صلاح ومنظومة الفساد

كتب- أ.د. حسني نصر

التعاطف الشعبي الجارف مع محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنجليزي في أزمته الأخيرة مع اتحاد الكرة المصري يؤكد من جديد أن العملة الجيدة قادرة علي طرد سلة العملات الرديئة من السوق، وأن حب الناس كنز لا يُشتري بالمال أو ببرامج الفضائيات والصحف الصفراء المفتوحة على مصراعيها  للحاقدين والشامتين وضعاف النفوس.

حقق صلاح ما لم يحققه لاعب مصري من قبل، ودخل قلوب الناس ليس فقط بمهارته في تسجيل الأهداف، ولكن أيضا بتواضعه وأدبه، وعطائه الكبير.

في عام واحد أصبح صلاح أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وهدافه، وأفضل لاعب في قارة إفريقيا، وثالث أفضل لاعب في أوروبا، ومع ذلك ما زال أنصاف النجوم الذين يأكلون على كل الموائد ويتاجرون بكل شيء، يهاجمونه ويتجنون عليه لأنه فقط كشف بعض أوجه الفوضى والقصور والفساد التي تضرب المنظومة الكروية في مصر، وطالب ببعض حقوقه وحقوق زملائه في المنتخب القومي المصري. أباطرة الفساد في الكرة المصرية يريدون أن يكون الكل فاسدا، ولذلك لا يعجبهم من يلتزم الاستقامة مثل صلاح، ومن قبله النجم الخلوق محمد أبو تريكة.

مشكلة صلاح وأمثاله من أبناء مصر الناجحين أنهم يجدون أنفسهم على الدوام في مواجهة مافيا أعداء النجاح، التي تضم خليطا منوعا من الانتهازيين وتجار الوطنية واللصوص، الذين احتلوا في غفلة من الزمن مناصب قيادية وسيطروا على الصحف وشاشات التلفزيون، وراحوا يوزعون صكوك الوطنية الزائفة على الآخرين. هؤلاء الذين تحركهم الأموال التي تتدفق عليهم من الداخل والخارج، ينتهزون كل الفرص المتاحة للانتقام ممن يتمرد على منظومتهم العفنة.

مشكلة صلاح أنه إنسان، وتلك صفة لا يعرفها أعداء النجاح الذين اعتادوا على نهب كل ما تصل إليه أيديهم. بعضهم أمضى سنوات يلعب في أوروبا، ومع ذلك لم يقدم جنيها واحدا لأبناء بلده، وعندما عاد من الخارج دخل بسرعة دائرة النهب والفساد، ووصل الأمر بأحدهم إلى سرقة قمصان المنتخب عشية سفره إلى روسيا للمشاركة في كأس العالم، ثم سافر معززا مكرما إلى موسكو على درجة رجال الأعمال. في المقابل  لم يبخل محمد صلاح على وطنه وأبناء قريته، وهو ما دفع البعض إلى إطلاق لقب “ملك الأعمال الخيرية” عليه، تقديرا للتبرعات والدعم المالي السخي الذي قدمه للعديد من المؤسسات، أبرزها تبرعه  بخمسة ملايين جنيه لصندوق تحيا مصر، و12 مليون جنيه لمستشفى سرطان الأطفال، و8 ملايين جنيه لإنشاء معهد ازهري لأبناء قريته،  و5 ملايين جنيه لتطوير المستشفيات ودور الأيتام، بالإضافة إلى أعمال خيرية أخرى كثيرة، تتولاها المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمه.

في أزمة صلاح مع المنظومة الفاسدة فى الكرة المصرية أبحث عن المواقف التي لا ينساها قادة هذه المنظومة الرثة لصلاح، حتى قبل أن ينتقل إلى ليفربول ويصبح أفضل لاعب في إنجلترا وفي إفريقيا وثالث أفضل لاعب في أوروبا. لا ينسي هؤلاء لصلاح أنه تعاطف مع شهداء ستاد بورسعيد من جماهير النادي الأهلي، وعندما انتقل إلى فيورنتينا الإيطالي ارتدى القميص رقم 74 في إشارة واضحة إلى عدد شهداء هذه المذبحة، وتعاطف مع شهداء مذبحة ملعب الدفاع الجوي من جماهير الزمالك، أما الجريمة الأكبر التي يعاقبون صلاح بسببها فهي صداقته للنجم المعتزل محمد أبو تريكة الذي تخلصوا منه بإلصاق تهمة الإرهاب به وصادروا أمواله، وأبعدوه مجبرا عن مصر. لك الله وحب المصريين كلهم يا صلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى