تشيلسي أرسنال… ثقافة البلوز تهزم التوقعات..مجدداً

تحليل- محمد عصام

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي ليلة النهائي مقطعاً للإيطالي ماوريسيو ساري يلوح بقبعته في غضب، ويخرج من الحصة الأخيرة لفريقه قبل المواجهة المرتقبة.

زعمت الصحافة أن الغضب نتيجة لخلاف بين دافيد لويز، وجونزالو هيجوايين، وفسّر ساري بأن الخلاف كان مع تطفل المصورين في تدريب الفريق.

وكأن تشيلسي يحتاج إلى المزيد من الاضطراب في معسكره، بعد خلاف ساري مع قرار النادي بالطيران إلى أمريكا، وإقامة مباراة ودية، دفع ثمنه غالياً بإصابة لوفتيس تشيك، الذي ثبّت أقدامه أساسياً مؤخراً، بعد إصابة الموهبة هودسون أودوي، وأيام من تجدد إصابة كانتي وضعت مشاركته في محل الشكوك.

ساري

على الجانب الآخر يقبع أرسنال هانئاً، ويصل باكراً للعاصمة باكو، مدفوع العزيمة بحافز أكبر، وتركيز منصب على البطولة التي ستفتح الطريق نحو العودة إلى مصاف النخبة في التشامبيونزليج.

موازين التوقعات ترجح طرفاً واضحاً على الآخر، بين من واجه مالمو، دينامو كييف، وسالفيا براج، ومن قام بإقصاء نابولي وفالنسيا في طريقه.
لكن دعني أنصحك في قادم المواعيد، حين ترى تشيلسي في هذا الموقف، تجنب الرهان ضده بأي ثمن.

الأمر لا يتعلق بتشيلسي “ساري” تحديداً، لكن بثقافة النادي في مخالفة التوقعات، وكيف عاش وازدهر بسبب مثل هذه المواجهات، حتى ترسخت في الفريق كأمر له قوة الحقيقة، مفاجأة الخصوم وتعكير صفو أيامهم بلا رحمة هو قوت البلوز في أوروبا وإنجلترا، وأعتقد أن هناك مثالاً أو مثالين قد تبادرا إلى أذهان الجميع.

ما سبق لا يعني أن أرسنال عاش أفضل أيامه أو بلا غيابات، فإصابات طويلة الأجل أمثال بيلرين وهولدينج شكلت كثيراً من أداء الفريق طوال الموسم، وإصابة رامسي حرمته من الحضور، ثم غياب مختاريان لأسباب معلومة للجميع.

المقدمة السابقة مهدت لأحداث المواجهة، شوط أول حذر يليق بنهائي قاري، وديربي لندني، اتضحت فيه معالم تفكير كل مدرب، حيث دخل أوناي إيمري بثنائي هجومي للضغط على دفاعات تشيلسي، ومن الخلف مسعود أوزيل لمحاصرة جورجينيهو، وإجبار الفريق على رمي الكرات للأظهرة الأضعف فنياً.

في حين واجه ساري تلك الخطوة المتوقعة، عن طريق الضغط على ثلاثي دفاع أرسنال بثلاثي هجوم البلوز، وتعليمات واضحة لبيدرو بالضغط على مونريال، بدلاً من إلزامه بالعودة الدفاعية مع المَنفذ الهجومي الأبرز على اليسار سياد كولاسيناك.

الضغط على كلا الدفاعين وجّه دفة المباراة نحو مبارزة الكرات الطولية، حيث سجل تشيلسي 28 كرة طولية، مقابل 33 للجانرز في الشوط الأول فقط.

بدا تشيلسي أكثر رغبة وثقة رغم ركود الأحداث، ربما يرجع ذلك إلى خلل في خطة إيمري، بتفوق جورجينهو على الضغط الخافت من “شبح” أوزيل، وتبادل المراكز بينه وبين كوفاسيتش، حتى أن الإيطالي البرازيلي صنع الفرصة الأبرز في الشوط بالتواجد على حدود منطقة الجزاء.

بدا أن الشوط الثاني يحمل المزيد من التنافسية والرغبة في المبادرة من الجانبين، ربما لبضع دقائق فقط، لأن ما حدث بعد ذلك أن أرسنال مارس هواية فقدان الاتجاهات التي يجيدها بشدة في هذه المواقف، حين سجل اللاعب السابق لأرسنال جيرو هدفاً في مرمى الحارس السابق لتشيلسي بيتر تشيك.

الدقائق القادمة شهدت نزهات متكررة للثنائي هازارد وكوفاسيتش بين خطوط الجانرز، ونسي نجولو كانتي الرباط الطبي المتواجد على ركبته اليمنى، وانضم للثنائي في تلك الغزوات التي بطشت بالدفاع الأرسنالي الثلاثيني.

ضغط مستمر من تشيلسي في نصف ملعب خصمه، أنتج الخطأ تلو الآخر، ليسجل بيدرو هدفاً ثانياً، زاد الجانرز ارتباكاً على ارتباك، فنتج عنه ركلة جزاء للبلوز بعدها مباشرة، حين وقف هازارد على تنفيذها كان هناك ناتج واحد متوقع.

أحصى إيمري خسائره، ونظر فلم يجد الأرميني مختاريان، الخيار الأبرز الذي يستخدمه في هذه المواقف، واستقر على الدفع بالثنائي أيوبي، وجوندوزي على حساب مونريال، ولوكاس توريرا الذي خرج تحت نوبة بكاء وحسرة.

سجل أيوبي هدف تقليص النتيجة، فلم يهنأ به طويلاً بعد هدف رابع في الدقيقة الثانية والسبعين، والثاني للبلجيكي إيدين هازارد.

الجانب الأسوأ من الهزيمة هو كيف ظهرت أعراضها باكراً على لاعبي أرسنال، مع بقاء عشرين دقيقة كاملة بعد الهدف الرابع، لم يبد الفريق تحت حالة استنفار، بل كان الجميع يسير وكأنه يطفو على سطح الملعب بدل من التجديف ضد التيار.

للاستسلام رائحة كريهة مهما رششت حولها من عطور، لذلك بدا إيمري في حالة يرثى لها وهو يحاول تحفيز اللاعبين، ثم يتابع تضييع لاكازيت لفرصة محققة، وتضييع البديل “ويلوك” لآخرى، ثم أوباميانج لثالثة، ربما لو امتلك الثلاثي بعض العزم لتسجيل اثنتين منهم، لتغير شكل الذي انتهت عليه المواجهة.

الشاهد من الأمر، نزف أرسنال النقاط تباعاً في أربع من آخر خمس مباريات في البريميرليج، وكان في النهاية على بعد نقطتين من التأهل للتشامبيونزليج، ليخسر مجدداً المباراة الأهم، والتي كانت تفسر تضحيته محلياً بدرجة ما، واستطاع البلوز حصد البطولة بالرغبة والفعالية، ولامس ساري المجد آخيراً بعد انتظار دام عقدين من الزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى