تحليل- أحمد نبيل
في مباراة كان عنوانها “تسلطن برشلونة” بصوت عصام الشوالي، تمكن الفريق الكتالوني من تحقيق فوز كبير بنتيجة عريضة ضد فريق ليس بالسهل، فريق جيد بالكرة وبدون الكرة، جيد في الضغط وقوي بدنيا، وفي ملعب الأنويتا الذي طالما كان عقدة للبلوجرانا.
دخل برشلونة بالتشكيلة المعروفة مؤخرًا بعد أن وجد المدرب الهولندي ضالته وتحول للرسم التكتيكي 3-4-3.
تير شتيجن في حراسة المرمى، مينجويزا ودي يونغ ولونغليه في قلب الدفاع، ديست RWB وألبا LWB، مع وجود بوسكيتس CDM والذي يتحول لCM حسب مجريات المباراة، وأمامه بخطوات بيدري، ميسي وجريزمان وديمبيلي في الهجوم.
كما هي العادة في المباريات ضد ريال سوسيداد في الأنويتا، بدأ الفريق الباسكي المباراة بالضغط من الثواني الأولى، حيث استخدم سوسيداد طريقة الضغط (man to man) على لاعبي برشلونة، في محاولة لخنقهم في منطقة دفاعهم، ودفع تير شتيجن إما لتشتيت الكرة بعيدًا وخسارتها، أو محاولة الخروج بالكرة من الخلف وارتكاب خطأ قد يساعدهم في تسجيل الهدف الأول.
وبالفعل نجح الفريق الباسكي في أولى الدقائق في إرباك برشلونة ودفع تير شتيجن لتشتيت الكرة بعيدًا لعدم توفر لاعب شاغر ليمرر الكرة له وبناء اللعب من الخلف.
الكرة تصل لديمبيلي في الأمام، الذي بدوره يفشل في استلام الكرة لتصل بعد ذلك لحارس مرمى ريال سوسيداد.
ولكن بفضل ذكاء لاعبي البارسا وكذلك قلة تركيز لاعبي ريال سوسيداد، تمكن الفريق من استعادة الكرة في معظم المرات.
في الجانب الآخر، لم يحاول ريال سوسيداد أن يحتفظ بالكرة، وأن يبني اللعب من الخلف ويمنع برشلونة من الاستحواذ، بل استمر في تشتيت الكرة عن طريق حارس المرمى ريميرو وإبعادها عن منطقتهم مما سهّل المأمورية على النادي الكتالوني.
ثم تمكن برشلونة من فرض هيمنته وأسلوبه على المباراة وكسب معركة الاستحواذ، وأصبح يمرر وينتقل من الجهة اليمنى لليسرى ومن اليسرى لليمنى في محاولة للبحث عن ثغرة للوصول لمرمى سوسيداد.
مفاتيح برشلونة في الشوط الأول كانت 4 لاعبين:
دي يونغ: الذي على الورق كان لاعب وسط ثالث بجانب بوسكيتس وبيدري، ولكنه بدأ المباراة كمحور دفاع أوسط (ليبرو)، يساعد في بناء اللعب والخروج بالكرة من الخلف تحت الضغط، كما أنه يساعد في المهام الدفاعية، ولكنه يتحول للاعب وسط بجانب بوسكيتس في الحالة الهجومية ليعطي برشلونة الزيادة العددية.
بوسكيتس: اللاعب الذي وجد نفسه مرة أخرى بعد تغيير الرسم التكتيكي، حيث كان المسؤول عن تنظيم اللعب وربط الدفاع بالوسط والخروج بالكرة من لمسة واحدة تحت الضغط، واستخدم مراوغاته لكسب بعض الثواني أو أجزاء الثواني -إن صح التعبير- ليساعد زملاءه في الهروب من الرقابة ويمرر لهم، كما رأيناه يقدم الكثير من التمريرات الكاسرة للخطوط لميسي وجريزمان.
جريزمان: اللاعب الذي يستحق لقب الجندي المجهول في برشلونة في الوقت الحالي، فبعيدًا عن مساهمته بالهدف الأول، الفرنسي كان الأفضل تكتيكيًا في المباراة، يحرث الملعب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تجده في الهجوم يخلق المساحة لميسي وديمبيلي بسحبه للمدافعين، تجده كمحور ارتكاز يدافع ويشغل المساحة والفراغ بين الوسط والدفاع، تجده كلاعب وسط هجومي يمرر تمريرات مفتاحية، تجده كظهير أيسر ليساند ألبا في الدفاع. وبالفعل حصل الفرنسي على ثالث أعلى تقييم (7.13) بعد كل من ميسي (8.59) ودي يونغ (7.16).
- ميسي: الأرجنتيني الغني عن التعريف، لعب دور صانع اللعب لبرشلونة كالعادة مع حرية تحركه، تجده في اليمين تارة وفي اليسار تارة وفي الوسط تارة أخرى ليخلق الزيادة العددية في ظل ضغط لاعبي ريال سوسيداد، ليساعد في تحرير لاعب والخروج بالكرة. قدم تمريراته المعتادة لجوردي ألبا، كما أننا أصبحنا نراه يتحول للجهة اليسرى، وكذلك بدأ تكوين تفاهم وعلاقة مع ديست الذي مرر له الكثير من الكرات، والتي جاء منها الهدف الثاني.
لقطة الهدف الأول:
هدف قد يبدو اعتياديًا للجماهير، ميسي يمرر لألبا الذي بدوره يمرر كرة عرضية لديمبيلي، يسدد الفرنسي ويتصدى الحارس، ليجد جريزمان نفسه أمام مرمى خالي، ويسجل الهدف الأول لبرشلونة.
ولكن لقطة ما قبل الهدف بثوانٍ تعبر عن استحقاق الفريق الكتالوني للهدف الذي كان نتاج عمل جماعي.
قبل تسجيل الهدف الأول، كل لاعبي برشلونة (ما عدا شتيجن) كانوا في منطقة ريال سوسيداد، بما فيهم قلوب الدفاع مينجويزا ولونغليه، 10 لاعبين في منطقة الخصم! وهذه اللقطة تظهر الضغط الهائل الذي مارسه برشلونة على سوسيداد، والذي بسببه وبعد تمريرة رائعة وكاسرة للخطوط من بوسكيتس، تمكن الفريق من تسجيل الهدف الأول.
الخلاصة أنه يمكن تقسيم موسم برشلونة الحالي إلى جزئين: برشلونة ما قبل تغيير الرسم التكتيكي ل3-4-3، وبرشلونة بعد تغيير الرسم التكتيكي، حيث ظهر الفريق بصورة مغايرة تمامًا عما كان عليه الوضع في بداية الموسم، وتحولات كومان من 4-2-3-1 ل4-3-3 ليجد ضالته في نهاية المطاف في 3-4-3. الرسم التكتيكي الذي أصلح معظم مشاكل برشلونة، والذي مكّن اللاعبين من إعادة اكتشاف أنفسهم مثل بوسكيتس وديست وألبا وجريزمان، مع ثبات مستوى دي يونغ وميسي.
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، لتكون مباراة برشلونة ضد سوسيداد في الأنويتا نقطة تحول للفريق مرة أخرى ومن جميع النواحي، سواء الأداء الجماعي أو الثقة أو المستوى الفردي للاعبين، لنرى ما ستؤول إليه الأمور في نهاية الموسم بعد عودة اللاعبين من المنتخبات ليخوضوا مباريات الحسم ضد ريال مدريد وأتليتكو مدريد.
في رأيكم، من سينجح في تحقيق لقب الدوري الإسباني هذا الموسم؟