لا جديد في برشلونة.. مدرب بدرجة موظف حكومي

 

تحليل- أحمد مختار

 

حقق برشلونة العلامة الكاملة في أول مباراتين بالليجا، وفاز بكأس السوبر على حساب إشبيلية في المغرب، مع قيام إدارته بحسم عدة صفقات نالت رضا الجمهور، كفيدال، مالكوم، لونجليه، وأرثور، مع تخلص الفريق من بعض الأسماء، مثل ياري مينا وأندريه جوميز، وغيرهم.

باختصار، يعتبر ميركاتو برشلونة الصيفي  ناجحا على الصعيد الإعلامي، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية التي شهدت انكسارات عديدة في السوق الصيفي، لكن هذا فقط على الورق، لأن الواقع مختلف بعض الشيء، خصوصا في المباريات الأخيرة، بالتحديد أمام إشبيلية وبلد الوليد.

فأجاب وهو لا يكف عن العمل، ذلك أن الأمر كما قال الشيخ الكبير، “إن المتلفت لا يصل”!. مقولة مناسبة لوصف فلسفة إرنستو فالفيردي مع برشلونة، الرجل الذي لم يخسر كثيرا في أول موسم له مع الفريق، لكنه فقد الكثير من بريقه ليلة روما الشهيرة في دوري الأبطال، حينما سقط بالثلاثة وودع البطولة من الباب الصغير.

استقبل البارسا يومها هدفا مبكرا، لعب الحظ دوره في أن يخرج متأخرا بهذا الهدف فقط بين الشوطين. واستقبل هدفا آخر، تبقى 60 دقيقة كاملة. أي عاقل وأي مجنون، كان يعرف أن برشلونة لن يجيد الدفاع بهذا الشكل، والهدف الثالث قادم لا محالة، وهذا ما حدث. كل العالم أدرك ذلك، إلا فالفيردي، لأنه متحفظ، وغير مبادر. ويبدو أن إرنستو لم يتعلم الدرس بعد، لأن الفريق عانى كثيرا بعد تقدمه في النتيجة هذا الموسم، والسبب العودة إلى الخلف دون سابق إنذار.

تقدم الكتلان قبل نهاية السوبر بدقائق قليلة، وبدلا من مواصلة الهجوم من أجل هدف ثالث، وضع فالفيردي فريقه بالخلف، ليهاجم إشبيلية ويتفنن لاعبوه في إضاعة أكثر من فرصة سهلة، مع ضربة جزاء بآخر دقيقة.

وأمام الصاعد حديثا بلد الوليد، سيطر حامل اللقب على المباراة كاملة في الشوط الأول، وسجل عن طريق ديمبلي في بداية الشوط الثاني، ليعاود المدرب عادته السيئة، بإجراء تبديلات دفاعية، وجر فريقه إلى معركة لا يفضلها نجومه، ألا وهي الدفاع من دون الكرة!

لكل فريق فلسفته الخاصة، وبرشلونة تاريخيا فريق له تقاليده، يستحوذ ويسيطر ويقدم كرة جميلة، مع مبدأ ثابت لا يتغير، الهجوم ولا شيء غيره. قد يلجأ الفريق إلى الدفاع والتحفظ في بعض المباريات، لكن تبقى الكرة هي الأساس، حتى بالاستحواذ السلبي وحرمان الخصم من بناء الهجمة، وهذا ما لم يكتشفه فالفيردي بعد، لأنه يجبر فريقه على ترك الملعب للخصوم، حتى وإن كان المنافس بلد الوليد وبلباو وخيتافي، وحتى روما أوروبيا.

لعب البارسا بشكل مميز في المباراة الأخيرة خلال أول 45 دقيقة رغم سوء حالة العشب، مع الاعتماد على رسم 4-3-3، وفتح الملعب عرضيا عن طريق ألبا يسارا وروبرتو يمينا، مع تمركز ديمبلي في وبين الخطوط، وقيام كوتينيو رفقة ميسي بمهمة صناعة اللعب، مع الحماية الكاملة من جانب راكيتتش وبوسكيتس. ونتيجة لذلك، صنع الضيوف فرص عديدة للتسجيل، حتى نجح عثمان في التقدم بعد استغلاله لعبة سواريز وروبرتو.

 

كل شيء تغير في آخر ربع ساعة، بالتحديد بعد خروج ديمبلي ودخول فيدال، وتحول برشلونة من 4-3-3 إلى 4-4-2، ليستحوذ بلد الوليد ويسيطر ويسجل هدفا غير محتسب بآخر دقيقة، لأن البارسا صار حملا وديعا، نتيجة تقدم ميسي بجوار سواريز في الأمام، ثنائي لا يجيد الضغط أو الدفاع، مع تحول كوتينيو إلى الطرف كجناح صريح، ولعب فيدال في غير مركزه، كلاعب طرفي بعيدا عن عمق الوسط، لذلك أصبح الارتكاز بمفرده، يغطي يمينا ويسارا، للخلف وإلى الأمام، مع ترك الأظهرة بمفردهم أمام هجوم أصحاب الأرض.

تؤكد أرقام المباراة أن كوتينيو لعب شوطا أول جيدا، مع اختفاء تام بالشوط الثاني، لأن البرازيلي تمركز كوسط ثالث على اليسار في المركز 8 بالبداية، ليستلم الكرة كثيرا، ويربط مع ميسي وسواريز في العمق، مع ألبا وديمبلي على الطرف، مما جعله في بؤرة الحدث كنصف لاعب وسط ونصف صانع لعب، بينما في النهايات تحول إلى عداء على الخط، يركض دفاعا وهجوما على اليسار، وهو ما لا يجيده البرازيلي، لأنه يفضل أن يكون خلف الكرة لا أمامها، بعيدا عن اللياقة ونقصها وزيادتها.

 

فيدال لم يكن المشكلة وديمبلي ليس الحل الوحيد بالتأكيد، لكن وجود عثمان داخل الملعب سواء على اليمين أو اليسار، يجبر ظهير الخصم على الوقوف للدفاع حتى وإن لم يلمس الكرة، هكذا كانت الفكرة الرئيسية لمشاركته ضد روما مبكرا، حتى يقف كولاروف أمامه بدلا من غاراته الهجومية، وأمام بلد الوليد أيضا، حصل ظهير الفريق على الحرية الكاملة بعد خروج ديمبلي ودخول فيدال، حيث بقى روبرتو وحيدا أمام هجمات المنافس، لأن الشيلي ليس جناح على الخط، ولا حتى لاعب وسط يستلم تحت الضغط، لتقل خطورته وأهميته ويظهر بشكل سيء في الدقائق التي لعبها.

 

تكتيكيا، تبقى مشاكل برشلونة حاضرة أمام الفرق التي تضغطه، لأن راكيتتش سيء جدا في هذا المجال، ولا يزال الوقت طويلا أمام أرثور، وعدم قيام الفريق بالتعاقد مع لاعب رقم 6، لكن تبقى هذه المشاكل مقبولة أمام سلبية فالفيردي وخوفه من التغيير، فالمدرب لا يعطي الجدد دقائق كافية، من خلال جلوس لونجليه وأرثور على الدكة، وخوفه الشديد من التجربة وارتكاب الهفوات، حتى في افتتاحية الليجا، وكأن الفريق سيتطور من دون تجارب وأخطاء.

“أضعت في مسيرتي أكثر من 9000 رمية، خسرت حوالي 300 مباراة، 26 مرة أحصل على المحاولة الأخيرة في المباراة وأضيع الفرصة. فشلت مرة واثنتين وثلاث في حياتي، حتى عرفت قيمة النجاح ووصلت له”، يقول أسطورة السلة مايكل جوردان هذه الكلمات، وكأنه يقوم بإسقاط مباشر على فالفيردي، الرجل المتحفظ الذي لا يحاول أبدا، ويخاف بشدة من الخطأ، ولا يعطي الجدد أو الصغار الفرصة، هو لا يكرههم أبدا، لكنه لا يثق فيهم، ولا يؤمن بأي جديد، إنها صفات الموظف لا المدرب، التي ستقتل برشلونة، وكأن تجربة روما سقطت في بئر النسيان.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى