر يسير بشكل منتظم مع مرور الوقت. أصبحت المتغيرات، مثل الاستحواذ على الكرة، والوقت الذي يستغرقه اللاعب لتمرير الكرة، ودقة التمرير، ونسب الفعالية في مناطق مختلفة من أرض الملعب، والعلاقة بين الاستحواذ والخطوات الهجومية أو الدفاعية، والكثير غيرها، تستخدم بصورة أكثر بغرض تطوير أساليب اللعب، ووضع استراتيجيات تكتيكية، أو حتى في عملية تطوير اللاعبين وتدريباتهم اليومية.
الإنجليز من أكثر المعجبين بالإحصائيات، وكانوا رواد في استخدامها في كرة القدم. وسوف نتحدث في هذه الحلقة عن منطقة مهمة من مناطق الملعب، اكتشفها الإنجليز في ليفربول وبالتحديد في جامعة جون مورز، وهي منطقة مفضلة لإنتاج هجمات خطرة ضد دفاعات المنافس، وأطلقوا عليها المنطقة 14 أو “المربع الذهبي”.
أين تقع المنطقة 14؟
يفضل بعض المدربين، أمثال لويس فان جال، تقسيم الملعب إلى شبكة من المستطيلات، ستة بطول الملعب في ثلاثة بالعرض، بحيث يتم تقسيمه في النهاية إلى 18 منطقة. وعادة ما يكون المستطيل المركزي أوسع قليلاً من الجانبين، وهي تعرف بطريقة تقسيم 6X3.
وعند تقسيم الملعب بهذه الطريقة، سنجد 18 مستطيل داخل الملعب، ومع إعطاء رقم لكل مستطيل بداية من مرمى الفريق حتى مرمى المنافس، سنصل إلى المنطقة 14 (Zone 14)، وهي المستطيل الذي يقع مباشرة خارج منطقة جزاء الخصم ويحمل رقم 14.
ما هي أهمية المنطقة 14؟
اهتم العديد من الباحثين في كرة القدم بالمنطقة 14، وكل منهم، وبطريقته الخاصة، قام بتعريفها وفقًا لمعاييره. فبالنسبة للبعض كانت مساحة التميز لخط الوسط الهجومي للفريق، حيث كانت المساحة التي أمضى فيها لاعبون أمثال تشافي وإنيستا وزيدان وقتهم في المباراة، وهي أحد العوامل الرئيسية لتحليل فعالية هجمات الفريق.
أما بالنسبة للبعض الآخر، فهي المنطقة التي تختتم فيها الفرق تمريراتها المتعددة في أماكن مختلفة من الميدان قبل تحويل تلك التمريرات إلى هدف، وهي المنطقة التي تأتي منها معظم صناعة الأهداف.
وفي عام 2000، طور الباحث توم رايلي، من معهد البحوث لكرة القدم وعلوم التدريب، نظرية المنطقة 14، ونصح المهاجمين بمغادرة منقطة الجزاء، حيث يتمركزوا في العادة، إلى المنطقة 14. وهو ما يخلق مساحة بينما يسحبون معهم الرقابة الدفاعية، قبل أن يمرروا الكرة إلى اللاعبين المندفعين إلى المساحة الفارغة. وقد اتبع العديد من المدربين هذه النصيحة بالفعل، وبدأوا التدرب على استغلال هذه المنطقة، وتركوا التدريب المعتاد على التمرير داخل منطقة الجزاء.
ومن الأمثلة الواضحة على تطبيق هذه القاعدة كان المنتخب الفرنسي في بطولة يورو 2000، والذي توج بطلاً للمسابقة حينها، مستفيداً من 81.3% من التمريرات الحاسمة من داخل المنطقة 14، مما يظهر أسلوب الهجوم المباشر، مع الاستفادة الهائلة لتلك المنطقة الوسطى من ملعب الخصم.
استخدام المنطقة 14
تشير الإحصاءات إلى أن احتمال تسجيل الفريق للهدف يرتفع إلى أكثر من 4 مرات عندما يلعب الكرة من المنطقة 14 نحو منطقة الجزاء بدلاً من الأطراف. وتزداد هذه الإحصائية أكثر عندما يستلم الكرة لاعب موهوب، والذي يمرر عموديًا باتجاه المهاجم الصريح، أو يراوغ ويدخل إلى منطقة الجزاء باتجاه مرمى المنافس. حيث تصبح المنطقة 14 فعالة للغاية عندما يقوم الفريق بتحرك عمودي سواء بالكرة أو بدونها.
على سبيل المثال، فريق بارسا جوارديولا لم يكن قائم في الأساس على اللعب العمودي، حيث كان يعتمد غالباً على الاستحواذ والتمركز وحركة الكرة باستمرار حتى يجد الثغرة التي يمكن أن يمرر منها تشافي أو إنيستا. وجاءت العديد من أهدافهم من تمريرات لعبها الثنائي من المنطقة 14، كما أن ميسي نفسه، كان يبدأ من الجانب الأيمن، ثم يركض بشكل قطري بالكرة ويدخل سريعًا المنطقة 14، إما ليراوغ أو يسدد على المرمى.
تزداد أهمية المنطقة 14 في كرة القدم الحديثة أكثر وأكثر، واكتشاف متى وكيف ومن يجب أن يتمركز هناك قد يكون عاملاً أساسياً عند وضع تكتيك المباراة. ومن الضروري أن يكون لديك لاعب موهوب للتحكم بالكرة في المنطقة 14، حيث أنه من الثابت إحصائياً أن اللاعبين يمتلكون الكرة هناك لمدة 2.7 ثانية تقريباً، لذلك يجب أن يكونوا سريعين من الناحية العقلية لقراءة ما يتطلبه الوضع سريعاً، سواءً تمريرة أو مراوغة سوف تؤدي إلى تسديدة على المرمى. كما أن التمريرات العمودية ستكون مهمة، وكذلك استخدام انطلاقات الرجل الثالث من الخلف.